قصة اكتشاف النيترون
النيوترون Neutron جسيم أولي (دون ذري) لا يحمل شحنة كهربائية، كتلته تساوي تقريباً كتلة البروتون، يوجد في أنوية الذرات، كما يمكن أن يوجد خارجها حيث يدعى بالنيوترون الحر. النيوترون الحر غير مستقر له متوسط عمر قدره حوالي 886 ثانية حوالي 15 دقيقة، حيث يتحلل بعد هذه الفترة القصيرة يتحلل إلى بروتون وإلكترون. كون النيوترونات غير مشحونة يجعل من الصعب كشفها أو التحكم بها، الأمر الذي أدىلتأخر اكتشافها. فقد تم اكتشافها من قبل عالم الفيزياء حامل جائزة نوبل جيمس شادويك.
كما أن النيوترونات الحرة (الإشعاعات النيوترونية) لها قدرتها العالية على النفاذ. الطريقة الوحيدة لتغيير مسار النيوترون هي بوضع نواة في مساره،حيث يتم تصادم تام المرونة. لكن احتمال اصطدام نيوترون حر متحرك بنواة ما ضمن المادة ضعيف جداً بسبب الفرق الهائل بين حجم النيوترون أو النواة بالنسبة للذرة (أي أن الذرة تحوي فراغاً كبيراً)، مما يعطي النيوترونات قدرة كبيرة علىالاختراق. تستخدم النيوترونات في شطر أنوية العناصر الثقيلة في المفاعلات النووية الانشطارية.
قصة اكتشافه:
لاحظ بروت أنه عند قياسه لأوزان الذرات فإن أوزانها مضاعفات لوزن ذرة الهيدروجين؛ فاقترح أن الذرات تتكون من ذرات الهيدروجين، ولكن عندما طرح رذرفورد فكرة وجود النواة قام العلماء بتعديل فكرة بروت إلى أن أنوية الذرات هي التي تتكون من مضاعفات نواة الهيدروجين التي أسموها فيما بعد بالبروتون نسبة إلى بروت وأن شحنة هذا البروتون تساوي شحنة الإلكترون ولكنها موجبة أي أن في النواة عدد من الشحنات الموجبة تتوزع في كثافة النواة.
هذا يتناقض مع تجارب جايجر ومارسدن التي أثبتت أن الشحنة الموجبة تتركز في نصف كثافة النواة، فأصبح الأمر محيراً فافترض أحدهم أن الإلكترونات موجودة في النواة مع البروتونات ولكن هل يمكن أن يكون الإلكترون موجود داخل النواة؟
إذا حسبنا طول موجة الإلكترونات تفاجأنا بأنها أكبر كثيراً من طول نصف قطر النواة، فطول موجة الإلكترون أكبر بمئة مرة من نصف قطر النواة وبالتالي كان ينبغي إعادة النظر في مكونات النواة.
تم فهم التركيب النووي عام 1932م وقبل هذا التاريخ بسنتين اكتشف العالمين بوث وبيكر أنه عند قذف البريليوم بجسيمات ألف المنبعثة من عينة البولونيوم تنبعث إشعاعات ذات قابلية شديدة لاختراق المواد:
تحقق لبوث وبيكر من أن هذه الأشعة لا تمتلك شحنة وعليه كان من المعقول أن يفترض هذان العالمان بأنها إشعاعات جاما وأشعة جاماهي موجات كهرومغناطيسية ذات أطوال موجية صغيرة.
لو كان هذا التفسير صحيحاً لكانت القابلية الشديدة لهذه الإشعاعات لاختراق المادة (بضعة سنتيمترات من الرصاص) تشير إلى أنها يجب أن تكون: ذات أطوال موجية قصيرة جداً غير مألوفة سابقاً!
اهتم علماء آخرين بهذه الإشعاعات وفي إحدى التجارب لاحظ كوري وجوليوت أنه عندما تسقط هذه الأشعة على كتلة من البرافين (مادة غزيرة بالهيدروجين) تنبعثبروتونات إلى الخارج، وللوهلة الأولى لا تبدو هذه الظاهرة غريبة إذ تستطيع الأشعةالسينية أن تعطي طاقة إلى الإلكترونات خلال تصادم (تشتت) كومبتون، وبنفس الطريقة نتوقع أن أشعة جاما ذات الأطوال الموجية الأقصر تستطيع أن تعطي طاقة للبروتونات:
تأثير كمبتون
لقد وجد كوري وجوليوت أن طاقة البروتونات المندفعة قد تصل إلى حوالي 5.3Mev وإذا حسبنا الطاقة الدنيا لفوتون يعطي هذه الطاقة الحركية للبروتون عن طريق تصادم كومبتون نجد أننا نحتاج إلى طاقة دنيا للفوتون مقدارها 53Mev وهذه النتيجة غريبة!
لأنه لم تعرف نواة تبعث إشعاعات بمثلهذه الطاقة العالية.
إضافة إلى ذلك فالحسابات على أساس هذا التفاعل بينجسيمات ألفا والبريليوم لتكوين نواة الكربون وانبعاث فوتون تشير إلى نقصان فيالكتلة مقداره 10.7Mev
وهذه الطاقة حوالي خمس الطاقة اللازمة لفوتون أشعة جاما لكي يدفع بروتوناً بطاقة حركية مقدارها 5.3Mev خارج البرافين.
وفي عام 1932م اقترح شادويك زميل راذرفورد نظرية جديدة لتفسير الإشعاعات المبهمة المنبعثة من البريليوم عند قذفها بجسيمات ألفا، وافترض هذا العالم أن هذه الإشعاعات جسيمات متعادلة ذات كتلة تساوي كتلة البروتون تقريباً وسماها النيترونات، إن قابلية هذه الجسيمات لاختراق المادة هي نتيجة:
تعادلها الكهربائي وتحقق كتلتها المقترحة بصورة جيدة طاقة البروتونات المندفعة، ذلك أن جسيماً متحركاً يتصادم مباشرة مع جسيم ساكن له نفس الكتلة يستطيع أن يعطي جميع كتلته إلى الجسيم الساكن.
وعليه فإن الطاقة العظمي هي 5.3Mev المكتسبة من قبل البروتون تتطلب نيوترون ذو طاقة حركية مقدارها 5.3Mev فقط بدلاً من 53Mev اللازمة لأشعة جاما لإحداث نفس التأثير.
إذن المعادلة تكون صحيحة كالتالي:
وسبب تأخر اكتشاف النيترون هو أنه لا يحمل شحنة ولا يتأثر بالمجالين الكهربائي والمغناطيسي. وهذا الاكتشاف هو الذي وضع الفيزياء النووية على الطريق التي أدتفي النهاية إلى صنع القنبلة الذرية.
للاستزادة يمكنكم الرجوع لمصادر هذا الموضوع:
كتاب مفاهيم في الفيزياء الحديثة، ترجمة د. منعم مشكور / د. شاكر جابر شاكر