كيف فسرت النظرية النسبية سر المغناطيسية في الأسلاك الكهربائية
سلسلة تبسيط مفاهيم الفيزياء
هَل تَساءلتَ يَوْمًا كَيفَ يُمكنُ لِسِلكٍ مُوصلٍ يَمرُّ فيهِ تيارٌ كهربائيٌ أنْ يُولدَ مجالًا مغناطيسيًا؟ هَل فَكرتَ في سرِّ قوةِ المغناطيسِ الكهربيِ في رفعِ السياراتِ؟ نَحنُ نَستخدمُ المغناطيساتِ الكهربائيةِ يوميًا سواءٌ في المحركاتِ الكهربائيةِ التي تشغلُ أجهزتَنا المنزليةَ، أَو المولداتِ التي تعتمدُ على المغناطيساتِ الكهربائيةِ في إنتاجِ الكهرباءِ، وحتَّى أجهزةِ التصويرِ بالرنينِ المغناطيسيِّ التي تُساعدُ في تشخيصِ الأمراضِ في المستشفياتِ، مِنْ أَينَ نتجَ المجالُ المغناطيسيُّ وما هو مصدرُهُ، لِماذا يُحيطُ بالأسلاكِ التي تمرُّ فيها تيارٌ كهربيٌّ مجالًا مغناطيسيًا؟ قد تبدو هَذهِ الأسئلةُ كَأسرارٍ محيرةٍ، ولكن خلفَها يَكمنُ تفسيرٌ علميٌّ مذهلٌ يرتبطُ بأحدِ أَعظمِ اكتشافاتِ الفيزياءِ الحديثةِ ألا وهي النظريةُ النسبيةُ لأينشتاينَ.
مَرحبا بكم أعزائي في هَذهِ الحلقةِ من سِلسلةِ تبسيطِ مفاهيمِ الفيزياءِ على قناةِ الفيزياءِ التعليميةِ، سَنغوصُ في أَعماقِ هَذا العالَمِ الغامضِ ونتعرفُ على الرابطِ الخفيِّ بينَ الكهرباءِ والمغناطيسيةِ، وكيف يُمكنُ لنظريةِ النسبيةِ أن تشرحَ لنا ما لا يُمكنُ رؤيتُهُ بالعينِ المجردةِ.
نَعلمُ أنَّ المغناطيسيةَ ظاهرةٌ طبيعيةٌ اكتشِفَتْ في حجرِ المغنيتيتِ أو أكسيدِ الحديدِ الأسودِ، ونعلمُ أيضًا أنَّ عددًا قليلا من الموادِ يُمكنُ أن تصبحَ مغناطيسًا دائمًا، ولكن العديدَ من المعادنِ مثلَ النحاسِ والألومنيومِ تتحولُ إلى مغناطيساتٍ عند مرورِ تيارٍ كهربائيٍّ فيها. لقد اكتشفَ العالمُ أورستيد هَذهِ الظاهرةَ عامَ 1820 عندما لاحظَ انحرافَ إبرةٍ مغناطيسيةٍ بجوارِ سلكٍ يمرُّ فيهِ تيارٌ كهربائيٌّ وأطلقَ عليها المغناطيسَ الكهربيَّ. وعلى الرغمِ من دراسةِ هَذا الموضوعِ في المدرسةِ، إلَّا أنَّ سببَ حدوثِ هَذا الأمرِ ظلَّ غامضًا.
لِماذا يكتسبُ سلكُ النحاسِ خواصًا مغناطيسيةً عندما يمرُّ فيهِ تيارٌ كهربائيٌّ.
حلقةُ اليومِ ستكونُ مقسمةً إلى ثلاثةِ أجزاءٍ في الجزءِ الأولِ سَنتحدثُ عن التأثيراتِ المغناطيسيةِ من بابِ التذكيرِ بها، وفي الجزءِ الثاني سنوضحُ أحدَ نتائجِ النظريةِ النسبيةِ لأينشتاينَ والتي تُعرفُ باسمِ الانكماشِ الطوليِّ، وفي الجزءِ الثالثِ سَوفَ نقومُ بربطِ الأشياءِ بعضها ببعضٍ.
تَخيل معي سلكًا نحاسيًا تتدفقُ فيهِ الإلكتروناتُ إلى الأسفلِ بواسطةِ مصدرِ جهدٍ مثلَ البطاريةِ، ونعلمُ أنَّ اتجاهَ التيارِ الاصطلاحيِّ سيكونُ في اتجاهٍ عكسَ حركةِ تدفقِ الإلكتروناتِ أي إنَّهُ يتجهُ نحوَ الأعلى، في أي وقتٍ t سَنجدُ أنَّ كثافةَ الشحناتِ الإجماليةِ في الكابلِ تساوي صفرًا، أي إنَّ عددَ الشحناتِ الموجبةِ يُساوي عددَ الشحناتِ السالبةِ لكلِّ وحدةِ حجمٍ من السلكِ، لذا يكونُ السلكُ متعادلًا كهربائيًا.
الآن دعنا نضعُ شحنةً موجبةً في حالةِ سكونٍ على يمينِ السلكِ وسَنطلقُ عليها اسمَ شحنةِ اختبارٍ.
حسنًا، لا يحدثُ شيءٌ بالطبعِ، لأنَّ السلكَ متعادلٌ كهربائيًا لذا لا يوجدُ سببٌ لأيِّ قوةٍ تؤثرُ على شحنةِ الاختبارِ، دعنا الآن نكسبُ شحنةَ الاختبارِ حركةً إلى الأسفلِ بسرعة v موازيةً للسلكِ، لدهشتنا، نجدُ أنَّ مسارَ شحنةِ الاختبارِ لم يَعدْ موازيًا للسلكِ، وتظهرُ أنَّ هناك قوةً جعلتْ شحنةَ الاختبارِ تنحرفُ بعيدًا عن السلكِ.
هَذا الأمرُ غريبٌ لأنَّ السلكَ كما يراهُ أيُّ مراقبٍ ساكنٍ هو متعادلٌ كهربائيًا، لِماذا يجبُ أنْ تشعرَ شحنةُ الاختبارِ بهَذهِ القوةِ التي تدفعُها بعيدًا عن السلكِ؟ وهنا قدمَ العلماءُ مفهومَ المجالِ المغناطيسيِّ وذلك لأنَّ تاريخيًا سببَ مرورِ تيارٍ في سلكٍ انحرافَ إبرةٍ مغناطيسيةٍ كانت بجوارِ هَذا السلكِ، ويمكنُ تحديدُ اتجاهِ المجالِ المغناطيسيِّ للسلكِ باستخدامِ قاعدةِ اليدِ اليمنى، عن طريقِ لفِّ أصابعِ اليدِ اليمنى حولَ السلكِ مع إصبعِ الإبهامِ يشيرُ في اتجاهِ التيارِ الاصطلاحيِّ فإنَّ أصابعَ اليدِ تشيرُ إلى حلقاتٍ حولَ السلكِ تُمثلُ المجالَ المغناطيسيَّ.
في مثالِنا، إذا طبقْنا هَذهِ القاعدةَ عندَ شحنةِ الاختبارِ، سَنجدُ أنَّ المجالَ المغناطيسيَّ في اتجاهِ الدخولِ على الصفحةِ أو الشاشةِ التي تشاهدُ الحلقةَ منها بمعنى أنَّهُ يتجهُ بعيدًا عنك عزيزي المشاهدِ.
والآن لدينا شحنةُ اختبارٍ موجبةٌ تتحركُ إلى الأسفلِ تتعرضُ لمجالٍ مغناطيسيٍّ من السلكِ الذي يمرُّ فيهِ تيارٌ كهربيٌّ وهَذا يذكرنا بأنَّ هناك قوةً مغناطيسيةً سوفَ تؤثرُ على الشحنةِ المتحركةِ يمكنُ تحديدُ اتجاهِها باستخدامِ أصابعِ اليدِ اليمنى مرةً أُخرى ولكن في هَذهِ المرةِ سنخصصُ إصبعَ السبابةِ في اتجاهِ حركةِ شحنةِ الاختبارِ وباقي أصابعِ اليدِ إلى اتجاهِ المجالِ المغناطيسيِّ ويكونُ إصبعُ الإبهامِ مشيرا إلى اتجاهِ القوةِ المغناطيسيةِ المؤثرةِ على شحنةِ الاختبارِ المتحركةِ.
بتطبيقِ هَذهِ القاعدةِ على مثالِنا، نجدُ أنَّ شحنةَ الاختبارِ الموجبةَ المتحركةَ إلى الأسفلِ تؤثرُ عليها قوةٌ نحوَ اليمينِ لتدفعَها بعيدًا عن السلكِ، ولحسابِ مقدارِ هَذهِ القوةِ، نضربُ مقدارَ الشحنةِ في سرعتِها في شدةِ المجالِ المغناطيسيِّ.
حسنًا، هَذا مراجعةٌ سريعةٌ لما تعلمناهُ في المدرسةِ أو الجامعةِ وهو يعملُ جيدًا في وصفِ ما يحدثُ. وسأتركُ لكم في صندوقِ الوصفِ شرحًا مفصلًا لهذا الموضوع.
نعودُ الان إلى موضوعِنا ومما سبقَ نجدُ أنَّ المجالَ المغناطيسيَّ لسلكٍ يمرُّ فيهِ تيارٌ قد ظهرَ بشكلٍ مناسبٍ من لا شيءٍ، كأنَّهُ أُضيفَ أو اختُرعَ لكي تتطابقَ النظريةُ مع الملاحظاتِ العمليةِ.
كانت هَذهِ الحالةُ في نهايةِ القرنِ التاسعِ عشرَ، في ذلكَ الوقتِ، تمكنَ ماكسويل من تلخيصِ كلِّ ما كان معروفًا عن الكهرباءِ والمغناطيسيةِ في أربعِ معادلاتٍ.
بعبارةٍ أُخرى، وحَّدَ ماكسويل القوى الكهربائيةَ والمغناطيسيةَ في نظريةٍ واحدةٍ اشتملت على أربعة معادلات، سُمِّيتْ بالنظريةِ الكهرومغناطيسيةِ، ولكن مع ذلكَ لم يُفسرْ ماكسويل سببَ عملِ هَذهِ المعادلاتِ، ولم يجبْ أيضًا على التساؤلِ لِماذا السلكُ المارُّ بهِ تيارٌ يؤثرُ على الشحنةِ المتحركةِ ولكن لا يُؤثرُ على الشحنةِ الساكنةِ!
لم يستغرقِ الأمرُ وقتًا طويلًا لشخصٍ ما ليكتشفَ الأمرَ، وكانَ ذلكَ الشخصُ هو أينشتاينَ عندما نشرَ نظريتَهُ الخاصةَ بالنسبيةِ.
وهنا ازال أينشتاينَ الغموضَ عن الطبيعةِ الحقيقيةِ للمجالاتِ المغناطيسيةِ.
إنَّ شرحَ النظريةِ النسبيةِ خارجَ سياقِ هَذا الفيديو ولكن سأضعُ لكَ رابطًا في صندوقِ الوصفِ سبقَ أنْ تحدثنا فيهِ عن النظريةِ النسبيةِ يمكنكَ مشاهدتُهُ لاحقًا، وفي موضوعِ اليومِ سَوفَ نركزُ فقط على أحدِ نتائجِ النظريةِ النسبيةِ وهي الانكماشُ الطوليُّ.
تَخيلْ جسمًا مستطيلَ الشكلِ لهُ أبعادُ ارتفاعٍ وطولٍ وعرضٍ، يقومُ شخصٌ في حالةِ سكونٍ بالنسبةِ لهَذا الجسمِ ويقيسُ طولَهُ ليجدهُ lo، وهو ما نسميهِ الطولَ الحقيقيَّ. الآن اعتبرْ أنَّ هَذا الشخصَ أصبحَ متحركًا بسرعةِ v في اتجاهٍ موازٍ لطولِ الجسمِ المستطيلِ، يقيسُ أيضًا الطولَ ليجدهُ l، تنصُّ النسبيةُ الخاصةُ على أنَّ الطولَ l المقاسَ من قبلِ المراقبِ المتحركِ سيكونُ أقلَّ من lo الطولِ المقاسِ من قبلِ المراقبِ الساكنِ، أما العرضُ والارتفاعُ فيبقيانِ كما هما بالنسبةِ لكلا المراقبينِ لأنَّهما عموديانِ على سرعةِ المراقبِ المتحركِ، تكونُ قيمةُ l هي lo مضروبةً في العاملِ النسبيِّ الذي هو جذرُ مربعِ 1 ناقصَ نسبةَ مربعِ السرعةِ على مربعِ سرعةِ الضوءِ، حيثُ v هي سرعةُ المراقبِ المتحركِ وc سرعةُ الضوءِ، بعبارةٍ أُخرى، يبدو أنَّ الجسمَ قد انكمشَ بالنسبةِ للمراقبِ المتحركِ عمَّا هو بالنسبةِ للمراقبِ الساكنِ.
لتوضيحِ هَذا الأمرِ لكَ هنا لدينا صورتانِ لنفسِ الباصِ ولكن الأولى تمَّ التقاطُها والمصورُ في حالةِ سكونٍ بالنسبةِ للباصِ والثانيةُ التُقطتْها وهو متحركٌ بسرعةٍ كبيرةٍ بالنسبةِ للباصِ.
عندما كانَ المصورُ متحركًا ظهرَ الباصُ أقلَّ من طولِه الأصليِّ، وبالطبعِ نحنُ لا نلحظُ هَذا التأثيرَ لأنَّ سرعتَنا مهما بلغتْ أقلُّ بكثيرٍ من سرعةِ الضوءِ، لكنْ في السرعاتِ العاليةِ فإنَّ الانكماشَ الطوليَّ حقيقيٌّ وهو أحدُ نتائجِ النظريةِ النسبيةِ ومثبتٌ عمليًا، أعلمْ أنَّ هَذا أمرٌ غريبٌ ولكنْ هَذا هو حالُ الكونِ وكيفَ يعملُ!
الآن، دعنا نرى ما هو تأثيرُ الانكماشِ الطوليِّ مع السلكِ المارِّ بهِ تيارٌ وشحنةُ الاختبارِ. السلكُ الموصلُ مكونٌ من أيوناتٍ موجبةِ الشحنةِ في حالةِ سكونٍ وتحيطُ بها إلكتروناتٌ سالبةُ الشحنةِ حرةُ الحركةِ. وكميةُ الشحنةِ الموجبةِ في السلكِ تساوي كميةَ الشحنةِ السالبةِ وهَذا يُؤكدُ أنَّ السلكَ متعادلٌ كهربائيًا، وبالتالي فهو ليسَ لهُ أيُّ مجالٍ كهربيٍّ حولهُ وبالتالي لا تشعرُ شحنةُ الاختبارِ بأيِّ قوةٍ كهربيةٍ.
الآن، عندما تتحركُ شحنةُ الاختبارِ الموجبةُ بسرعةٍ ثابتةٍ إلى الأسفلِ تساوي سرعةَ الإلكتروناتِ في السلكِ الموصلِ، ولنفترضْ أنَّ هناكَ مراقبًا يتحركُ مع شحنةِ الاختبارِ. هَذا يعني أنَّ المراقبَ ساكنٌ بالنسبةِ لشحنةِ الاختبارِ.
يلاحظُ المراقبُ والذي يتحركُ مع شحنةِ الاختبارِ أنَّ الشحناتِ الموجبةَ تتحركُ إلى الأعلى بنفسِ سرعةِ شحنةِ الاختبارِ في حينِ أنَّ الشحناتِ السالبةَ ساكنةٌ بالنسبةِ للمراقبِ.
تمامًا مثلما يحدثُ عندما تكونُ جالسًا في قطارٍ متحركٍ بسرعةٍ ثابتةٍ ويرصدُكَ مراقبٌ مستندٌ على إحدى الأشجارِ خارجَ القطارِ بأنَّكَ تتحركُ في اتجاهِ الشمالِ في حينِ أنَّكَ داخلَ القطارِ تُراقبُ الأشجارَ وتجدُها تتحركُ بالنسبةِ لكَ في اتجاهِ الجنوبِ.
في محورِ إسنادِ المراقبِ أو شحنةِ الاختبارِ فإنَّ الشحناتِ الموجبةَ المتحركةَ تخضعُ لتأثيرِ الانكماشِ الطوليِّ. نتيجةً لذلكَ، تُصبحُ المسافاتُ بينَ الشحناتِ الموجبةِ أقصرَ مما يجعلُ كثافةَ الشحناتِ الموجبةِ تبدو أعلى بالنسبةِ لشحنةِ الاختبارِ. في حينِ أنَّ كثافةَ الشحناتِ السالبةِ تبقى كما هي لأنَّ الشحناتِ السالبةَ في حالةِ سكونٍ بالنسبةِ للمراقبِ وشحنةِ.
هَذا يجعلُ السلكَ يبدو كأنَّهُ مشحونٌ بشحنةٍ كليةٍ موجبةٍ بالنسبةِ لشحنةِ الاختبارِ المتحركةِ. وبالتالي، تتأثرُ شحنةُ الاختبارِ المتحركةُ بقوةِ تنافرٍ تدفعُها بعيدًا عن السلكِ. هَذهِ القوةُ هي القوةُ الكهربائيةُ التي تتأثرُ بها شحنةُ الاختبارِ نتيجةً للانكماشِ الطوليِّ.
إذًا، القوةُ المغناطيسيةُ التي نتحدثُ عنها هي في الواقعِ قوةٌ كهربائيةٌ من محورِ إسنادٍ متحركٍ بالنسبةِ للسلكِ. هَذا يعني أنَّ ما نراهُ كمجالٍ مغناطيسيٍّ في محورِ إسنادٍ ساكنٍ، هو في الحقيقةِ عبارةٌ عن تأثيرٍ للنسبيةِ الخاصةِ على القوى الكهربائيةِ. وبذلكَ نكونُ قد اكتشفنا أنَّ المجالاتِ المغناطيسيةَ ليست شيئًا مستقلاً، بل هي نتيجةً للنسبيةِ الخاصةِ والقوى الكهربيةِ.
في النهايةِ، ما ندركُهُ كمجالٍ مغناطيسيٍّ في حالةِ السكونِ هو في الواقعِ مجالٌ كهربائيٌّ عندَ مراقبتِهِ من خلالِ محورِ إسنادٍ متحركٍ. هَذا هو ما يكونُ عليهِ المجالُ المغناطيسيُّ.
إنَّهُ مجالٌ كهربائيٌّ لا يُمكنُ رؤيتُهُ إلَّا بهَذهِ الطريقةِ عندَ مراقبتِهِ من خلالِ محورِ إسنادٍ متحركٍ. وأرى أنَّ المغناطيسيةَ هي ظاهرةٌ ناشئةٌ تظهرُ عندما ندمجُ النظرياتِ الكهروستاتيكيةَ والكهروديناميكيةَ الكلاسيكيةَ مع النسبيةِ الخاصةِ.
قد يتبادرُ إلى ذهنِكَ عزيزي المشاهدِ بعدَ أنْ وصلتَ إلى هَذهِ المرحلةِ وماذا عن المغناطيساتِ الدائمةِ؟”
حسنًا، إذا تعمقتَ في بنيةِ المادةِ المغناطيسيةِ، ستدركُ أنَّ في جوهرِها، لا تزالُ الظواهرُ الكهربائيةُ هي المسؤولةَ عن الخصائصِ المغناطيسيةِ لتلكَ المادةِ. فحركةُ الإلكتروناتِ الدورانيةِ حولَ النواةِ أو الحركةِ المغزليةِ حولَ نفسها هي المسؤولةُ عن تشكلِ الخواصِ المغناطيسيةِ للموادِ المغناطيسيةِ الدائمةِ.
لذلكَ، في جميعِ الحالاتِ، تكونُ المجالاتُ المغناطيسيةُ مجردَ ظواهرٍ ناشئةٍ؛ فهي ليستْ أساسيةً. ومع ذلكَ، فإنَّ الصيغةَ الرياضيةَ التي تمَّ تطويرُها قبلَ فهمِ طبيعةِ المجالاتِ المغناطيسيةِ فعالةٌ وعمليةٌ بشكلٍ مذهلٍ، ويجبُ الاستمرارُ في استخدامِها.
نعم، وبالتأكيد لا تُريدُ تضمينَ المفاهيمِ النسبيةِ عندَ دراسةِ مكوناتِ الحثِّ في دائرةٍ كهربائيةٍ؛ لأنَّ هَذا سيجعلَ ذلكَ دراسةَ الفيزياءِ أو الهندسةِ الكهربائيةِ أمرًا صعبًا للغايةِ.
تمامًا مثلما نستخدمُ نظريةَ بور لتبسيطِ الذرةِ بدلًا من استخدامِ معادلةِ شرودنجرَ التفاضليةِ لأنَّ نظريةَ بور تعطينا النتائجَ المطلوبةَ، وكذلكَ الحالُ فإنَّ نظريةَ ماكسويلَ للكهرومغناطيسيةِ تعملُ على حلِّ كلِّ شيءٍ وعلينا أنْ نستمرَّ في الاعتمادِ عليها.
ما أحببتُ أنْ أنقلهُ لكمْ أعزائي من خلالِ هَذهِ الحلقةِ هو كيفَ أنَّ الفيزياءَ تُبسطُ الأمورَ التي هي في جوهرِها معقدةٌ على عكسِ ما هو شائعٌ عن الفيزياءِ، والأمرُ الآخرُ هو كيفَ يكونُ التعمقُ في فهمِنا للفيزياءِ من خلالِ ربطِ المفاهيمِ والمواضيعِ المتنوعةِ معَ بعضِها البعضِ.
وفي نهايةِ رحلتِنا المثيرةِ عبرَ عالمِ الفيزياءِ، نكونُ قد اكتشفنا كيفَ يمكنُ للنظريةِ النسبيةِ لأينشتاينَ أنْ تفتحَ لنا أبوابَ الفهمِ العميقِ للعلاقةِ بينَ الكهرباءِ والمغناطيسيةِ. لقدْ رأينا كيفَ أنَّ ما نعتبرُهُ مجالًا مغناطيسيًا هو في الحقيقةِ قوةٌ كهربائيةٌ تتجلى بفضلِ التأثيراتِ النسبيةِ.
هَذهِ النظرةُ الجديدةُ لا تجعلُنا نفهمُ الظواهرَ المغناطيسيةَ بشكلٍ أعمقَ فحسب، بل تُظهرُ لنا أيضًا كيفَ تتداخلُ المفاهيمُ العلميةُ لتبنيَ لنا صورةً متكاملةً عنَ الكونِ.
أشكركمْ على متابعتِكمْ، وأتطلعُ لاستقبالِ تعليقاتِكمْ وأسئلتِكمْ.
لا تنسوا الإعجابَ بالفيديو والاشتراكَ بالقناةِ ليصلكمْ كلُّ جديدٍ.
حتَّى نلتقيَ في الحلقةِ القادمةِ،
دمتمْ في أمانِ اللهِ، والسلامُ عليكمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ.
phr1dn