[فيديو] أسرار نظرية النسبية الخاصة لاينشتاين وتجاربه الفكرية
نظرية النسبية الخاصة لألبرت أينشتاين هي واحدة من أكثر النظريات الفيزيائية إثارة للعقول والحديث عنها. ومع ذلك، هل تعلم أن هذه النظرية بدأت في مجرد تجارب فكرية بسيطة؟ في هذا الفيديو، سنستكشف أسرار نظرية النسبية الخاصة لأينشتاين والتجارب الفكرية التي أدت إلى ولادتها. في هذا الفيديو، سنكشف أسرار نظرية النسبية الخاصة لألبرت اينشتاين وتجاربه الفكرية. تعرف على المزيد حول أحد أعظم العلماء في التاريخ ونظريته الثورية!
في عام 1894، اقترح أحد معلمي المدرسة الثانوية على أحد طلابه بأن يغادر الصف لأنه لم يكن سعيد بأدائه. هذا الطالب قبل النصيحة ولم يعد مرة أخرى. في وقت لاحق، حاول التقديم إلى جامعة مرموقة، لكنه فشل في امتحان القبول. وفي وقت لاحق من حياته، عندما حاول الحصول على وظيفة حلمه كأستاذ، لم توافق أي جامعة على توظيفه. اضطر للاكتفاء بوظيفة بسيطة كموظف كاتب في مكتب براءات الاختراع. لم يذكر التاريخ أسم المعلم الذي طرده أو أسماء الجامعات التي رفضت توظيفه. هذا الطالب أحدث ثورة في عالم الفيزياء، وتمكن أيضًا من تغيير طريقة نظرتنا الكون.
في عام 1999، اختارت مجلة تايم تسميته كرجل القرن. اليوم، اسمه مرادف للعبقرية. أتحدث، عن العالم المشهور ألبرت أينشتاين. لقد بدأت هذه الثورة في الفيزياء بتجربة فكرية بسيطة، ابتكرها في خياله الخصب قبل حتى تخرجه من المدرسة الثانوية. ما هي هذه التجربة الفكرية البسيطة، وكيف أدت إلى أكبر ثورة في الفيزياء منذ إسحاق نيوتن؟ هذا ما سنتناوله في هذا الفيديو. بعنوان
نظرية النسبية الخاصة لألبرت أينشتاين
لفهم كيف كانت نظرية النسبية الخاصة لأينشتاين ثورية في وقتها، فمن المفيد النظر إلى ما كان عليه الفهم السائد للفيزياء قبل أينشتاين.
في عام 1801، أجرى توماس يونغ تجربة بسيطة لفتحة مزدوجة أظهرت أن الضوء يتصرف كموجة. لذلك، كانت النظرية السائدة حول الضوء في ذلك الوقت أنه موجة. المشكلة هنا تكمن في أن الموجة يجب أن تتحرك خلال وسط ما. شيء ما يجب أن يكون هناك لتنتشر عبره الموجة، على غرار انتشار موجة ماء في البحر. ومع ذلك، كان الضوء يُعرف بأنه يسافر عبر الفضاء الخارجي، لأننا نستطيع رؤية النجوم البعيدة. لذلك، اعتقد العلماء أن الطريقة الوحيدة التي يمكن لموجات الضوء السفر بها عبر الفراغ هي من خلال وسط مادي افتراضي يعم المكان والكون بأسره. واطلقوا على هذا الوسط الافتراضي بالإثير. وكانت فكرة الاثير هذه دارجة حتى القرن التاسع عشر.
في نهاية ذلك القرن، وبالتحديد في عام 1887، ابتكر العالمان ألبرت ميكلسون وإدوارد مورلي فكرة لاختبار وجود الإثير. كان يُعتقد أن الإثير ثابتًا وساكنًا، وان بسبب حركة الأرض، فانه لا بد وان يؤثر على سرعة الجسيمات أو الموجات. إذا كانت الموجة تسافر في نفس اتجاه الأرض، فإن سرعة الموجة يجب أن تكون أعلى في اتجاه حركة الأرض. هذا يشبه تمام لحركة قارب بسرعة أكبر إذا كان يتحرك مع تيار المياه بدلاً من التحرك ضده. لاختبار هذا الفرضية، صمم ميكلسون ومورلي جهازًا يقسم شعاعًا ضوئيًا ويعكسه من المرايا بحيث يتحرك في اتجاهات مختلفة ويصل في النهاية إلى نفس الهدف. كانت الفكرة هي أنه إذا سار شعاعان من الضوء على نفس المسافة عبر مسارات مختلفة خلال الإيثير، فإنهما يجب أن يتحركان بسرعات مختلفة. وبالتالي، عندما يصلان إلى الشاشة النهائية، فإن تلك الامواج ستكون غير متزامنة بشكل طفيف مع بعضها البعض، مما يتشكل عنها نمط تداخلي على الهدف.
المفاجأة كانت في النتائج التي أظهرت أنه لا يوجد فرق في سرعة الضوء بين القياسين. بغض النظر عن المسار الذي يأخذه الشعاع، يبدو أن الضوء يتحرك بنفس السرعة.
هذا وضع نظرية الإثير تحت التهديد، على الأقل بالنسبة للضوء. لم يستطع أحد تفسير هذا أو تقديم نظرية بديلة لشرحه. أُطلق على تجربة ميكلسون ومورلي بانها أكبر تجربة فاشلة على مر العصور.
هنا جاء دور ألبرت أينشتاين. كان مصطلح النسبية قد ورد قبل أينشتاين، لكن كان ينظر لمصطلح النسبية بطريقة مختلفة تمامًا. المصطلح نشأ مع جاليليو ونيوتن. لذا، على سبيل المثال، إذا كنت تسير على قطار متحرك وشخص ثابت على الأرض يراقب، ستكون سرعتك النسبية بالنسبة لهذا المراقب هي مجموع سرعة القطار وسرعة سيرك. هذا يبدو منطقيًا، ولكن هناك شيء ما خاطئًا في هذا التفسير الكلاسيكي للنسبية عندما يتعلق الأمر بالضوء.
قبل اينشتين، وبالتحديد في عام 1873، كان العالم جيمس ماكسويل قد اقترح أن الضوء هو موجة كهرومغناطيسية، وقد حسب سرعتها، وكانت تساوي تقريبًا ٣٠٠٬٠٠٠ كيلومتر في الثانية. وكان ألبرت أينشتاين على علم بهذا، وقام بتصوّر تجربة فكرية وهو في الـ ١٦ عامًا.
تخيل نفسه أنه يطارد شعاع ضوء بسرعة الضوء. فماذا سيرى؟ كتب في ملاحظاته، إذا نجح ألبرت الصغير في اللحاق بالشعاع، فإنني يجب أن أرى هذا الشعاع على أنه مجال كهرومغناطيسي في حالة سكون، على الرغم من الاهتزاز المكاني للشعاع. بعبارة أخرى، كان أينشتاين يعتقد أنه يجب أن يرى موجة ضوئية ثابتة. ولكن ذلك كان مستحيلاً. كان ألبرت يعلم أن مثل هذه المجالات الكهرومغناطيسية الثابتة تنتهك معادلات الكهرومغناطيسية التي وضعها جيمس ماكسويل قبل ٢٠ عامًا. وان أي تموجات في المجال الكهرومغناطيسي يجب أن تتحرك بسرعة الضوء ولا يمكن أن تبقى ثابتة. ولا استثناءات في ذلك.
بالإضافة إلى ذلك، استدل أينشتاين بأنه إذا كان شخص مسافرًا في قطار غير متسارع أي انه يتحرك بسرعة منتظمة قريبة من سرعة الضوء، فلن يكون هناك طريقة لهذا الشخص لمعرفة مدى سرعته إذا لم يكن هناك نوافذ للقطار. هذا كان الرأي الكلاسيكي للنسبية. لماذا يجب أن تكون قوانين الفيزياء مختلفة للشخص الذي يسافر بسرعة ثابتة مقارنة بشخص ثابت؟
بدا هذا التساؤل غير قابل للتصديق بالنسبة لأينشتاين. لذا، قام بوضع افتراضين وحاول معرفة كيف ستكون الفيزياء إذا كان الافتراضين صحيحين. الافتراض الأول هو أن قوانين الفيزياء هي نفسها لجميع محاور الاسناد. كان ذلك جزءًا من النظرية الكلاسيكية للنسبية التي قام بتاسيسها جاليليو. اما الافتراض الثاني هو أن سرعة الضوء في الفراغ ثابتة بالنسبة لجميع محاور الاسناد أي ان سرعة الضوء ثابتة ولن تتغير سواء من قام بالقياس مراقب ثابت أو مراقب متحرك.
الافتراض الأول كان مقبولا وقد افترضه العلماء منذ مئات السنين. أما الافتراض الثاني، فكان يحمل في طياته ثورة فيزيائية..
هذا يعني أن ألبرت الصغير لن يرى أبدًا المجالات الساكنة، لأنه لن يستطيع أبدًا اللحاق بشعاع الضوء. هذه كانت الطريقة الوحيدة التي رءاها أينشتاين لتتوافق النسبية مع معادلات ماكسويل.
لكن لهذا الحل هناك مشكلة كبيرة، وشرح أينشتاين لاحقًا هذه المشكلة بتجربة فكرية أخرى. تخيل إطلاق شعاع ضوئي على جانب سكة حديدية ليمر قطار بجانبه، بسرعة تصل إلى ٢٬٠٠٠ كيلومتر في الثانية وفي نفس اتجاه شعاع الضوء. سيقيس شخص اخر يقف على الرصيف سرعة شعاع الضوء بمقدار القيمة القياسية المعروفة وهي ٣٠٠٬٠٠٠ كيلومتر في الثانية، لكن شخص ما في القطار سيقيس سرعة الشعاع الضوئي بمقدار اقل أي بسرعة ٢٩٨٬٠٠٠ كيلومتر في الثانية.
إذا كانت سرعة الضوء غير ثابتة، فإن معادلات ماكسويل يجب أن تظهر بشكل مختلف داخل عربة القطار، وهذا سوف ينتهك فرضيته الأولى التي تفرض أن قوانين الفيزياء يجب أن تكون نفسها لجميع محاور الاسناد. هذا التناقض الظاهر جعل أينشتاين يفكر لعام تقريبًا.
ولكن في صباح أحد الأيام من شهر مايو عام ١٩٠٥، بينما كان يسير مع صديقه المقرب ميشيل بيسو، مهندس يعرفه منذ أيام المدرسة. وكانا يتحدثان عن هذا اللغز، وفجأة، رأى ألبرت الحل. حيث عمل على ذلك طوال الليل، وعندما التقيا في الصباح التالي، قال اينشتاين لبيسو: شكرًا، لقد حللت هذه المشكلة تمامًا.
الحل لتجربته الفكرية يكمن في أن الشخص الذي يسافر في القطار يجب أن يقيس الزمن بشكل مختلف عن الشخص على الرصيف. وهذا يجعل سرعة شعاع الضوء ثابتة بالنسبة للمراقبين الساكن والمتحرك لان المتحرك في القطار يقيس الزمن بشكل أكبر من الشخص الساكن، والتي تعرف بظاهرة التأخير الزمني.
هذه كانت لحظة الثورة. قلبت تمامًا مئات السنين من الفيزياء الكلاسيكية التي وضعها جاليليو ونيوتن، حيث كان الزمن ثابتًا ومطلقًا في الكون. أظهر أينشتاين أن الزمن نسبي ويختلف في محاور الاسناد المختلفة. لا يوجد محور اسناد مطلق وهنا قصد وسط الإثير المفترض. وبالتالي، لم يعد هناك حاجة لفكرة الإثير.
وتوالت النتائج المترتبة على النظرية النسبية الخاصة. أن الأجسام التي تتحرك بسرعات قريبة من سرعة الضوء يقل طولها والتي تعرف بظاهرة الانكماش الطولي. كما أن الأجسام التي تتحرك بسرعات كبيرة تملك كتلة اعلى من كتلتها في حالة السكون. وأخيرًا، مبدأ تكافؤ الكتلة والطاقة من خلال معادلة E=mc2 هذه المعادلة الأكثر شهرة في الفيزياء، والتي تعني أن الكتلة والطاقة متكافئتان.
لذا، السؤال الكبير الآن هو، كيف وضع أينشتاين معادلته الأكثر شهرة استنادًا إلى افتراضيه الأصليين؟ الرياضيات خلف هذا الامر معقدة إلى حد ما، ولكن دعونا نلقي نظرة عليها بشكل مبسط. في وقت ما، كانت الكتلة تحتفظ دائمًا بثباتها. في أي تفاعل، يجب أن تكون الكتلة التي تدخل في التفاعل مساوية للكتلة التي تخرج منه.
ولكن إذا تم تفسير مبدأ الحفاظ على الكتلة على أنه حفظ للكتلة الثابتة، فهذا لم يكن صحيحًا في النظرية النسبية الخاصة. نظرًا لأن المراقبين المختلفين سيختلفون فيما يتعلق بطاقة النظام، فإن الكتلة والطاقة معًا يجب أن يتم الحفاظ عليها، وليس الكتلة بمفردها. القطار الذي يسير بالقرب من سرعة الضوء لديه طاقة أكثر من قطار في حالة السكون، لكن الشخص الذي يركب القطار غير المتسارع قد لا يعرف أن القطار يتحرك. لذا، هذا الجسم الضخم يتحرك من وجهة نظر المراقب، لكنه في حالة سكون من وجهة نظر المراقب الآخر.
سيرى المراقب الأول طاقة الجسم كبيرة ويقيسها، اما المراقب الثاني ستكون مقدار الطاقة بالنسبة له صفر. وعليه يتضح ان هناك طاقة مرتبطة بجسم في حالة سكون، ليس فقط للجسم في حالة حركة، حتى تمثل m في معادلة E = mc² الكتلة في حالة السكون، وعليه فان جميع الكتل طاقة، حتى الكتل التي تكون في السكون.
تجدر الإشارة إلى أن الكثير من العلماء قد سبقوا اينشتاين في وضع الأسس الرياضية لمفاهيم وأفكار أينشتاين مثل لورنتز وبوانكاريه، وأن ثورة أينشتاين كانت مبنية على أكتاف علماء عظماء آخرين، الا ان أينشتاين قد حصل على التألق والشهرة والمجد مقارنة بالآخرين. وهو فعلا يستحق ذلك لأنه اخذ الأشياء المبعثرة والالغاز المشتتة وجمعها في إطار نظري جديد. فهو رفض فكرة الإثير، وهو شيء لم يفعله العلماء الاخرون، وأعلن بجرأة فهمًا جديدًا أساسيًا للزمان والمكان. ومفهوم تكافؤ الكتلة والطاقة من خلال E = mc². لم يكن العلماء الذين قاموا بأعمال سابقة مثل تومسون ولامور ولورنتز وبوانكاريه قد ألمحوا إلى مثل هذا الاقتراح الجريء. وكما هو الحال في الحياة، يميل التاريخ إلى الأشخاص الأكثر جرأة. نراكم في الفيديو القادم وحتى ذلك الوقت السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.