مقالات في الفيزياء

الثقوب السوداء الثنائية

معلومات جديدة يرصدها علماء الفلك تكشف لنا سرًا من أسرار هذا الكون الواسع، موجات جاذبية تنطلق من ثقبان أسودان يدوران حول بعضهما في مشهد غريب أطلق عليه العلماء رقصة الموت. فما سر هذه الرقصة، وما هي الثقوب السوداء الثنائية؟ وكيف تم إثبات وجود الثقوب السوداء الثنائية؟ وما هي دورة حياة الثقوب السوداء الثنائية؟

عرفنا في مقال سابق أن الثقب الأسود ناتج عن انفجار وموت نجم كبير في الفضاء؛ لتتوالى الأسئلة بعد مشاهد رصدها العلماء ثقبان أسودان يقتربان من بعضهما في الفضاء، أطلقوا عليه الثقوب السوداء الثنائية أو النظام الثنائي.

الثقوب السوداء الثنائية

اعلانات جوجل

ما هي الثقوب السوداء الثنائية؟

يتكون هذا النظام من ثقبين أسودين يدوران حول بعضهما في الفضاء بثبات، يرقصان رقصة الموت والتي ينتج عنها تموجات في نسيج الزمكان وإشارات ضوئية؛ ناتجة عن إشعاع الأجسام المحيطة بالثقبين بعد الاصطدام.

توقع العلماء نهايتان لهذه الرقصة:

إذا كان دوران الثقبان حول بعضهما في الفضاء بسرعة فائقة؛ فإن الثقب الأصغر يُقذف في الفضاء بفعل التأثير العالي من الثقب الآخر عليه

أما إذا كان دوران هذين الثقبين ببطء؛ ربما يقود إلى الاصطدام بعد حوالي 10 آلاف سنة حسب تقديرات العلماء.

اعلانات جوجل

كيف تم إثبات وجود الثقوب السوداء الثنائية؟ 

عند دوران ثقبان في الفضاء حول مدارهما تنطلق منهما موجات جاذبية، مع مرور الزمن يتناقص المدار الذي يدور فيه الثقبان وتقل المسافة بينهما؛ مما يقلل الزمن الدوري لدورانهما، ويستمر هذا التناقص حتى يندمج الثقبان معاً ليصبحا ثقباً واحداً منفردا.

ينتج عن اندماج الثقبان إطلاق كميات كبيرة من الطاقة على شكل موجات جاذبية خاصة، وفي الثواني الأخيرة قبل اندماجهما معاً تصل شدة وتردد موجات الجاذبية إلى ذروتها، ثم تتلاشى الموجات بعد اكتمال عملية الاندماج.

هذا الاندماج منح الثقوب السوداء أهمية علمية خاصة كون الثقوب السوداء الثنائية أحد أقوى المصادر الهامة لموجات الجاذبية، هذه الموجات هي التي ساعدت العلماء على رصد الثقوب السوداء الثنائية نظراً لصعوبة رصد مثل هذه الأنظمة بسبب طبيعتها الخاصة ومحدودية وسائل الرصد المتوفرة.

متى تم رصد أول ثقب أسود في الفضاء؟

تم إثبات وجود أول ثقب أسود ثنائي نجمي في الفضاء عن طريق رصد موجات الجاذبية بواسطة مرصد ليجو، عام 2015 تحديداً في 14 سبتمبر الساعة 9:50، حيث رصد العلماء عن طريق مرصد ليجو موجات جاذبية لثقب أسود ثنائي نجمي على بعد 1.3 مليار سنة من كوكب الأرض، أطلق النظام الموجات عند اصطدام ثقبين كتلتهما 36 و 39 كتلة شمسية لينتجا ثقباً منفرداً جديداً كتلته 62 كتلة شمسية،

وقبل حصول الاندماج بـ 20ms رصد العلماء طاقة جاذبية منبعثة من الثقب الثنائي تعادل 3 كتلة شمسية، بلغت ذروتها 3.6 × 10⁴⁹ watt وهذه الطاقة أكبر من مجموع طاقة النجوم في الكون المرئي.

اعلانات جوجل

كما رصد العلماء نظامين آخرين ربما يكونا ثقب أسود ثنائي فائق الكتلة لكن لم يتم إثبات ذلك بعد.

صوت حقيقي تم رصده لتصادم ثقبين أسودين

ما هي دورة حياة الثقوب السوداء الثنائية؟

المرحلة الأولى: المدار الحلزوني تعتبر هذه المرحلة هي الأطول زمناً، وتكون موجات الجاذبية المنبعثة من النظام ضعيفة بسبب كبر المسافة بين الثقبين

يفقد النظام الطاقة بشكل متسارع مع مرور الزمن؛ حيث تقل المسافة المدارية بين الثقبين وتزداد سرعتها مما يسبب زيادة في شدة تردد موجات الجاذبية المنبعثة، وتستمر عملية فقدان الطاقة حتى يصل النظام إلى المدار الدائري الداخلي المستقر.

المرحلة الثانية: الاندماج وفي هذه المرحلة تصل موجات الجاذبية ذروتها؛ حيث يقترب الثقبان من بعضهما بسرعة عالية ويندمجا في ثقب واحد منفرد.

المرحلة الأخيرة: الرنين الهابط وتبدأ هذه المرحلة عند اقتراب الثقبان من بعضهما، معظم موجات الجاذبية المنبعثة من النظام تذهب باتجاه أفق الحدث وتهبط سعتها، أما الموجات المتبقية فإنها تدور في مدار دائري حول الثقب المنفرد الجديد، وتطلق رنين يتلاشى سريعاً؛ لهذا سميت هذه المرحلة بالرنين الهابط.

هل يمكننا السفر عبر المجرة في المستقبل؟

لا يعتقد العلماء أن هناك مكان لتوقعات حدوث انفجار أو كارثه نتيجة اصطدام ثقبان معاً، ولكن يمكن أن تكون هناك فائدة من اصطدام الثقبان في السفر عبر المجرة؛ حيث افترض العلماء آلية سُميت “القيادة بالهالة” والتي تستغل الطاقة العالية المنبعثة من الثقوب السوداء الثنائية لتوفر طاقة دفع وزخم لمركبة فضائية، هذه الآلية تحتاج لشبكة من الثقوب السوداء الثنائية كي تنجح في توفير مصدراً للسفر عبر المجرة، فهل تنجح فرضيات العلماء ونتمكن من السفر عبر المجرة يوماً ما؟

حيلة جديدة من أسرار هذا الكون يكتشفها العلماء؛ تثبت لنا أن الكون ما زال غنياً بالعديد من المفاجآت والخبايا التي لا نعلمها، ومهما توصل العلماء للدراسات يبقى عصياً على الجنس البشري أن يفهم لغز هذا الكون بأكمله.

ختامًا للمقال، لا تنسوا دعواتكم الصادقة لروح كاتبة المقال الشهيدة تسنيم حجازي هي وعائلتها.

تسنيم حجازي

تسنيم حجازي، تبلغ من العمر 20 عامًا، كانت تدرس علوم فيزياء في جامعة الأزهر غزة مميّزة بشغفها وحبها لعلم الفيزياء، تتميّز بذكاء ورغبة قوية في استكشاف أعماق هذا المجال تبحث وتدرس بشغف وتفانٍ، لكنها استشهدت هي واسرتها في تاريخ 19/11/2023 بقصف غادر على منزلهم.. سيتم نشر المقالات التي كتبتها ليكونوا صدقة جارية عن روحها، شاهدة على إرثها العلمي ونقطة انطلاق لمن يأتوا بعدها، مستفيدون من علمها وإلهامها. دعواتكم الصادقة لروح تسنيم ولعائلتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى