طرق مكافحة الزاعجة المصرية Aedes aegypti
طرق مكافحة الزاعجة المصرية Aedes aegypti
أ. محمد سلمان داود المندعي
كاتب علمي – بكالوريوس علوم بحار وبيئة تخصص احياء بحرية ومصائد
بحسب منظمة الصحة العالمية فإن الزاعجة المصرية Aedes aegypti هي الناقل الرئيسي لمرض فيروس حمى الضنك، وفيروس زيكا وفيروس داء شيكونغونيا وفيروس الحمراء الصفراء إلي البشر، وهي منتشرة في المناطق المدارية وشبه المدارية حول العالم، في أسيا وأفريقيا وأستراليا ومنطقة البحر الكاريبي وأمريكا اللاتينية وغرب المحيط الهادئ وهي مستمرة في الانتشار، والآن وصلت إلي أمريكا الشمالية حيث اظهر تقرير مجلس حماية الموارد الطبيعية، مؤخراً إن 28 ولاية أمريكية الآن في خطر.
يمكن تميز هذا النوع من البعوض بواسطة الخطوط البيضاء على أرجلها، و نمط القيثارة على صدرها، وهى تتكاثر في أي تجمع مائي صغير راكد؛ ما يجعل من الصعب جداً مكافحتها، كما أن بيضها قوي، فهي يمكن أن تعيش لأشهر بدون ماء؛ ما يسمح لها بأن تنتقل في جميع أنحاء العالم ممتطية وسائل المواصلات المختلفة مستخدمة الإطارات والبضائع الأخرى التي توفر وسائل نقل مثالية لبيض البعوض، وهذا يؤدي إلي سرعة انتشار مرض حمى الضنك.
تأقلمت الزاعجة المصرية في الآونة الأخيرة في أسلوب حياتها، من العيش في غابات أفريقيا للعيش على مقربة من الناس في المناطق الحضرية وشبه الحضرية، فإن ما يسببه البشر من ضغوط واضطرابات ايكولوجية أدى إلي أن جلب الجراثيم الممرضة والكائنات الحية الأخرى في وضع تلامس متزايد مع السكان.
في حين أن التكنولوجيا والسلوك البشريين يزيدان من انتشار هذه الميكروبات الممرضة على نحو يتزايد دائما في اتساعه وسرعته، ففيروس حمى الضنك لا يوجد طبيعياً في البعوض وإنما يحصل عليه منا عندما يمزق البشر النظم الايكولوجية الطبيعية يعملون على إطلاق هذه الجراثيم من عوائلها الطبيعية فالميكروب الذي يدفع ويطرد من عائله المعتاد يصبح لديه خياران إن يجد عائلا جديداً أو أن ينقرض ونحن نصبح متاحون على نحو جد بارز ووافر.
وحري بالذكر انه لا يوجد حاليا أي علاج أو لقاح فعال للفيروسات التي تنقلها البعوض الزاعج، ماعدا الحمى الصفراء فان لها لقاح آمن وميسور التكلفة ويؤمن حصانة فعالة ضد الإصابة بالحمى.
آلية العدوى
إناث بعوض الزاعجة المصرية ولوعة بالبشر ‘anthroprophilic’ فهي تفضل دم الإنسان على بقية دماء الكائنات الحية الأخرى فهي تأخذ الدم من البشر لأنها بحاجة البروتين الموجود فيه لإنضاج البيض فإذا كان الشخص مصاب بأحد الفيروسات التي تنقلها الزاعجة فإنه ينتقل إلي البعوض وبعد نحو 8-10 أيام ينتقل إلي غددها اللعابية وينطلق من لعابها كلما لسعت مضيفاً جديداً وتبقى أنثى البعوض معدية بالفيروس وتمرره إلي أشخاص جدد كلما عضتهم وهي بذلك تتحول من مجردة مؤذية للإنسان بأخذها الدم إلي مهددة بالموت.
فذكور وإناث الزاعجة المصرية تتغذى على الرحيق والسكر كمصادر أساسية للطاقة، وتمتلك أنثى تكيفات في أجزاء التغذية، من اجل اخذ وجبات الدم من البشر خرطومها طويل في المقابل خرطوم الذكر قصير جداً، ولا يملك بعض أجزاء الفم المتخصصة الموجودة عند الأنثى، عندما الأخيرة تلسع الإنسان أو الحيوان تدخل خرطومها إلي الوعاء الدموي باستخدام حركة رأسها إلي الأمام والخلف وتقطع الجلد بدفع الأجزاء الثاقبة من الخرطوم. إضافة إلي المواد الكيمائية الخاصة في لعابها تمنع تجلط الدم لذلك تمتص الدم بسهولة إلي معدتها، وتكون ردة فعل الجسم اتجاه اللعاب انتفاخ وحكة في المنطقة المحيطة بلسعة البعوض.
المبيدات الكيمائية
هي الوسيلة الرئيسية لمكافحة البعوض، ذلك عن طريق الرش الموضعي للمساكن بالمبيدات مثل DDT أو Temephos ومعالجة الناموسيات بالمبيدات الحشرية؛ لكنها ترتبط بأضرار في البيئة وتدمير الموائل الطبيعية، فهي تحد من تجمعات الحشرات التي تكون مصادر غذائية للطيور والأسماك أو التي قد تكون ملقحات للنبات المحلي والزهور.
فالمبيدات لا تكافح البعوض فقط أيضاً الحشرات الأخرى يتم القضاء عليها؛ لذلك فان المبيدات تكون عشوائية. ونتيجة لعلاقة المبيدات بالأثار السيئة للبيئة ولٌد ذلك تشديد الرقابة على استخدامها عالمياً، مثل اتفاقية ستوكهولم بشأن الملوثات العضوية الثابتة، وتوجيه الاتحاد الأوروبي على الاستخدام المستدام للمبيدات؛ ما أفضى إلي سحب الكثير من المنتجات من السوق؛ ويخشي العلماء أن العوز الحالي في المبيدات الحشرية البديلة قد ينشأ زيادة مقاومة المبيدات الحشرية من قبل البعوض، وهي مشكلة تحدث بالفعل في برامج مكافحتها في جميع أنحاء العالم، نادراً ما يتم قتل كل البعوض الموجود في المنطقة بعضها يكون مقاوم بطبيعة الحال للمواد الكيمائية المستخدمة فالبعوض التي لم تمت ونجت من استخدام المبيدات سوف تنقل جينات المقاومة إلي نسلها وبالتالي أكثر البعوض في الجيل القادم سوف يتصدى للمبيدات الحشرية، ومع مرور الوقت فان مقدار ممانعة البعوض سوف تزيد بهذه الطريقة وأخيراً تصبح كل الحشرات في الجماعة مقاومة للمبيدات الكيمائية.
الإدارة البيئية
هي أسلوب مكافحة بديلة خالية من المبيدات الحشرية، مثل إزالة أماكن تكاثر البعوض حول مساكن البشر (الإطارات، البراميل)، وهذه الطريقة تكون ناجحة بشكل كبير للسيطرة على جماعات البعوض في المناطق الحضرية؛ وأما المناطق الريفية والزراعية (حقول الأرز، والأراضي الرطبة) فان الحد من موائل البعوض لا يعد خياراً عملياً.
المكافحة البيولوجية
يتمثل هذا التدخل باستخدام المفترسين الطبيعيين مثل الأسماك أو مجدافيات الأقدام – قشريات صغيرة تعيش في المياه العذبة – في أطار نهج متكامل في مكافحة البعوض إذ يتم إدخال (الأسماك ومجدافيات الأقدام) إلي الأجسام المائية الدائمة لتتغذى على يرقات البعوض.
وهكذا فان الجمع بين طرق المكافحة المختلفة سوف يساهم في تخفيض أعداد جماعة الزاعجة المصرية ومن ثم الحد من انتقال الفيروسات المنقولة من خلالها.
المراجع
1- كوامن ، ديفيد ( أغسطس 2014). الفيض أمراض الحيوانات المعدية وجائحة الوباء التالية بين البشر الجزء الأول (د. مصطفى إبراهيم فهمي، مترجم)، الكويت، سلسلة عالم المعرفة، ع 415.
2- Oxitec. “Using genes to control insects: the Oxitec solution.” Oxitec. 2013.
3- Oxitec. “More on the science: how does oxitec make genetically modified mosquitoes?” Oxitec. 2013
4-Elizabeth A. McGraw and Scott L. O’Neill .( MARCH 2013) Beyond insecticides: new thinking on an ancient problem، Macmillan Publishers Limited.11، pp181-193.
5- GM Insects and Disease Control، The Parliamentary Office of Science and Technology، Number 483 November 2014، POSTNOTE