مقالاتمواضيع العدد ٢٢

الليل مضيء بأنوار كونية!

الليل مضيء بأنوار كونية!

أ./ صبح وجيه القيق    

محاضر في جامعة القدس المفتوحة وباحث في مركز الأبحاث الفلكية وعلوم الفضاء – جامعة الأقصى

كثيرون نحن، بكل تفاصيلنا العلمية والعملية، ولكننا قليلون التأمل في مخلوقات الله عز وجل، فبرغم من الجمال الكوني والرونق الطبيعي لطبيعةٍ كونيةٍ شاسعةَ الجمال، فلا يتأمل فيها إلا من أحب علمها حباً خالصاً لها!

اليوم أتحدث محاولاً ابراز صورةً سماويةً لنا جميعاً، فالله سبحانه وتعالى خلق الإنس والجان وخلق الليل والنهار وخلق الأرض والشمس وخلق ……إلخ

فما زاد الله صدقاً تصديقنا وإيماننا بكليمات نطقت!، وإن تعدوا نعمة الله لن تحصوها …. فهل الليل والنهار نعمة لنا؟!، ولما لم تكن الدنيا بأكملها نهاراً ؟! ولم الليل؟ وما الفائدة من الليل؟!

فقال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز:

أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا (45) ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا (46) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا (47)               سورة الفرقان

اعلانات جوجل

وهذا تفسير جزء من الآيات: “وَهُوَ الَّذِي جَعَلَلَكُمْ اللَّيْل لِبَاسًا” سَاتِرًا كَاللِّبَاسِ”وَالنَّوْم سُبَاتًا” رَاحَة لِلْأَبْدَ انِ بِقَطْعِ الْأَعْمَال” وَجَعَلَ النَّهَار نُشُورًا” مَنْشُورًا فِيهِ لِابْتِغَاءِ الرِّزْق وَغَيْره”

ومن الناحية الفيزيائية فلولا التمدد الكوني لما كان الليل لباساً، أي ساتراً لكل أفعالنا صالحها وسيئها، فلولا التمدد الكوني لكان الليل أشد نوراً من النهار!، ولطغى نور الليل الساطع على نور النهار الخافت!، فهل ما نتحدث به هو خزعبلات فيزيائية أم إنها حقيقة علمية؟!

إنه يا سيدي التفكر والتأمل في آية الليل، الأمر الذي استرعى اهتمام أحد العلماء في أن يطرح على العالم العلمي هذه المعضلة العلمية:

فلو كان الكون استاتيكياً “غير متمدد” أي غير متجدد التوسع، وإلى المالانهاية في حجمه!، لرأيت نجمة في كل اتجاه !، حيث إن الكون متجانسٌ في كل شيء، أي أن النجوم موزعةٌ فيه بانتظامٍ شديد ورونق رائعٌ بكل ما تحمله اللكمة من معاني، حيث إننا نرى وبوضوح العشوائية المنظمة! بالرغم من التحفظ على المصطلح، فهذا أقل ما يمكن وصفها به، وبما أنك سوف ترى نجمة في كل اتجاه، إذن لابد وأنك سوف ترى الليل شديد الإضاءة ذو خلفية نجمية كونية المعالم، حيث لا مكان فيه لنقطة ظلام نهائيا بالنسبة لنا!، والحقيقة التي نبصرها هي أن الليل مظلمٌ، فما هو التفسير الجلل لهذه الظاهرة؟

نعم كما قال هذا العالم وكما نقول اليوم وكما تبرهنه العلوم الفلكية اليوم!، هناك نجمة في كل اتجاه، لدرجة تكوين خلفية نجمية على سمائنا مما يجعل النور في كل اتجاه، ولكن الحقيقة الصادمة لنا هي أن الكون متمددً!!!

إذا فما دخل تمدد الكون في ظلام الليل عندنا ؟؟!، إن تمدد الكون يجعل النجوم تبتعد عنا رويداً رويداً، حيث أن ثابت هابل يصف مقدار التمدد بشكلٍ واضح، ولكن ما المشكلة في كون النجوم تبتعد عنا ؟!، إن هذا لن يؤدي لظلام السماء طالما أن عدد نجومها يكاد يكون لانهائي !، فالمشكلة إذاً؟، المشكلة ليست في ابتعاد النجم ذاته أو أقرانه من النجوم، و لكن ابتعاد النجم سوف يعمل بشكل واضح على مد طول الضوء الواصل منه إلينا و الذي بدوره سوف يزيد الطول الموجي للضوء الواصل إلينا، حيث إن الطيف الضوئي مرتب ترتيب تنازلي من القصير الموجة للطويل كالتالي: جاما- إكس- فوق بنفسجي – مرئي – تحت أحمر-ميكرويف – راديو ، حيث أن عند تمدد الكون فان خط الضوء استطال من الضوء المرئي وكذلك الميكرويف الغير مرئي و بالفعل هناك خلفية كونية نجمية لليل الدامس، لكنها خلفية غير مرئية لأنها استطالت فأصبحت خلفية ميكرويفية ذات طاقة منخفضة جداً، لكن هناك طاقة لها!!، مما يجعل درجة حرارة الفراغ الكوني حوالي 2.7 كلفن، أي حوالي 270 درجة تحت الصفر.

فسبحان من منحنا نعمة الليل ورزقنا راحة لهذه الأبدان والأرواح التي خلق لنا، فما خلق الله سبحانه و تعالى عما يصفون شيئاً إلا و كانت حكمة خلقه تفوق قدراتنا العقلية بكل ما تكمن من مواطن القوة في التفكير الممتد ذا التشعبات المرجانية المتعددة، فنحمد الله على كل ما أعطى وكل ما وهب، فقال سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا (12) سورة الاسراء.

SaveSave

SaveSave

SaveSave

SaveSaveSaveSave

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى