البشر والرجال الآليون يعملون أفضل معا عبر “التدريب المتبادل”
ترجمة يونس لمساوي: يمكن لقضاء يوم كامل مكان شخص آخر مساعدتنا على اكتشاف ما يؤدّي إلى “خدشه”… الآن نفس المقاربة أضحت مستخدمة لإيجاد تفاهم أفضل بين الإنسان والروبوت، لتمكينهما من العمل معا كفريق. تستخدم الروبوتات على نحو متزايد في الصّناعات التحويلية للقيام بمهمّات تضعها في كل مرّة أقرب من الإنسان. لكن في الوقت الذي تبذل فيه جهود كبيرة من أجل ضمان عمل الروبوتات والبشر جنبا إلى جنب بكلّ أمان، يجب بذل المزيد من الجهود لجعل الروبوتات ذكية بما فيه الكفاية للعمل بفاعلية مع البشر، يقول Julie Shah أستاذ الملاحة الجوّية والفضائية المساعد في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا MIT والمسؤول عن مجموعة الروبوتية التفاعلية في مختبر علوم الحاسب والذكاء الاصطناعي CSAIL.
“البشر ليسوا مثل الرّوبوتات، فهم لا يقومون بعمل الأشياء بنفس الطّريقة في كلّ مرة،” يقول Shah. “لذلك فهناك تباين بين أن نبرمج الروبوتات لإنجاز مهمّات على نفس المنوال تماما كلّ مرّة، ولفعل ما نحتاج منها كي تشتغل بانسجام مع البشر.
البحث الأكثر إثارة حول تحسين روح عمل الفريق لدى الروبوتات، ينبني على تصوّر “التّقييم التفاعلي”، والذي يمنح المدرّب(رجل) من خلاله تقييما إيجابيا أو سلبيا في كلّ مرّة ينجز فيها الروبوت مهمّة ما.
بيد أنّ دراسات أجرتها العسكرية الأمريكية تثبت أن مجرّد إخبار مجموعة من الأشخاص بأنّهم قاموا بمهمّة ما بطريقة جيّدة أو سيّئة، هو طريقة غير كفأة بتاتا لتشجيعهم على العمل الجيّد كفريق.
لذلك بدأ Shah وطالب الدكتوراه Stefanos Nikolaidis بمعاينة إذا ما كان للتقنيات التي أثبتت نجاحها في تدريب الأشخاص أن تطبّق على فرق عمل تجمع الرّوبوتات والبشر. إحدى هذه التّقنيات، والمعروفة بالـ cross-training أو التدريب المتبادل، تقوم على تبادل الأدوار بين أعضاء الفريق خلال بضعة أيّام … “يسمح ذلك للأشخاص بأخذ نظرة أفضل عن كيفية تأثير الأدوار التي يقومون بها على شركائهم، وكيف تؤثّر أدوار شركائهم عليهم” يقول Shah.
في ورقة بحث يقدمانها خلال المؤتمر العالمي للتفاعل بين الروبوتات والبشر، المقام شهر مارس بمدينة طوكيو، سيقومShah وNikolaidis بعرض نتائج التجارب التي قاما بها مع مجموعات مختلطة من البشر والروبوتات، للبرهنة على أن منهجية التّدريب المتبادل تمثّل أداة جد فعّالة لبناء روح الفريق.
من أجل تمكين الرّوبوتات من المشاركة في تجارب التدريب المتبادل، كان على الثنائي أولا تصميم خوارزمية للسّماح لهذه الأجهزة بالاستفادة من تجارب تبديل الأدوار. لذلك قاما بتعديل خوارزميات -موجودة سلفا- خاصة بتقوية التّعلّم، لتمكين الروبوتات من التعلّم ليس فقط عن طريق التقييم الإيجابي أو السّلبي، بل أيضا من خلال المعلومات المستقاة عبر التّجارب. بهذه الطريقة، وعبر مشاهدة كيفية تبادل شركائهم البشر للأدوار أثناء القيام بعملهم، ستكون الروبوتات قادرة على معرفة متى ينتظر البشر منها إنجاز نفس المهمّة.
يعمل كل فريق “روبوت-إنسان” على مهمّة تمّت محاكاتها داخل بيئة افتراضية، بحيث يستخدم نصف عدد الفرق مقاربة التقييم التفاعلي، والنصف الآخر تقنية الـ cross-trainin لتبادل الأدوار وسط العمليّة. ووحده الفريق الذي نجح في إكمال هذه الدّورة التّدريبية الافتراضية، سيطلب منه العمل على المهمّة في العالم الحقيقي، لكن على أن يقوم كلّ منهم هذه المرّة بدوره الخاص فقط.
وجد Shah و Nikolaidis أن الفترة التي سيعمل فيها البشر والروبوتات معا في نفس الوقت -المعروفة بالعمل المتزامن-أكبر بـ 71 بالمائة لدى فرق العمل التي اعتمدت على التّدريب المتبادل، بالمقارنة مع فرق التّقييم التّفاعلي. كما جدوا أن المدّة الزمنية التي يقضيها الأشخاص دون عمل أي شيء –مثلا، حينما ينتظرون انتهاء الروبوتات من مرحلة ما من المهمّة- تنخفض بـ 41 في المائة.
ماذا أيضا، خلال دراسة الثنائي للرجال الآليين أنفسهم، وجدوا أنّ خوارزميات التعلّم سجّلت مستوى أقل بكثير من “الارتياب” حول ما كان شركاؤهم البشر ليقوموا به في نفس الحالة –قياس يعرف باسم مستوى الأتروبيا- بالنسبة للروبوتات التي خضعت للتدريب المتبادل.
أخيرا، وخلال إجابتهم على استبيانه بعد التّجربة، كان المشاركون (البشريون بالطّبع) في التّدريب المتبادل أقرب للقول بأن الرّوبوتات عملت على المهمّة وفق توقعاتهم، من العاملين في مجموعات التّقييم التفاعلي، كما وضعوا ثقتهم بدرجة أكبر في زملائهم الآليين. “هذا أول دليل على أنّ فرق العمل المكوّنة من البشر والآليين يمكن الرّفع من إمكانياتها إذا ما تدرّب البشر والآليّون معا عبر تبادل الأدوار، بأسلوب يحاكي طرق التدريب الفعّالة الخاصّة بمجموعات من البشر” يقول Nikolaidis.
يعتقد Shah بأنّ هذا التّحسّن في أداء الفريق يمكن أن يعزى إلى تدخّل الطّرفين معا في عملية التدريب المتبادل. “عندما يقوم شخص ما بتدريب رجل آلي باعتماد عملية التّقييم التفاعلي، هناك طريقة واحدة: إما أن يقول الشخص ‘روبوت جيّد’ أو أن يقول ‘روبوت سيء’، وهذه طريقة جد محدودة لنقل المعلومة. يقول Shah. “أما عندما تبادل الأدوار، فإن الشخص يكون أكثر قدرة على التّأقلم مع إمكانيات الروبوت، ويعرف تقريبا ما يجب فعله في كلّ حالة، لذا نظنّ أن هذا التّأقلم من جانب الأشخاص هو ما يقود إلى أداء أفضل للفريق.”
يبين هذا العمل أنّ الاستراتيجيات النّاجحة في تحسين القدرة التّفاعلية بين البشر يمكنها العمل في أغلب الأحيان على البشر والرّوبوتات، يشير Kerstin Dautenhahn، أستاذ الذّكاء الاصطناعي بجامعة Hertfordshire في المملكة المتّحدة. “يمكن للنّاس بسهولة منح الرّجل الآلي مجموعة من الخصائص البشريّة، والتعامل معه بطريقة اجتماعية، لذا فإنه ليس من المفاجئ تماما أن هذا النّقل من مجال إنساني -إنساني إلى آخر إنساني -آلي لا يجعل من الفريق أكثر كفاءة فقط، بل يعزّز أيضا تّجربة المشاركين، من حيث ثقتهم في الروبوت،” يقول Dautenhahn.
http://web.mit.edu/newsoffice/2013/humans-robots-interaction-cross-training-0211.html