ماذا لو كنا نرى بكل الاطوال الموجية للضوء؟
الضوء هو شكل من اشكال الاشعاع الكهرومغناطيسي electromagnetic radiation الذي يحتوي على عدة اطوال موجية وتوصف الاشعة الكهرومغناطيسية بالشكل الموضح ادناه. وندرك الاشياء من حولنا ونراها من خلال جزء بسيط جدا من الطيف الكهرومغناطيسي الكبير. لكن ماذا لو تخيلنا اننا نستطيع رؤية الاشياء بمختلف انواع الطيف الكهرومغناطيسي مثل الامواج التي تستخدم في شبكات الواي فاي او امواج الميكروويف المستخدمة في نقل المكالمات الهاتفية وتبادل المعلومات. لا بد ان الامر قد يبدو غريبا. الا انه الكثيرين تمنوا هذا الامر ولكن لنرى ان كان هذا في صالحنا ام ضدنا.
توضح الصورة المدى المخصص لكل نوع من انواع الاشعاع الكهرومغناطيسي. وكما هو واضح من الصورة فان الضوء المرئي الي الضوء الذي نرى به الاشياء عبارة عن جزء صغير من كل الطيف الكهرومغناطيسي. وهنا قد يخطر على بالنا تساؤل ماذا لو كنا نستطيع ان نرى الاشياء بواسطة الاجزاء المختلفة من الطيف الكهرومغناطيسي ايضا؟ لنبدأ من الجزء على اليسار من الطيف الكهرومغناطيسي.
الرؤية بامواج الراديو Radio Waves
بدءا من اجهزة الجوال الذكية والتلفزيون إلى شبكات الكمبيوتر والاقمار الصناعية التي تدور حول الارض تعتمد جميعها في عملها على امواج الراديو. وايضا تقريبا كل شيء في الكون يشع امواج راديو، وبالتالي فاننا لو تخيلنا ان لدينا القدرة على رؤية هذه الامواج فانها سوف تكون اكثر ضررا من نفعها حيث ان الضرر لا يلحق العين فحسب بل الدماغ ايضا! حيث يستقبل الدماغ وابلا من المعلومات لا تعد ولا تحصى في كل الاوقات لا يستطيع الدماغ ان يميز اي منها او يفصلها عن بعضها البعض مما يجعنا نشعر بنوع من العمى من تدفق الكثير من الضوء والالوان.
الرؤية بامواج الميكروويف Microwaves
لو كان لدينا القدرة على رؤية الاضاءة الخلفية التي غمرت الكون بعد الانفجار العظيم Big Bang من امواج الميكروويف، فاننا سوف نرى ضوء يأتي لنا من كل شيء في السماء حتى بالرغم من امتصاص جزء منه بواسطة الغلاف الجوي. هذا فضلا عن رؤية امواج الميكروويف المستخدمة في تشغيل افران الميكروويف واجهزة التتبع GPS وانظمة المراقبة الخ.
الرؤية بالاشعة تحت الحمراء Infrared
من خلال رؤية الاشعة تحت الحمراء فان كل الالوان التي نعرفها سوف تختفي وستكون الرؤية عبارة عن اختلاف في النغمة الحرارية فقط. ستبدوا الاجسام الساخنة المع من الاجسام الباردة. كما ان الاشعة تحت الحمراء تنبعث من جسم الانسان ايضا كبصمة حرارية وبالتالي فان كل شخص سيبدو لنا مختلفا كل مرة حسب حرارته.
كما اننا سوف نرى الاشخاص خلف الاشياء ومن خلالها مثل الملابس والجدران والخ، وستكون مشاهد مرعبة اكثر من كونها معلومات اضافية وفي كل مرة يظهر الشخص نفسه مختلفا حسب بصمته الحرارية.
الرؤية بالاشعة فوق البنفسجية Ultrawaves
في الوضع الطبيعي لا ترصد العين الاشعة فوق البنفسجية، وهذا لان المخاريط الحساسة للضوء في شبكية العين لا ترصد الا الالوان الاحمر والاخضر والازرق. الا ان بعض الحيوانات مثل الفراش والايائل وسمك السلمون تمتلك مخاريط اضافية تمكنها من استقبال الاشعة فوق البنفسجية وتستخدمها في حماية انفسها.
لو افترضنا ان الانسان يستطيع ان يرى الاشعة فوق البنفسجية فان هذا الامر يأتي على حساب عدسة العين. فالاشخاص المصابين بفقد عدسة العين aphakia بسبب اصابة او حادث او عملية او قرحة افادوا بانهم قادرين على رؤية الاشعة فوق البنفسجية.
تشع العديد من الاجهزة الالكترونية اشعة فوق بنفسجية مثل شاشات الكمبيوتر وسرير اكساب البشرة لون داكن ومصابيح الاشعة فوق البنفسجية وهذه سوف تبدو لنا برؤيتها لامعة ويعمل على تغير كل الالوان التي نعرفها.
الرؤية باشعة اكس X-ray
تمتلك اشعة اكس اطوال موجية قصيرة وطاقة عالية تمكنها من اختراق الاشياء وهنا تكون رؤيتنا للاشخاص تبدو على شكل هياكل عظمية ويمكن ان نرى خلف المباني وتحت الارض ايضا.
كما ان الرؤية بواسطة اشعة اكس سوف تجعلنا نرى السماء بالوان مختلفة حيث ان الغلاف الجوي يشع مقادير صغيرة من اشعة اكس. كما انه لا معنى لاغلاق العين، لان اشعة اكس تخترق الجفن نفسه وتنفذ إلى العين وبالتالي نحتاج إلى اجفان من الحديد او الرصاص تغلق وتفتح لنتمكن من ان ننعم بالهدوء اثناء اغلاق عيننا.
الرؤية باشعة جاما Gamma ray
تقع اشعة جاما في اعلى الطيف الكهرومغناطيسي وبالتالي فهي الاكثر طاقة وتستطيع ان تخترق كل شيء حولنا. وحيث انه لا يوجد الكثير من مصادر اشعة جاما حولنا فاننا لن نشعر بفرق اذا امتلكنا القدرة على الرؤية باشعة جاما. لكن سوف نتمكن من رؤية المواد المشعة مع الحفاظ على مسافة كبيرة عنها! لتجنب خطرها.
نرى من هذا حكمة الله سبحانه وتعالى ىان لا تكون الامور والاشياء معقدة وغير مريحة لنا اذا كان لنا القدرة على الرؤية باشعة غير الاشعة المرئية … (قال تعالى في سورة التين: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) ….
الله يعطيك العافية دكتور على هذه المقالة العلمية الثرية.
بالفعل يتحير العقل في إعجاز الخلق ومهما بلغ المرء من العلم فإنه يبقى على الدوام مندهشاً من إبداع الخالق الذي (خلق كل شيء فقدره تقديرا). مستحيل ان نضيف قدرات لم يشأ الله أن يودعها في أبداننا دون استعانة بالأجهزة!.
و ما دمنا لا نستطيع تطوير خلق الله وقصارى ما نستطيع هو حفظ أنفسنا والمحافظة على البيئة و المخلوقات الجميلة التي سخرها الله لنا وفهم خواصها الفيزيائية و تركيبها الكيميائي إن كانت من الجمادات، أو تركيب أجسامها وطرائق عيشها وتكاثرها إن كانت من الأحياء.
و في كل المحاولات المخالفة للطبيعة الفطرية التي قام بها علماء الأحياء كانت النتائج غير مثمرة أو مدمرة و ليس آخرها ما يصلنا من اخبار عن فيروسات تم تصنيعها واستنساخ لكائنات شبه بشرية وغير ذلك.
و نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا إنه على كل شيء قدير .
وقصارى = فقصارى