مقالاتمواضيع العدد ٢٣

القوى المسيطرة على الكون ومعضلة عدم الإرتباط

القوى المسيطرة على الكون ومعضلة عدم الإرتباط

نعرف بشكل مطلق أن هناك أربع قوى تسيطر على هذا الكون وهي قوى الجاذبية والقوة الكهرومغناطيسية والقوة النووية الضعيفة والقوة النووية الشديدة. طبعا يمكننا القول أن أي قوة أخرى غير هذه القوى الأربعة ما هي إلا نتاج وتفسير لأحد هذه القوى الأربعة. لكن لماذا هذه القوى لا تكون نتاج قوة واحدة موحدة متماسكة؟ هذا ما شغل العلماء خلال القرون الماضية والحالية.

سنعرج على كل من هذه القوى للتوضيح ثم سنرى كيف حاول العلماء الإلمام بهذه القوى بقوة واحدة وكيف كان من الصعوبة أن تتفق نظريتان هما لُب الفيزياء في العصر الحالي.

اعلانات جوجل

لنأخذ أولاً قوى الجاذبية التي تجعلك تمشي ولا تطير والتي تحفظ الكواكب والارض في مداراتها وتمنع النجوم من الانفجار، هذه القوة التي جعلت تفاحة نيوتن تسقط لتنتج قوانين نيوتن للجذب العام هي التي تقود المجرات بصمت في اندفاعها عبر الكون!

لعل الضوء هو من اكثر تجليات القوى الكهرومغناطيسية، فعندما تضطرب الذرة تصبح حركة الالكترونات غير منتظمة مما يجعل الالكترونات تطلق الضوء واشكال اخرى من الاشعاع (أشعة سينية، ورادار، وموجات ميكروية)، اضافة لذلك تماسك الذرة حيث الالكترونات السالبة الشحنة حول النواة موجبة الشحنة.

تدرجنا الآن للقوة الثالثة وهي القوة التي تولد طاقة تتعدى طاقة متفجرات كيميائية كالديناميت التي تحكمها القوة الكهرومغناطيسية وتمنع كميات هائلة من الطاقة النووية من انفجار نووي مروع قد يدمر هذه الارض من ذرة واحدة فقط!، بالاضافة لذلك كله فإن سبب اضاءة النجوم ووجود الشمس ونشاطها وبالتالي الحياة على أرضنا ستصبح مستحيلة لو انطفأت شمسنا.

لو كانت القوة الشديدة هي القوة الوحيدة في النواة لتحولت معظم النوى الى الاستقرار، لكن ما نعرفه أن نواة كنواة اليورانيوم التي تضم 92 بروتون تستصبح نشطة إشعاعياً (اندماج وانشطار)، اذا النوى في الاصل غير مستقرة وتتجه للتحلل لذلك لا بد من وجود قوة رابعة ولكن هذه المرة بدرجة أقل قوة لتتحكم بالنشاط الإشعاعي وتكون مسؤولة عن تحلل النوى الثقيلة الا وهي القوة الضعيفة (النووية).

اعلانات جوجل

يستحيل تصور الحياة بدون هذه القوى الأربعة، فبدونها تتحلل الذرات في أجسادنا وبدونها تنطفئ الشمس وتفقد النجوم وقودها لذلك مفهوم القوى الاربعة موجود قديماً، لكن ما استجد هو أن هناك فكرة تقول أن هذه القوى الأربعة ما هي الا تفسير لقوة واحدة على هذا الكون!

مثال لتوضيح كيف لجسم أن يكون في أشكال عدة وبالتالي امكانية اندماج قوى؟!

لنأخذ كوب ماء ونسخنه حتى يغلي ويتحول الماء لبخار، يمكن للماء أن يتحول لبخار أي لغاز ! لكنه يبقى ماء
لنجمد الآن كوب آخر من نفس الصنبور الذي أخذت منه الماء لتسخينه، سيصبح ثلجاً، لكنه يبقى ماء، المركب نفسه ولكن ما حدث هو فقط تحول الى شكل جديد ولكن بظروف محددة.

على نحو مماثل تبين للعلماء امكانية دمج الكهرباء والمغناطيسية بقوة واحدة، الا ان العلماء وجدو انهم يستطيعون دمج القوة الضعيفة مع هذه القوة حيث حاز على اثر هذا الدمج كل من (واينبرغ وغلاشو وعبد السلام) جائزة نوبل حيث بينوا الؤة دمج القوة الكهرمغنطيسية والضعيفة في قوة واحدة سميت بالكهروضعيفة.

ويعتقد العلماء ان نظرية قد تجمع الثلاث قوى، وتسمى بالنظرية الموحدة الكبيرة (GUT) توحد الكهروضعيفة والشديدة. اما القوة الأكثر مراوغة للفيزيائيين فهي الجاذبية ، فعلى الرغم من نجاح الكم في توحيد الثلاث قوى إلا أنه فشل في ضم الجاذبية الى تلك القوى لتصبح قوة واحدة مسيطرة في هذا الكون!

اعلانات جوجل

ارتباط مفقود!

إرتباط مفقود

بينما تقتصر ميكانيكا الكم على عالم الصغائر كالذرات والجزيئات والبروتونات والنيوترونات، تحكم النسبية فيزياء العالم الكبير كالنجوم والمجرات.

في الواقع محاولة دمج هاتين النظريتين شكلت تحدياً لاعظم عقول القرون الاخيرة، حتى أينشتاين نفسه صاحب النظرية النسبية امضى عقوده الثلاث الأخيرة دون جدوى باحث عن نظرية توحد الضوء والجاذبية.

اعلانات جوجل

كل نظرية كان لها نجاحاتها، فنظرية الكم فسرت اليات عمل كل الاشياء بدءاً بالترانزستور وحتى الليزر، خلاف عن تفسير اسرار الذرة، لكن وقعت على وجهها عندما حاولت وصف الجاذبية!

أيضا النسبية كان لها نجاح باهر بالمقياس الكوني أولها تفسير الإنفجار العظيم واخرها الثقب الأسود، لكنها وقفت عاجزة عن تفسير سلوك الذرات!

ألا ترى ذلك شيء من الجنون! عندما ترى أن نظريتان تنجحان في كل شيء الا أنها عندما تصل الى الذي وصلت اليه النظرية الأخرى تسقط وتقف! ظهر الأمر محيراً فعلا وكأن اليد اليمنى تعمل بشكل مستقل عن اليسرى!

لكن من وجهة نظر شخصية لا أرى ذلك معقولاً، هناك قطعة من الأحجية مفقودة، أو أن هناك شيء غاب عن العلماء، أو سنحتاج لقرون لظهور من يدمج هذه القوى ودمج هاتين النظريتين.

أ./ أحمد خشان

بكالوريوس فيزياء - جامعة الأزهر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى