تحقيق علميمواضيع العدد ١١

المدرسة العلمية المصرية من النظرية النسبية إلى فيزياء الطاقة العالية

المدرسة العلمية المصرية من النظرية النسبية إلى فيزياء الطاقة العالية

البداية مصطفى مشرفة

المدرسة العلمية المصرية من النظرية النسبية إلى فيزياء الطاقة العاليةبدأ المجتمع العلمي في مصر الاهتمام بأعمال ألبرت أينشتين‏،‏ مبكرا منذ عشرينيات القرن الماضي‏،‏ عندما بدأ الأستاذ الدكتور علي مصطفي مشرفة رئيس قسم الرياضيات بعلوم القاهرة وعميد الكلية الأسبق في ذلك الوقت‏،‏ في معالجة بعض مشاكل تركيب المادة والإشعاع في اطار نظرية النسبية الخاصة‏،‏ وقد قام بنشر العديد من الأبحاث في هذا الاتجاه في أمهات الدوريات العلمية المتخصصة في النصف الأول من القرن الماضي‏،‏ وله مجموعة من الكتب المبسطة باللغة العربية منها كتاب عن نظرية النسبية الخاصة‏.‏ الغريب في هذا الكتاب أمرين‏:‏ الأول هو أنه يصلح للمتخصصين وغير المتخصصين‏،‏ حيث ذيله بمجموعة من الملاحق بها بعض التفاصيل الرياضية للمتخصصين‏،‏ والأمر الآخر الغريب ان أستاذنا الفاضل قد نبه في هذا الكتاب إلى احتمال وجود اكثر من أربعة أبعاد في الكون‏،‏ الشيء الذي انتبه إليه العلماء في الربع الأخير من القرن الماضي ومازال يحظى باهتمامهم حتي اليوم‏.‏

انتسب في خريف عام 1917 إلى جامعة توتنجهام الإنجليزية، و حصل منها على شهادة البكالوريوس في الرياضيات خلال ثلاث سنوات بدلا من أربع. وأثناء اشتعال ثورة 1919 بقيادة سعد زغلول، كتب مصطفى مشرفة إلى صديقه محمود فهمي النقراشي – أحد زعماء الثورة – يخبره فيها برغبته الرجوع إلى مصر للمشاركة في الثورة، وكان جواب النقراشي له: “نحن نحتاج إليك عالما أكثر مما نحتاج إليك ثائراً، أكمل دراستك ويمكنك أن تخدم مصر في جامعات إنجلترا أكثر مما تخدمها في شوارع مصر”. و قد لفتت نتيجته نظر أساتذته الذين اقترحوا على وزارة المعارف المصرية أن يتابع مشرفة دراسته للعلوم في جامعة لندن، فاستجيب لطلبهم، والتحق عام 1920 بالكلية الملكية (kings college)، وحصل منها عام 1923 على الدكتوراه في فلسفة العلوم بإشراف العالم الفيزيائي الشهير تشارلس توماس ويلسون Charles T. Wilson –  نوبل للفيزياء عام 1927 – ثم حصل عام 1924 علي دكتوراه العلوم من جامعة لندن وهي أعلي درجة علمية.

اتجه إلى ترجمة المراجع العلمية إلى العربية بعد أن كانت الدراسة بالإنجليزية فأنشأ قسماً للترجمة في الكلية. شجع البحث العلمي وتأسيس الجمعيات العلمية، وقام بتأسيس الجمعية المصرية للعلوم الرياضية والطبيعية والمجمع المصري للثقافة العلمية. اهتم أيضاً بالتراث العلمي العربي فقام مع تلميذه محمد مرسي أحمد بتحقيق ونشر كتاب الجبر والمقابلة للخوارزمي.

كان مشرفة ينادي بأن تدخل مصر مجال الطاقة النووية وأن تصنع مصر قنبلة ذرية لا لكي تستخدمها ولكن لكي تحفظ توازن القوى، فهو كان من المؤمنين بفكرة امتلاك السلاح النووي حتى لا يستخدم ضد مصر لأن العدو قد يخاف أن ترد مصر بالمثل، ولم يكن يتمنى أن تُصنع القنبلة الهيدروجينية أبداً، وهو ما حدث بالفعل بعد وفاته بسنوات في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي.

وقد  كان الدكتور مشرفة من المؤمنين بأهمية دور العلم في تقدم الأمم، وذلك بانتشاره بين جميع طوائف الشعب حتى وإن لم يتخصصوا به، لذلك كان اهتمامه منصبا على وضع كتب تلخص وتشرح مبادئ تلك العلوم المعقدة للمواطن العادي البسيط، كي يتمكن من فهمها والتحاور فيها مثل أي من المواضيع الأخرى، وكان يذكر ذلك باستمرار في مقدمات كتبه، والتي كانت تشرح الألغاز العلمية المعقدة ببساطة ووضوح حتى يفهمها جميع الناس حتى من غير المتخصصين. وكان من أهم كتبه الآتي:

اعلانات جوجل

الميكانيكا العلمية والنظرية 1937 – الهندسة الوصفية 1937 – مطالعات عامية 1943 –  الهندسة المستوية والفراغية 1944 – حساب المثلثات المستوية 1944 –  الذرة والقنابل الذرية 1945 – العلم والحياة 1946 – الهندسة وحساب المثلثات 1947 – نحن والعلم 1945 – النظرية النسبية الخاصة 1943

بالإضافة إلى أبحاث هذا العالم الجليل وكتبه ومقالاته المبسطة التي نشرت باللغة العربية‏،‏ فانه كان يقوم بالتدريس لطلبة قسم الرياضيات بعلوم القاهرة‏(‏ جامعة فؤاد الأول وقتها‏)‏ أعمال البرت أينشتين ضمن ما يدرس لهم من مقررات.

ونجح في ان يثير انتباه طلبته إلى أهمية الأعمال العلمية التي تمت في بداية القرن العشرين علي يد أينشتين وغيره من العلماء‏،‏ وقد رحل عنا هذا الأستاذ الرائد في عام‏ (1950)‏ مخلفا عددا من الأبحاث العلمية بالإضافة إلى مجموعة من الطلبة الذين تأثروا بمحاضرات هذا الأستاذ العظيم‏.‏

وتُقدر أبحاثه المتميزة في نظريات الكم والنسبية والذرة والإشعاع بنحو 24 بحثاً، وقد بلغت مسودات أبحاثه العلمية قبل وفاته حوالي 200 مسودة. 

دارت أبحاث الدكتور مشرفة حول تطبيقه الشروط الكمية بصورة معدلة تسمح بإيجاد تفسير لظاهرتي شتارك وزيمان. كذلك كان الدكتور مشرفة أول من قام ببحوث علمية حول إيجاد مقياس للفراغ ؛ حيث كانت هندسة الفراغ المبنية على نظرية “أينشتين” تتعرض فقط لحركة الجسيم المتحرك في مجال الجاذبية. وقد درس مشرفة العلاقة بين المادة والإشعاع وصاغ نظرية علمية هامة في هذا المجال.

المدرسة العلمية

قبل وفاة هذا العالم بنحو عامين كان أحد تلاميذه ‏فهمي ابراهيم ميخائيل‏‏ في بعثة دراسية للتحضير لدرجتي الماجستير والدكتوراه في أعمال ألبرت أينشتين‏،‏ متأثرا في ذلك بالمحاضرات التي ألقاها علي دفعته د‏. ‏مشرفة عن نظرية النسبية العامة‏،‏ وقد حصل علي درجة الماجستير من جامعة ويلز بالمملكة المتحدة عام ‏(1949)‏ وكانت الرسالة عن الحلول الرياضية لمعادلات المجال لنظرية النسبية العامة‏،‏ كما حصل علي درجة الدكتوراه من جامعة لندن بالمملكة المتحدة عام ‏(1952)‏ في احد تطبيقات نظرية النسبية العامة الذي يسمي علم الكون ‏Cosmology‏ ويجيب هذا العلم عن بعض الأسئلة مثل‏:‏ ما هو عمر الكون؟ كيف خلق؟ ما هو مستقبله؟ ما مقدار المادة والطاقة المختزنة به؟

وقد كان أ‏.‏د‏.‏ممدوح اسحق ونس احد تلاميذ هذا الأستاذ الفاضل حصل تحت إشرافه علي درجة الدكتوراه في النسبية وعلم الكون عام ‏(1975)‏ وقام بتنظيم ندوة علمية دورية‏ في تخصص النسبية منذ أكثر من عشرين عاما‏،‏ و قام بالإشراف علي المدرسة العلمية التي أسسها د‏.‏ميخائيل وتجميع من استكمل دراسته لدرجة الدكتوراه في هذا التخصص 

وتتميز أعمال المدرسة بتطوير واستكمال الأفكار الرئيسية لألبرت أينشتين خاصة تلك التي لم تستكمل في حياة أينشتين‏،‏ ومن السرد السابق يمكن اعتبار هذه المدرسة امتدادا للمدرسة المصرية التي بدأت بالأعمال الريادية للأستاذ الدكتور علي مصطفي مشرفة من بدايات القرن العشرين

وقد زار هذه المدرسة العديد من العلماء الأجانب مثل ماكس بورن ‏(1950)‏ وبابا بترو ‏(1970)‏ ووليام ماكري ‏(1982، 1975، 1973)‏ وغيرهم وقد نمت هذه المدرسة وكثفت من حضور أعضائها للمؤتمرات والندوات الدولية والمحلية وقامت بنشر مجموعة لابأس بها من الأبحاث في المجلات الدولية المتخصصة‏،‏ ويقوم أعضاؤها تدريس مادة النسبية في جامعاتهم ومعاهدهم العلمية‏،‏ وقد حصل هؤلاء علي عضوية الجمعية الدولية للنسبية العامة والتثاقل بسويسرا‏.‏

المجموعة المصرية للنسبية  (‏Egyption Relativity Group (ERG

أما عن المدارس الأخرى التي تعمل في حقل النسبية في مصر فهناك مدرستان‏،‏ الأول كونها ويشرف عليها أ‏.‏د‏.‏محمد عبد المجيد علي بعد عودته من ألمانيا عام ‏1972‏ حاملا درجة الدكتوراه في النظرية النسبية العامة وعلاقتها بالهندسة التفاضلية‏.‏

أما المدرسة الثانية فيشرف عليها أ‏.‏د‏.‏ صلاح حجاج من قسم الرياضيات بعلوم الأزهر وقد حصل علي درجة الدكتوراه في النسبية العامة من إنجلترا في أوائل الثمانينات من القرن الماضي وهي أحدث المدارس في مصر وقد حصل بعض طلبتها علي درجة الماجستير والدكتوراه تحت إشراف د‏. ‏حجاج‏.‏

تكون هذه المدارس الثلاث ما يسمي بالمجموعة المصرية للنسبية (‏Egyptian Relativity Group (ERG ‏ كما تكمل المدارس الثلاث في هذه المجموعة بعضها البعض وتغطي تخصصات أعضائها معظم التخصصات في نظرية النسبية العامة‏.

الاهتمامات البحثية

الدكتور ممدوح ونس

مهتم بحل مشاكل الفيزياء الفلكية والكونية باستخدام تقنية هندسية. على وجه الخصوص:      نظريات المجال الهندسي: – بناء معادلات المجال – اشتقاق معادلات الحركة – تطبيقات لنظريات هندسية.- نماذج كونية. – الطاقة المظلمة – توحيد التفاعلات الأساسية باستخدام الهندسة – تعديل واقتراحات على الهياكل الهندسية للتطبيقات الفيزيائية  – الالتواء ودوره  في الهندسة والفيزياء. علم الكونيات والفيزياء الفلكية. 

وتمثل الأبحاث التي نتجت عن هذه المدرسة طيفا عريضا من أبحاث النسبية العامة وتطبيقاتها المختلفة‏،‏ فهي تمتد ما بين محاولات تعديل هذه النظرية لتلافي بعض العيوب التي ظهرت بها أو لإعدادها لتطبيق معين‏،‏  إلى محاولة صياغة نظريات للمجال الموحد تدمج التثاقل مع الكهرومغناطيسية‏،‏ إلى التطبيقات في مجالات علم الكون‏،‏ الفيزياء الفلكية للطاقة العالية والميكانيكا السماوية‏،‏ وقد تم نشر معظم هذه الأبحاث في دوريات علمية متخصصة‏.‏ 

تتناول المدرسة العلمية المصرية موضوعات:

  • تطوير واستكمال أعمال ألبرت أينشتين بصفة عامة وفي نظرية النسبية بصفة خاصة‏.‏
  • معالجة بعض مشاكل تركيب المادة والإشعاع في اطار نظرية النسبية الخاصة.
  • احتمال وجود اكثر من أربعة أبعاد في الكون‏.
  • الحلول الرياضية لمعادلات المجال لنظرية النسبية العامة‏.
  • احد تطبيقات نظرية النسبية العامة الذي يسمي علم الكون‏.
  • أبحاث النسبية العامة وتطبيقاتها المختلفة‏.
  • محاولات تعديل هذه النظرية لتلافي بعض العيوب التي ظهرت بها لإعدادها لتطبيق معين‏.
  • محاولة صياغة نظريات للمجال الموحد تدمج التثاقل مع الكهرومغناطيسية‏.
  • التطبيقات في مجالات علم الكون‏،‏ الفيزياء الفلكية للطاقة العالية والميكانيكا السماوية.
  • تطوير واستكمال الأفكار الرئيسية لألبرت أينشتين خاصة تلك التي لم تستكمل في حياة أينشتين.
  • النظرية النسبية العامة وعلاقتها بالهندسة التفاضلية‏.‏
  • التركيز على الأفكار آينشتاين، لا سيما تلك التي أعطت نتائج سلبية خلال فترة حياته.

مدرسة مصرية في فيزياء الطاقة العالية

عقدت أول مدرسة مصرية، في فيزياء الطاقة العالية، في الجامعة البريطانية في مصر في الفترة من 27/5/2009 إلى 2009/04/06.

وقد اتخذت المدرسة المصرية الثانية مكان في جامعة حلوان، مصر BUE  وجامعة القاهرة  CU في نوفمبر 2010، وستعقد المدرسة الثالثة في الجامعة البريطانية في مصر من 25/4/2012 إلى 2012/03/05

هذه السلسلة من المدارس،  في فيزياء الطاقة العالية، تم تنظيمها تحت رعاية أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا وASRT، المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية CNRS، والمعهد الوطني الإيطالي للفيزياء النووية  INFN الدولية ومركز الفيزياء النظرية ICTP في إيطاليا.

وستعقد المدرسة الثالثة في مكانين:

من 25 أبريل 2012 إلى 29 أبريل 2012، في المكتبة المركزية – جامعة القاهرة، الجيزة مصر. (1) في مركز للفيزياء النظرية من 30 أبريل 2012 إلى 3 مايو 2012 (2) CTP في الجامعة البريطانية في مصر BUE مدينة الشروق، مصر.

والهدف من هذه المدارس هو إعطاء سلسلة من الدورات الواسعة حول مواضيع أساسية لفيزياء الجسيمات النظرية، والحسابية والتجريبية للطلاب والمنظمات الداعمة لها مثل:

  •  أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا  ASRT 
  •  المركز الوطني للبحث العلمي  CNRS
  •  جامعة القاهرة CU، مصر.
  • الجامعة البريطانية في مصر  BUE 
  • عبد السلام المركز الدولي للفيزياء النظرية 

من المنشورات البحثية للدكتور ممدوح ونس

للدكتور ونس اكثر من 60 بحث منشور حتى عام 2011 (هذا ما استطعت الوصول إليه) بخلاف أبحاث تلاميذه في الجمعية ومن أبحاثه المنشورة على سبيل المثال Teleparallel Lagrange Geometry and a Unified Field Theory.

http://arxiv.org/pdf/0905.0209v3.pdf

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى