أرض وثلاث شموس
تخيل أرض تشرق عليها الشمس في الصباح ثم بعدها بساعات تشرق شمس ثانية وتتلوها شمس ثالثة. هذه الظاهرة الفلكية الفريدة اكتشفها علماء وكالة الفضاء الأمريكية ناسا أخيرا. والكوكب الجديد المكتشف، الذي أطلق عليه العلماء اسم HD 18875 Ad، هو أول كوكب نعرفه يستقر داخل نظام جاذبية شديد التعقيد وسط مثلث من ثلاثة نجوم. وقد اكتشف الكوكب الجديد البروفيسور ماسيي كوناكي من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في باسادينا باستخدام التلسكوب “كيك 1” المشيد على قمة جبل ماوناكي في هاواي..
ويقول البروفيسور كوناكي: “من المؤكد أن مشهد السماء رائع على سطح الكوكب مع ثلاثة مشاهد للغروب كل يوم. وقبل اليوم لم يكن هناك من يتصور أن كوكبا يمكنه أن يتكون في مثل نظام الجاذبية المعقد هذا”.
ومن المعروف أن المنظومات التي تضم أكثر من نجم و المرتبطة معا في دورانها بفعل الجاذبية أمر شائع جدا في الكون. بل إن أكثر من نصف النجوم التي نعرفها في مجموعات متعددة من النجوم. وأقرب نجم لشمسنا وهو النجم Alpha Centauri، هو جزء من منظومة تضم ثلاثة نجوم. وينتمي الكوكب الجديد لنوع شائع من الكواكب خارج المجموعة الشمسية يسميه علماء الفلك ” المشتري الساخن” وهي كواكب غازية عملاقة تدور بقوة حول نجمها الأم.
والفريد في الإكتشاف الجديد أن النجوم الثلاثة والكوكب تتحرك في حيز ضيق جدا من الفضاء لا يتجاوز المسافة التي تفصل بين الشمس وكوكب زحل. وهذا الحيز الضيق جدا الذي يتحرك فيه هذا الرباعي يلقي بالتساؤلات حول نظرية “المشتري الساخن”. فالعلماء كانوا يعتقدون أن هذا النوع من الكواكب يتكون بعيدا جدا عن النجم الأم ثم يقترب تدريجيا منه.
ويقول كوناكي: “في هذا النظام الشديد التعقيد والضيق ليس هناك من مجال لنمو كوكب”.
وكان علماء الفضاء قد اكتشفوا من قبل كواكب في عشرين مجموعة تضم نجمين وحالة واحدة لمجموعة تضم ثلاثة نجوم لكن النجوم في هذه المجموعات كانت تفصل بينها مسافات هائلة. لكن معظم المجموعات الثلاثية النجوم تكون عادة مزدحمة وصعبة الدراسة.
ونقلت مجلة نيتشر الأمريكية عن علماء فلك قولهم إن الكوكب المكون من الغاز يكبر كوكب المشتري ويقع على بعد 140 سنة ضوئية من الأرض، علما أن السنة الضوئية تعادل 10 تريليونات كيلو متر.
ويقول علماء معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا أنه إذا وقف شخص ما على سطح الكوكب فسيشاهد ثلاث شموس في السماء حيث يدور الكوكب حول الشمس الرئيسية بينما تظهر كبرى الشمسين الأخريين بلون برتقالي والثانية بلون أحمر.
وقال عالم الفلك في معهد كالتك ماسيج كوناكي إن وجود كوكب في نظام شمسي متعدد يعتبر شيئا مدهشا في حد ذاته علما أن التجمعات النجمية المزدوجة والثلاثية يشيع وجودها في المجموعات الشمسية المجاورة لنا وهي أكثر عددا من التجمعات وحيدة الشمس بمقدار 20 %.
ومن شأن الاكتشاف الجديد أن يقلب النظريات التي تقول إن الكواكب تتشكل من الغاز و الغبار الذي يدور في فلك نجم واحد ويعني أن الفضاء يحتوي على كواكب أكثر مما نعتقد حسب تعليق المجلة.
وحتى الآن فإن الكواكب التي تم اكتشافها خارج مجموعتنا الشمسية تم تعقبها بمراقبة درجة ميل الشموس التي تدور حولها وهو ما يعكس قوة الجاذبية التي تسببها الكواكب على شموسها.