مقالات في الفيزياء

ظاهرة الشعاع الأخضر

أشكركم بامتنان على تبرعكم

ظاهرة الشعاع الأخضر
هل سبق وقمت بمراقبة الشمس وهي تغيب وراء أفق البحر؟  وهل تتبعت قرص الشمس حتى اللحظة التي تصبح فيها حافة القرص العليا ، ملامسة لخط الأفق ، ثم يختفي نهائيا؟  كل هذا ممكن فيما أعتقد … لكن هل أمكنك أن تلاحظ تلك الظاهرة التي تحدث عندما ترسل الشمس آخر شعاع لها، خاصة إذا كانت السماء صافية وخالية من الغيوم تماما؟

 

إن واتتك الظروف المناسبة فسترى بدلا من الشعاع الأحمر المعهود … شعاعا بلون أخضر بديع، لا يمكن لرسام أن يأتي بمثله، وليس له مثيل في كافة أنواع النباتات الموجودة في هذه الطبيعة.  لكن كيف ولماذا يظهر الشعاع الأخضر؟

اعلانات جوجل

سنفهم ذلك إذا تذكرنا كيف تظهر لنا الأجسام أمام أعيننا، إذا نظرنا إليها من خلال موشور زجاجي.  ضع موشورا أمام عينيك بحيث يكون اتجاه جانبه العريض إلى الأسفل ، وننظر من خلاله إلى قطعة من الورق، ملصقة على جدار.  سنلاحظ ما يلي :

ــ قطعة الورق قد ارتفعت كثيرا عن مستواها الحقيقي .

ــ ظهور حاشية بنفسجية ـ زرقاء أعلى الورقة ، وحاشية صفراء ـ حمراء في أسفلها .

 

اعلانات جوجل

إن الارتفاع المذكور يعتمد على انكسار الضوء ، أما الحواشي الملونة ، فتعتمد على تشتيت الزجاج للضوء . إن الأشعة البنفسجية الزرقاء تنكسر أكثر من غيرها ؛ ولذلك نشاهدها في أعلى الورقة ” الحاشية العلوية” ، أما الأشعة الحمراء ، فهي اضعف انكسارا من البقية ؛ ولذلك نراها في الحاشية السفلى للورقة

 

الموشور يحلل الضوء الأبيض المنبعث من الورقة، إلى كافة ألوان الطيف، ويعطي عدة صور ملونة لقطعة الورق.  وعند تراكب ألوان الطيف ترى العين اللون الأبيض، ولكن تظهر في الأعلى والأسفل ، حاشيتان من الألوان غير المختلطة .

 

والآن ندخل في شرح الظاهرة التي وضعنا هذا الموضوع من أجلها ….

اعلانات جوجل

إن جو الأرض يبدو أمام أعيننا وكأنه موشور هوائي هائل، تتجه قاعدته إلى الأسفل. وعندما ننظر إلى الشمس عند الأفق، فإننا نراها من خلال ذلك الموشور الهوائي. وتظهر الحافة العليا لقرص الشمس ملونة باللونين الأزرق والأخضر، والحافة السفلى ملونة باللونين الأحمر والأصفر.   في لحظات الغروب والشروق، وعندما يكون قرص الشمس مختفيا تقريبا وراء الأفق، يمكننا رؤية الحاشية الزرقاء للحافة العليا، وتكون ذات لونين: في الأعلى يوجد شريط أزرق، وفي الأسفل شريط سماوي اللون، ناتج من امتزاج الأشعة الزرقاء والخضراء.

وعندما يكون الهواء القريب من الأفق نقيا خالصا وشفافا؛ تظهر الحاشية الزرقاء “الشعاع الأزرق”. ولكن غالبا ما يتشتت الشعاع الأزرق في الجو وتبقى الحاشية الخضراء وحدها، أي تحدث ظاهرة الشعاع الأخضر التي نتحدث عنها .

 

ولكن وفي اغلب الحالات، يتشتت كذلك في طبقات الجو المكدرة، وفي هذه الحالة لا تظهر أي حاشية، إذ تظهر الشمس بألوان أرجوانية متمازجة فحسب.

اعلانات جوجل

 

وحتى نتمكن من رؤية “الشعاع الأخضر” يجب مراقبة الشمس عند غروبها أو شروقها، حينما تكون السماء صافية جدا. وفي البلاد الجنوبية نسبة مشاهدة هذه الظاهرة أكبر من البلاد الشمالية؛ لأن السماء هناك تكون أكثر صفاء.

 

وقد قام عالمان فلكيان في مقاطعة الالزاس في ألمانيا بوصف هذه الظاهرة، على الشكل التالي:

خلال الدقيقة الأخيرة التي تسبق غروب الشمس، عندما يكون قسم كبير من قرصها مازال واضحا, وله حدود موجية الحركة، حادة الملامح، يكون في ذلك الوقت محاطا بحاشية خضراء لا يمكن رؤيتها مادامت الشمس لم تغب نهائيا بعد .

 

ويمكن رؤيتها عندما تختفي الشمس كليا وراء الأفق. فإذا نظرنا بمنظار يكبر الأشياء إلى درجة كبيرة (بحوالي 100 مرة)، لتمكنا من مراقبة جميع الظواهر بالتفصيل:

 

إن آخر وقت تظهر فيه الحاشية الخضراء يكون قبل غروب الشمس بعشرة دقائق ، وتحيط بالقسم العلوي من القرص ، في الوقت الذي تظهر فيه حاشية حمراء في الأسفل.

 

يكون عرض الحاشية في أول الأمر صغيرا جدا (عدة ثوان قوسية)، ويزداد كلما توغلت الشمس وراء الأفق، حتى يصل في بعض الأحيان إلى نصف
دقيقة قوسية
.  وأحيانا تنفصل هذه الحاشية عن الشمس وتتألق لعدة ثوان بصورة مستقلة إلى أن تنطفئ.  وعادة، تستغرق هذه الظاهرة ثانية أو ثانيتين من الوقت. ولكن في بعض الحالات الاستثنائية، تستغرق أكثر من ذلك وهناك حالة دام فيها هذا الشعاع الأخضر البديع أكثر من خمس دقائق !!

وأحسن الحالات لمراقبة هذا الشعاع تتوفر عند شروق الشمس، حينما تبدأ حافة الشمس العليا بالظهور من تحت الأفق وفي الأجواء الأشد نقاوة.

وأخيرا ليست الشمس وحدها التي ترسل الشعاع الأخضر؛ فقد لوحظت هذه الظاهرة عند انبعاثها من كوكب الزهرة، وهو يميل إلى المغيب.

SaveSave

أشكركم بامتنان على تبرعكم

الدكتور حازم فلاح سكيك

د. حازم فلاح سكيك استاذ الفيزياء المشارك في قسم الفيزياء في جامعة الازهر – غزة | مؤسس شبكة الفيزياء التعليمية | واكاديمية الفيزياء للتعليم الالكتروني | ومنتدى الفيزياء التعليمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى