مواضيع العدد ١٨

عبقرية ميكانيكا الكوانتم – ملحمة العقل البشري

عبقرية ميكانيكا الكوانتم – ملحمة العقل البشري

أستاذ دكتور مصطفى كمـال مـحـمـد يــوســف

أستاذ فيزياء الجوامد تخصص فيزياء المعادن

اعلانات جوجل

قسم الفيزياء  كلية العلوم جامعة المنصورة جمهورية مصر العربية

عبقرية ميكانيكا الكوانتم - ملحمة العقل البشري

الكوانتم نظرية شاملة تحكم قبضتها علي عالم الاشعاع الذري المتناهي الصغر. الذرة هي الوحدة الأولي للمادة والكوانتم هو الوحدة الأولية للضوء والطاقة، والطاقة مؤلفة من وحدات أولية هي الكوانتات والكوانتات هي جمع الكوانتم. ميكانيكا الكوانتم ملحمة العقل البشري في القرن العشرين، القرن العشرين من القرون المتميزة كوحدة فريدة ونقطة تحول فعلي في مسار العلم وأسلوب الحياة والتكنولوجيا بأنواعها من الضخم الي المتناهي في الصغر كما أنها مستهل طريق جديد في البحث العلمي وبالأخص في الطاقة وفي الصناعات الالكترونية والميكروالكترونية وعلي مستوي تدريج النانومتري. وكلمة كوانتم مصدرها لاتيني الأصل وتعكس الحقيقة وأن نماذج الكوانتم كوانتات منفصلة أي رقم صحيح مضاعف بمعني مستويات طاقة منفصلة للذرات. وهي التي أوضحت مفهوم طاقة الشرائط للأجسام الصلبة. وفرض الكوانتم أعلنه ماكس بلانك مع بداية القرن العشرين فرض الكوانتم العبقري وهي الوحدة الأولية للضوء والطاقة كما الذرة هي الوحدة الأولية للمادة كما أن أصغر مقدار للطاقة يمكن أن يوجد مستقلا وهذا المقدار من الطاقة (الكوانتم) باعتباره وحدة فيزيائية، ابتعاث أو اصدار أو امتصاص الطاقة من قبل الذرات أو الجزيئات لاتتم علي نحو متواصل ولكن علي مراحل وكل مرحلة هي مقدار من الطاقة يمكن أن يوجد مستقلا وهذا المقدار من الطاقة يطلق عليه كوانتم (كم) ونظرية الكوانتم هي التي أعطت امكانية مفهوم سلوك الذرات والجزيئات والأنوية والأجسام الصلبة ومنها حدث تطور علمي هائل، ولذلك تعتبر نظرية الكوانتم علم الفيزياء الحديث والمعاصر. وعلم الفيزياء الحديث ارتكز علي النظريات الأساسية.

الكوانتم تفسر وتصف طبيعة وسلوك المادة والطاقة علي المستوي الذري ودون الذري ومن أهم التطبيقات لنظرية الكوانتم التي نتجت عن مفهومها العلمي هي كمية التحرك الزاوي المداري بأنه يجب أن يكون هذا المفهوم مكمي فأعطي مفهوم المغناطيسية لبعض المواد وأنها تتواجد اما فيرومغناطيسية أو بارامغناطيسة أو ديامغناطيسة وكذالك فيريمغناطيسية ومنها أدت الي مفهوم التوصيل الكهربي الفائق وفائقية السيولة  واكتشاف مائع الكوانتم بشكله الجديد بالاثارات المشحونة جزئيا. كما استطاع العلماء استخدام أساسيات نظرية الكوانتم لقياس الزمن دون استناد للموقع وأنتجوا أعظم وأدق الساعات الدقيقة المضبوطة في العالم ويطلق عليها الساعات الذرية ومنها ما يطلق عليه ساعات الكوانتم المنطقي بالاضافة الي أنظمة المواقع العالمية. لذلك نجد أن نظرية الكوانتم تمثل الواقع الفيزيائى النهائى ولذلك اذا عرفنا الحاضر بدقة يمكننا التنبؤ بالمستقبل. ومن التطبيقات الهامة مبدأ تأثير هول وهي من احدي التقنيات ذات القيمة والتي ساعدت العلماء علي فهم الخواص الالكترونية للمعادن وأشباه الموصلات وذودتهم بمعيار جديد ملائم للمقاومة الكهربائية. كما استطاعت ميكانيكا الكوانتم التوصل الي مفهوم تأثيرات ميكانيكا الكوانتم علي سلوك الالكترونات في المادة والتي أدت الي اكتشاف جهاز التداخل فائق الكوانتم ” كوانتم التداخل”، لذالك فيزياء الكوانتم لها تأثير كبير وعظيم في التطور التكنولوجي للقرن الحالي القرن الواحد والعشرين، فمثلا اختراع الترانزستور في القرن العشرين واكتشاف الليزر “شعاع القرن”وتأثيرهما في مجال المعلوماتية ومنها أدي الي علم الحاسوب (علم الكمبيوتر)  في مجال الثقوب الرقمية لعلم الاتصالات عن بعد ولوحدات عنصر المعلومة ويطلق عليها حاسوب الكوانتم. بالأضافة الي ذلك هناك كيمياء الكوانتم وهي من أحد فروع الكيمياء الفيزيائية التي تختص بتفسير الظواهر الكيميائية من خلال مفاهيم ميكانيكا الكوانتم. نجد الترانزستورات ترتكز علي تأثيرات الكوانتم لتسد مسد أشباه الموصلات، والموصلات، والعوازل وهذا من خلال العمليات المستخدمة في الكمبيوتر أو في الحاسبات والتليفونات وأفران الموجات الميكروية وماكينات الغسيل بأنواعها، كم أن الليزر يرتكز علي الطبيعة المنفردة أو المنفصلة لمستويات الطاقة الذرية (الكوانتات) وكل الترانزستورات ما هي الآ أجهزة ميكانيكية كمومية مرتكزة علي مفهوم الكوانتم  وهذا ما يوضح أننا نتواجد أو يتوسطنا نسيج متشابك وممتلئ بالتكنولوجيات الحديثة والعلوم البيولوجية والكيمياء الناعمة الي  علم المورثات الجينية الي مفهوم د ن أ، فمثلا مبادرة اللولبة أو التدويم الالكتروني  فهي ظاهرة كمومية في منتهي النقاء بكل معني الكلمة، مفهوم مائع الكوانتم او اكتشاف مائع الكوانتم بشكله الجديد بالاثارات المشحونة جزئيا والرنين المغناطيسي أو التصوير بالرنين النووي المغناطيسي فهي مبادرة  تدويم الكوانتم بهدف تصوير الجسم بالاضافة الي تفسير الترابط الضوئي مستخدما  نظرية الكوانتم للترابط الضوئى.

اعلانات جوجل

من هذه المفاهيم نستنتج أن ميكانيكا الكوانتم لها تطبيقات عديدة نجحت في تفسير ظواهر عديدة في الكون الذي نتواجد فيه فهي الأداة الوحيدة التي منها تم تفسير سلوك الجسيمات دون الذري التي يتواجد منها المادة  بأنواعها الحية والغير حية والمادة المتطورة والمادة الجديدة، كما لها تأثيرات علي نظريات الوتر كما أنها تعتبر الأساس في وصف أغلب العلوم الكيميائية و لها أيضا  دور عظيم في عمليات الربط الأيوني والتساهمي ولذلك يطلق علي الكيمياء الحسابية، كل هذا يرتكز علي ميكانيكا الكوانتم، كما أوضحت ببراعة تامة كيف  تم التفاعل بين الذرات كتفاعل تساهمي لتكوين الجزيئ لذلك نجد المفاهيم التالية الترانزستور – الرقائق بأنواعها والليزر والتصوير الرنيني النووي المغناطيسي – المجهر الالكتروني بأنواعه كما أوضحت سلوك أشباه الموصلات التي أدت الي اختراع الصمام الثنائى والترانزستور ولذا تعتبر جزء هام في الأنظمة والأجهزة الالكترونية مثل مفهوم المعلوماتية والاتصال عن بعد وكوانتم النفقي بالاضافة الي نقل معلومة الكوانتم علي مسافات  بالاضافة الي فك الشفرة والرموز والرسائل المشفرة وكيفية استخدام الشفرة ونقلها في الكتابات الرسمية وتفسير العديد من الظواهر البيولوجية والفيزيقية. فنجد صناعات واختراعات والاكتشافات والمساهمات العلمية المثمرة اليوم  كلها مرتكزة علي ما تميز به القرن العشرين المرتكز علي مفهوم  نيوتن – ماكسويل – أينشتين – أوتوشتيرن – والتر جيرلاخ – والتفسير الاحصائى لمدرسة كوبنهاجن – هيزنبرج – – ديراك – دبروجلي – نيلز بوهر – ماكس بورن – باولي – شرودنجر – ماكس بلانك وغيرهم , ان الحل الجذري سيأتي من تطبيق فيزياء الكوانتم  وفيزياء أينشتين وعلم الكيمياء الحيوية والكيمياء الناعمة وهندسة وعلوم المواد والتضافر مع العلوم الأخري  وقبل أن ينتهي القرن الواحد والعشرين سيتحقق الحلم الفيزيائى وسنشير عليه في نهاية المقال, سأسرد باختصار شديد المفهوم العلمي للأفكار التوحيدية في علم الفيزياء الذي يرتكز علي مفهوم التوحيد في المفاهيم للنظريات العلمية التى تعمل علي رفاهية الشعوب فنجد في القرن الحادي عشر كل من العالم الفيزيائى البيروني وجاليلو أعلنا أن قوانين الفيزياء المكتشفة علي الأرض تنطبق سواء بسواء علي الظواهر التي تحدث في أماكن أخري في الكون. وقد حقق نيوتن أن القوة الأرضية التي تتحكم في سقوط الأجسام علي الأرض تطابق الثقالة السماوية التي تمسك الكواكب والمجرات والنجوم في مدارتها حول الشمس. بين ماكسويل من أعمال كل من فارادي وأمبير أن مظاهر التوحيد بين الكهرباء والمغناطيسية انتاج اشعاع حراري كهرومغنطيسي ويظهر هذا الاشعاع علي صورة اشعاع حراري وضوء وموجات راديو وأشعة سينية وماهي الآ مظهر من مظاهر للقوة الكهرومغناطيسية . بينت أعمال كل من هايزنبرج وشرودنجر وديراك أن القوي الكيميائية وكل القوي التي تتحكم في الحياة والوظائف العصبية هي أيضا من مظاهر القوي الكهرومغناطيسية مضافا اليها نظرية الكوانتم. وقد وحد أينشتين مفهومي المكان والزمان وأدي الي مفهوم الزمكـان الديناميكي وأدي الي تقدم مثمر في علم الكون “الكوزمولوجي” وهناك مساعي علمية علي مستوي علمي رفيع لتوحيد القوي الطبيعية الأربعة  وهي القوي النووية الشديدة والقوي النووية  الضعيفة والقوي الكهرومغناطيسية والجاذبية, وبالفعل قد تحقق توحيد القوي الكهرومغناطيسة والقوي النووية الضعيفة وقد أطلق عليها القوي الكهرونووية “جائزة نوبل في الفيزياء عام 1979”.

تشير كل الأدلة التجريبية علي توحيد القوي الكهروضعيفة بالقوي النووية الشديدة وتفسير مفهوم كوانتم كرومو ديناميك ” القوي اللونية” وهذا ما يحقق الحلم الفيزيائى العظيم لصياغة نظرية الفيزياء والمتضمنة الجاذبية في توحيد  القوي الطبيعية  الأربع “جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2004”. والهدف الرئيسى الذي يبحث عنه علماء الفيزياء قبل نهاية القرن الواحد والعشرين هو  تحقيق حلم الفيزيائيين الحلم العظيم  حيث هناك  حصنين من المعاقل العلمية الهامة التي حدثت في القرن العشرين وهما نظرية الكوانتم والنظرية النسبية العامة لأينشتين والهدف هو توحيد النظريتين وسوف يطلق عليها نظرية كل شيئ”Theory of Everything”نظرية الكوانتم أعطت امكانية مفهوم سلوك الذرات، والجزئيات، والأنوية والأجسام الصلبة وظواهر فيزيائية هامة ومنها حدث تطور مذهل ولأنها وهي النظرية الوحيدة المثلي و المرشحة مع النظرية النسبية العامة التي  توصف الأشياء علي مستوي تدريج كبير وضخم بمعني البنية التركيبية للكون بأكمله وبتوحيد كليهما سيؤدي ذلك الي وصف وتفسير كل ما هو ضخم جدا وكل ما هو ضئيل جدا وتأكد علي توحد مفهومنا للقوي الأساسية الفيزيائية في الكون  ولها مقدرة لحل المشاكل الصعبة ولذلك يجب توحيدهما بنظرية منفردة تحت مظلة رياضية  مضبوطة واحدة وثابتة ولكن سيكون هناك تساؤل سيفرض علينا ما هو التمني المقصود لهذه النظرية الوحيدة أي المنفردة لكل شيئ  قبل نهاية القرن الواحد والعشرين!؟

الدكتور حازم فلاح سكيك

د. حازم فلاح سكيك استاذ الفيزياء المشارك في قسم الفيزياء في جامعة الازهر – غزة | مؤسس شبكة الفيزياء التعليمية | واكاديمية الفيزياء للتعليم الالكتروني | ومنتدى الفيزياء التعليمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى