علماءمواضيع العدد ٩

حوار مع العالم غاليليو غاليلي

حوار مع العالم غاليليو غاليلي

أهلا وسهلاا بكم في حلقة جديدة من سلسلة حلقة اليوم ستكون خاصة جدا؛ وذلك لوجود مناسبة عزيزة علينا جميعا، وهي مرور خمس سنوات على إنشاء منتدانا الرائع هذا .لذا اخترت لهذه الحلقة محاورة عالم له فضل في غرس جذور الفيزياء وإرساء قواعدها .

وكانت النية أن نستضيف معه عالما بارزا آخر هو يوهانز كبلر؛ بما أنهما كانا يعيشان في ذات الوقت رغم قلة اتصال احدهما بالآخر.

اعلانات جوجل

لكن الأخير اعتذر عن الحضور في اللحظات الأخيرة .  كانت دعابة بالطبع، لكن محسوبكم المقدم وجد صعوبة في تنسيق الحوار بين عالمين يحتاج كل منهما إلى حلقات للتحدث عن انجازاته .رحبوا معي جميع بضيف حلقتنا لهذا اليوم عالم الفيزياء والفلك الشهير :

غاليليو غاليلي  Galelio Galilei

نيوتن: مرحبا بك معنا ضيفي العزيز.

غاليليو: أهلا بكم جميعا، ويشرفني أن أكون ضيفا لحلقة هذا اليوم .

اعلانات جوجل

نيوتن: أشكرك جدا، وأحب أن أنوه أن الهدف من هذه الحلقات هو إيجاد طريقة مختلفة للتعريف بعلماء الفيزياء، بعيدا عن الطرق التقليدية والتي من الممكن ان تكون مملة في هذا المجال .

نبدأ معك ضيفنا الكريم من نقطة الصفر، اي من لحظة ولادتك، تحديدا بعد 3 أيام من وفاة النحات الشهير “مايكل أنجلو”، وهو لمن لم يسمع به قبلا من أشهر نحاتي عصر النهضة.

غاليليو: تماما وكان ذلك في 15 فبراير عام 1564.

نيوتن: لقد ولدتَ لاب فلورنسي كان يعمل في التجارة، وكان لوالدك أعظم الأثر في حياتك.

غاليليو: معك كل الحق؛ فقد ولدت في فترة كان بها العلم في بواكير أيامه، وتساؤلات المدرسة الفكرية كانت مثقلة بالسلطة القوية لأصحاب العقيدة البابوية اللاعلمية ، في حين كان والدي يرى أنه ما من سبب يمنع تشجيع تبادل الأفكار الحر.

اعلانات جوجل

نيوتن: وبهذا فلا شك أن حماسته هذه قد انتقلت إليك.

غاليليو: هذا صحيح.

نيوتن: ننتقل الآن إلى المراحل التي ممرت بها في تحصيل تعليمك، فهل لك أن تحدثنا عن ذلك؟

غاليليو: تلقيت تعليمي الاول في دير “فولومبروزا” قرب فلورنسة، ومن ثم انتقلت لدراسة الرياضيات في جامعة بيزا.

اعلانات جوجل

بعد ذلك عملت كمحاضر في أكاديمية فلورنسة، وبعدها بدات بتَدريس الرياضيات في جامعة بيزا، وقد كانت السنوات الثمانية عشر التي قضيتها في الكلية في بيزا من أخصب حقب حياتي.

نيوتن: لماذا اعتبرت هذه الفترة هي الأهم في حياتك، ارجو أن توضح رجاءً.

غاليليو: بكل سرور فهذا ما يجب أن أفعله في هذا اللقاء، اعتبرت هذه المدة ذهبية بالنسبة إلي بأنني تابعت بها عددا من التجارب التي برهنت على عيوب فيزياء ارسطو.

نيوتن: عفوا لمقاطعتك، لكن هل لك أن تشرح لنا مثالا على ذلك؟

غاليليو: مثلا كان الاعتقاد بأن حركة الجسم لا يمكن أن تستمر إلا إذا ظل على تماس مع القوة المسيرة له، لكن تبين لي من خلال دراساتي في الميكانيك أن الجسم لا يتوقف عندما تزول عنه القوة المسيرة؛ بل يتباطأ بمعدل يتوقف على مقدار الاحتكاك الذي يلاقيه، وهذه النتيجة هي التي أوصلتني مباشرة لمفهوم العطالة.

كما أثبت أنه لو لم يكون هناك احتكاك جوي للأجسام الساقطة، لسقطت جميعها بسرعة واحدة.

نيوتن: هناك اسطورة متداولة تقول بأنك قمت باسقاط عدة اشياء ذات أوزان مختلفة من قمة برج بيزا المائل، وذلك كي تثبت خطأ الرأي الذي تشبث به أرسطو من ان الجسم الأثقل يصل إلى الأرض أولا، لكن ما من وثيقة تثبت أن تجارب كهذه قد تمت بالفعل .

غاليليو: هذا مثير بالفعل .

نيوتن: ويبدو أننا لن نعرف مدى واقعية هذا الحادث أبدا، ولذا نعود لنتابع الحديث عن إنجازاتك الأخرى.

غاليليو: قمت كذلك باكتشاف تساوي مدد اهتزازات النواس وميزان توازن السوائل ومبادئ التحريك ( الديناميك)، وفرجار التقسيم التناسبي وميزان الحرارة، كما قمت بعدة تحسينات على المقراب “التلسكوب” .

نيوتن: ليس هذا بالمستغرب من شخص له امكانيات حضرتك؛ فقد أثبت أنك باحث لا مثيل له في أرصاده لسطح القمر ولأقمار المشتري وأطوار الزهرة كذلك.

غاليليو: في الحقيقة كانت طريقة دراستي المتأنية هذه وخاصة دراستي لدراسة تجاعيد القمر، هي أولى المناسبات التي دعتني للنفور من التزمت الديني.

نيوتن: وكيف ارتبط هذان الأمران ببعضهما؟

غاليليو: لقد رأيت من خلال مقرابي مابدا لي أنه بحار مظلمة وأرض مضاءة، وقارات ومحيطات وقمم جبلية تعلو في ضوء المصباح ووديان تنحدر تدريجيا في الظلال…

نيوتن: أحب ان أقول فقط ان ما بين الأقواس أعلاه، مقتبس من قول لك فعلا، أرجو أن تكمل حديثك رجاءً.

غاليليو: لم يفتني عند رؤية كل ذلك ملاحظة وجع الشبه الواضح في هذا مع جغرافية الأرض، كما لم أتردد في التفكير ان الأرض والقمر يتألفان من مادة واحدة،

نيوتن: كان هذا تفكيرا خطرا للغاية !!

غاليليو: تماما؛ فقد كان الاعتقاد السائد وقتها أن الأرض تحتل مكانا مركزيا في الكون، وانها لذلك يجب أن تكون من مادة لا توجد في مكان آخر.

نيوتن: لقد كنت على ما يبدو تفضل نظام كوبرنيكس القائل بمركزية الشمس؟

غاليليو: هذا صحيح، وقد ساورني الظن كذلك بأن تكون الأرض هي أصغر كواكب المجموعة الشمسية، وهذا ما جعلني على يقين من خطأ السلطة الدينية في نظرتها إلى الكون.

نيوتن: وبمناسبة حديثك عن ذلك، أحب ان اوضح أن رجال الكنيسة كانوا مطلعين على آراءك، ولم يغب عن بالهم شكوكك فيما يتصل بفلسفة أرسطو، فقد كان هذا تحديا لوحدة الكنيسة الفكرية، ولم تتسامح مع أي تحد لمعتقداتها.

غاليليو: كلامك صحيح، لكن ذلك لم يخفف من حماستي أبدا لنظام كوبرنيكس، ومع ذلك فقد كنت اعلم أن دفاعي عن مركزية الشمس سيعرضني للعقاب من قبل المؤسسة الدينية.

نيوتن: هذا يتضح تماما من خلال نص رسالتك ليوهانس كبلر في العام 1597، والتي أرجو منك السماح لنا بنشر جزءٍ منها…

“كنت لسنوات اؤيد وجهة نظر كوبرنيكس التي تفسر لي أسباب كثير من الظواهر الطبيعية التي ظلت بدون أي تفسير إطلاقا ضمن حدود الفرضيات الشائعة المسلم بها. ولكي أفنّد هذه الفرضيات الأخيرة جمعت العديد من الإثباتات، ولكني لا اجرؤ على إطلاع الجمهور عليها علنا خوفا من ان يصبح مصيري كمصير معلمنا كوبرنيكس الذي اصبح في رأي عدد لا يحصى من الناس – وهكذا أصبح عدد المجانين – عرضة وهدفا للضحك والسخرية، على الرغم من أن شهرته في نظر العديدين ستظل خالدة أبد الدهر”

 نيوتن: لقد تأيدت تحفظاتك هذه بعد أن أحرق “جيوردانو برونو” عام 1600 بتهمة الهرطقة.

غاليليو: معك حق، ورغم محاولتي تأويل نتائج نظرية كوبرنيكس بصورة لا تخالف ماورد عن الكون في الديانة المسيحية، لكن جهودي هذه اخفقت في تجنب اعتراضات الكنيسة.

نيوتن: لقد وجه إليك اللوم من قبل محكمة التفتيش عام 1616، وأُمرت بعدم التمسك بنظرية مركزية الشمس وعدم تعليميها لأحد أو الدفاع عنها.

غاليليو: لم استطع تقبل الموت حرقا من أجل مصلحة شخصية تافهة كما فعل برونو، لذلك التزمت بشروط حكم التأنيب، ولم أقم بنشر أي شيء حتى العام 1623.

نيوتن: ما الذي تميز به هذا العام بالتحديد؟

غاليليو: في هذا العام تسلم صديقي الكاردينال “بربريني” كرسي البابوية باسم “أوربان الثالث” وقد كنت اعتقد انه سيكون نصيرا للعلوم والفنون ولكنه لم يستطع نقض القرار المنافي لمركزية الشمس.

ومع ذلك لم يحرم مناقشة النظرية على أنها فرضية تأملية.

نيوتن: وبعد.

غاليليو: في هذا العام أيضا قمت بنشر كتابي “حوار حول النظامين الكونيين الرئيسيين”؛ دعما للنظرية المدانة واهديته لصديقي اوربان ، وقدمت معه بيانا مسهبا أبين فيه إخلاصي للكنيسة.

نيوتن: أود منك ضيفي الكريم وقد شارف لقاءنا على نهايته أن تحدثنا قليلا عن كتابك ” حوار” وما رافق نشره من أحداث.

غاليليو: كنت حريصا على أن لا أَعرض نظرية كوبرنيكس إلا على أساس أنها بديل محتمل للنظرية المقبولة ، لكن تحيزي كان واضحا في كتاب الحوار، وكان لي أعداء في المقر البابوي خافوا من استمرار اضمحلال فلسفة أرسطو.

لذلك اقنعوا محكمة التفتيش بانني لم ألتزم بشروط حكم التانيب عام 1616، فامرتني المحكمة عام 1632بالقدوم إلى روما لمواجهة التحقيق.

نيوتن: وماذا جرى بعد ذلك؟

غاليليو: وصلت إلى روما في شباط/فبراير عام 1633، وتم استجوابي بعدها بأربعة أشهر بتهمة أن نشري لكتاب “حوار” هو خرق لقرار عام 1616 ، فثبتت التهمة علي وحكم علي بالسجن وأجبرت على استنكار دوران الأرض حول الشمس .

نيوتن: يقال بأنك تمتمت بعبارة “E pur si muove” أي “ومع ذلك فهي تتحرك”، مع أنك وعدت بأن لا تتحدى نظرية مركزية الأرض .

والآن ضيفنا الكريم، سنتحدث عن المرحلة الأخيرة من حياتك، فهل لك أن تجمل لنا ذلك؟

غاليليو: بعد فترة سجني سمح لي بالعودة إلى فرونسة، لكني بقيت خاضعا للإقامة الجبرية طيلة السنوات الثمانية الأخيرة من حياتي.

فلم يكن أمامي أي خيار سوى أن أحجم عن معارضة الجمهور.

لكني بقيت متابعا لتجاربي العلمية طيلة ذلك الوقت، وتدبرت امر تهريب نسخة من كتابي ” حوار ” إلى خارج البلاد، حيث ترجم هناك إلى اللاتينية فقد كان مكتوبا بالإيطالية. 

نيوتن: وإلى هنا ننهي حلقتنا لهذا اليوم معك ضيفي العزيز المتميز، وبقي لي أن أقول أن المنية قد وافتك في عام 1642، بعد مساهمتك بدور حيوي في إرساء بواكير العلم الأولى على أساس وطيد من التجارب والملاحظة، ولم تنسَ في الوقت نفسه تطهير العلم من التأملات الفلسفية التافهة ولا سيما في مجال الميكانيك.

أشكر باسمكم جميعا ضيف حلقتنا لهذا اليوم، الفيزيائي المتفاني غاليليو غاليلي .

وإلى حلقة اخرى مع عالم آخر من علماء الفيزياء، ممن تركوا بصمات واضحة في إرساء قواعد هذا العلم الرائع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى