حوار مع الاستاذ تامر بركات
أعزائي قراء مجلة الفيزياء العصرية .. يسعدنا أن يكون ضيف عددنا هذا أحد الشباب القلائل الذي علي الرغم من صغر سنه، إلا أنه كون لديه رؤية وهدف لتنمية مجتمعه، في بقعة ريفية صغيرة من ريف مصر، بل واستطاع خلال مدة قصيرة جداً أن يضع أهدافه حيز التنفيذ، وهو الآن علي طريق النجاح. ضيف عددنا اليوم هو مدرب العبقرية .. تامر بركات.
في البداية نرحب بالأستاذ / تامر بركات مدير مركز صناعة العبقرية .. بمركز مطوبس .. محافظة كفر الشيخ .. ونستهل حوارنا بالبيانات الشخصية لحضرتك.
تامر عبد الله محمد يعقوب بركات – 28 عام – حاصل علي ليسانس الآداب قسم لغة عربية جامعة طنطا عام 2005 انتهيت الآن من تجهيز رسالة الماجستير عن آداب الطفل.
بعد التخرج أثقلت دراستي بالحصول علي بعض الدراسات التربوية من كلية التربية، كما استطعت الحصول علي بعض التدريبات التي من خلالها استطعت أن أصبح مدرب معتمد في التنمية البشرية والتطوير الذاتي والإداري والتربوي من الأكاديمية الدولية لصناعة العبقرية، كما حصلت علي شهادات معتمدة في البرمجة اللغوية العصبية استطعت من خلالها أن أصبح مدرب للبرمجة اللغوية العصبية – مدرب فن هندسة النجاح – مدرب لمدربات الأطفال Ced.
أعمل حالياً معلم بوزارة التربية والتعليم المصرية .. ورئيس مركز صناعة العبقرية – عضو مجلس أمناء البورد العربي للبرمجة اللغوية العصبية، ومدرب جامعة العبقرية أون لاين والتي ما زالت تحت التأسيس – متزوج ولدي عمر.
أستاذ تامر ما هو مفهوم التنمية البشرية؟ وأي الجوانب الإنسانية يخدمها هذا المفهوم؟
التنمية البشرية هو علم وفن الوصول بالإنسان لدرجة الامتياز البشري لتحقيق أهدافه ورفع مستوي حياته، فأصعب بناء هو بناء الشخصية، فالتنمية البشرية تخدم جميع جوانب الإنسان، ففي البداية يخدم الجانب الفكري للإنسان حيث تغير من تفكير الإنسان، حيث أن الجانب الفكري هو بداية التغير.
ثم عندما يتغير الجانب الفكري لدي الإنسان يتغير الجانب الحسي لديه، فيتغير إحساسه نحو الشيء المطلوب، ليبدأ التعبير عما تغير بداخله، فيتغير الجانب اللغوي لديه، ثم يبدأ لينفذ فيتغير الجانب الحركي، وبالتالي يصبح لديه سلوكاً جديداً فيتغير الجانب السلوكي، حتى تصبح كالعادة، وبالتالي تتغير شخصية الإنسان ككل.
أستاذ تامر حضرتك تعمل معلم بجوار عملك كمدرب للتنمية البشرية … ما مدى استفادة عملك كمعلم من عملك كمدرب للتنمية البشرية؟ والعكس؟
التربية والتعليم هي أساس التنمية البشرية، كما أن الطفل هو أساس عمل مدر التنمية البشرية، وبالتالي أفيد الطلاب وأستفيد كمدرب، لكي أحيط بالظروف المحيطة بالمعلم وأكون لدي خبرة بالطلاب وأنواعهم، وطبيعة المعلم، وطبيعة الإدارة والمؤسسات التعليمية وبالتالي عندما أدرب المعلمين أعرف أنسب الطرق لتدريبهم من خلال الواقع الذي يعيشون فيه.
متى وكيف تبلورت في ذهنك فكرة إنشاء مركز صناعة العبقرية؟ وما الهدف من وراء نشأته؟
منذ أكثر من عامين، وتم افتتاحه في أغسطس 2010، وكانت هذه الفكرة وليدة حبي الشديد للتدريب، ولدي الطاقة لذلك، فبدأت أثقل تلك الطاقات بالحصول علي الشهادات، جانباً إلي جنب حبي الشديد للأطفال وقدرتي العالية علي التعامل معهم، وبالتالي جاءت فكرة إنشاء كيان يركز علي المهارات والذكاءات ليستطيع الإنسان التميز في المجال الذي يحبه.
ما هي الفئات والشرائح العمرية التي يخدمها المركز؟
يخدم المركز معظم الشرائح العمرية بدءاً من 3 سنوات فما فوق، ولكن التركيز الأكبر علي أطفال الروضة من سن 3 سنوات ولهم مدربات خاصة أقوم بتدريبهم، حتى تؤثر عليهم تأثير إيجابياً.
بالنسبة لأطفال المرحلة الابتدائية، فلهم مدربات خاصة من كلية التربية، في جميع التخصصات.
وبالنسبة لمرحلة الإعدادي والثانوي، فهناك دورات لهم في المذاكرة والاستذكار وأبدأ معهم بالجزء النفسي، وكيفية التفكير إيجابياً لكي يكون مبدع، ثم أعطيه مهارات عملية كالقراءة السريعة، الكتابة السريعة، الخرائط الذهنية وغيرها.
بالنسبة للكبار، فلهم برامج تدريبية في التنمية البشرية، ومهارات الاتصال، والبرمجة اللغوية العصبية، التعاون مع الأطفال وغيرها.
كيف يمكن للمركز اكتشاف العبقريات في مدارس مصر؟
في الوقت الحالي بدأ المركز خطوات صغيرة في هذا الشأن، وذلك لحداثة المركز، وحداثة هذا المفهوم علي التربية والتعليم، حيث تم إنشاء قسم إدارة الموهوبين بالإدارات التعليمية، ولكنه ما زال في أول خطواته، يعتمد علي الأعمال النظرية فقط، لذا نقوم حالياً باكتشاف العبقريات في الأطفال المتقدمين لدينا في المركز، حيث نقوم بعمل اختبارات لفرز شخصية كل طفل، ثم أدرب علي جميع الذكاءات، فيظهر لكل طفل ذكاء معين متميز به، ثم يتم إخطار المدرسة وإدارة الموهوبين بهذا الطفل لدعمه وتطوير ذكاءه في المجال المتميز به.
الكثير من الناس يفتقدون تطبيق عقائدهم الدينية والفكرية في حياتهم .. كيف نستطيع من خلال التنمية البشرية إخراج تلك المعتقدات إلي أرض الواقع؟
بالنسبة للعقائد الدينية، المفترض أنني كمسلم لدي عقيدة إيمانية من المفترض أنها تكون ثابتة، فمنهم من يطبقها بقوة، ومنهم من لا يطبقها بقوة، ومنهم من لديه عقائد متزعزعة، فلابد أن يكون المدرب ملم جيداً بعقيدة المسلم ولديه الشواهد والدلائل المقنعة، فعملي بالطبع كمدرب للتنمية البشرية ينكب علي النوعين الأخيرين، حيث نبدأ بالعمل علي الجانب الروحاني أو اللاوعي لديه كالإيمان بالآخرة، وبالتالي أبدأ بتثبيت أساسيات العقيدة أولاً بالتدريج، ثم أبدأ أدفعه لتوظيف ما اعتقده ورسخ لديه مستنداً إلي المحفزات الربانية من حسنات وغيرها.
أما بالنسبة للمعتقدات الفكرية، فعملي يرتكز علي العقل اللاوعي، حيث أبدأ أفرز معتقداته ثم أزيل معتقداته السلبية أو الخاطئة، وأضع مكانها معتقدات إيجابية وذلك بالتدريج، فأي مهارة لابد أن تكتسب لابد من التعرف عليها أولاً، ثم الاقتناع بها، ثم تطبيقها أكثر من مرة حتى تخزن في اللاوعي وتكون مثل العادات اليومية لديه.
في عالمنا العربي الكثير منا يفرض عليه مجال معين دون اختيار منه، كيف يمكن للفرد تحقيق النجاح في أي مجال يفرض عليه؟
هناك حلان لهذا الموضوع، الأول: أن أتركها نهائياً وأبدأ أبحث في المجال الذي أتميز به، وقد قام بذلك الكثيرون ونجحوا، أما الثاني: أن يبقي في مهنته ويبتعد عن السخط وعدم الرضا، فما نقوم به هو أن نعطيه الأمل، حيث أنها قد تكون نقطة تميزه وهو لا يدرك ذلك، فقد تكون نقطة تميزه التي ساقه الله إليها دون تخطيط منه، وأنها قد تكون الرسالة التي يريدها الله منه في الحياة ليغير من أناس آخرين، وبالتالي يفيد المجتمع أكثر من المجالات التي كان يتمني العمل بها، فلابد أن يتأقلم الفرد عليها ويستغل كل مهاراته وقدراته وسلوكياته ويبدأ في الإبداع في هذا المجال، لأنه سواء أبدع أو لم يبدع فإن الحياة ستسير، فالأفضل أن تسير الحياة وأنا مبدع من أن تسير وأنا ساخط.
كثيراً من الناس يعرفون هدفهم ولا يدركون سبيلاً للوصول إليه، كيف يضع المرء خطة محكمة لتحقيق هدفه؟
تحديد الهدف له مواصفات، فالهدف يجب أن يتناسب معي، ولا يكون ضد الأشياء التي أحبها، كما أنه لابد أن يكون هدف إيجابي، وأن يكون الهدف دقيقاً ولا يجب أن يكون واسعاً، كأن يتمني المرء أن يكون مدرساً في الجامعة، دون أن يعلم أي التخصصات سيسلك، كما يجب أن يكون الهدف قياسي ليس تخيلي، أو صعب تحقيقه أو بعيد جداً تحقيقه، كما لابد أن أحدد من سيساعدني للوصول إليه، وأين أريد بالتحديد أن أصل.
فبعد تحديد مواصفات الهدف أبدأ في تخيل الهدف حتى يعطيني طاقة وإحساس ورغبة في تحقيق الهدف، ثم وضع خطة زمنية محكمة للوصول إلي هدفك، وذلك بتحديد المدة الزمنية اللازمة والمناسبة لتحقيق الهدف، وتقسيم هذه المدة إلي أجزاء لكل جزء أو مدة مهام معينة فيما يسمي بإدارة الوقت.
الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك .. كيف ندير أوقاتنا بحزم؟
الوقت مشكلة نعاني من ضيقها حالياً، فهناك مغالطات كثيرة للتعامل مع الوقت، فهناك أشخاص يعتقدون أن وقتهم لا يكفيهم، أو أن هناك أشخاص آخرين يعيقونه ويشغلون وقته بالكامل، فيجب أن نحتاج لتخطيط الوقت لتحقيق الأهداف المرجوة.
أولاً: يجب أن أعرف الوقت المطلوب أو المتاح لتنفيذ الهدف، ثم أبدأ بتقسيم الوقت إلي أقسام لكل قسم مهمة معينة حسب الأولويات، ثم أتابع مدي تحقق المهمات لكل قسم أو جزء من الوقت بعد انتهاءه، فإذا أنجزت مثلاً جزء من المهمة المطلوبة في المرة الأولي يكون جيداً، ولكن يجب ألا أستمر علي ذلك في باقي الأجزاء، بل يجب في كل جزء أن أزيد مقدار تنفيذي لمهامي بالتدريج، ولا يجب أن أثقل يومي بالمهام حيث يجب أن يكون هناك مرونة في التعامل مع الوقت تحسباً للطوارئ التي من الممكن أن تحدث، كما يجب أيضاً عدم تعليق الأخطاء علي شماعة الآخرين، أنت مسئول علي عقلك، فأنت مسئول عن نتائج أفعالك.
لكل منا بلا شك نقاط ضعف ونقاط قوة .. كيف يمكننا التقليل من نقاط الضعف وتفاديها؟ .. وهل يمكننا بالفعل القضاء عليها نهائياً؟
لكي يتم تغيير نقاط الضعف لابد أن أتعرف عليها أولاً، ثم أبدأ في تصنيفها، فهناك نقاط ضعف تحتاج تدريب كنقاط الضعف في اللغة مثلاً ، وهناك نقاط ضعف تحتاج لمعالجة نفسية كالخوف من المستقبل مثلاً، ومثل هذا النوع يحتاج إلي متخصص نفسي أو في التنمية البشرية.
بعد تصنيف نقاط الضعف أبدأ في البحث في أمكانية تعديلها أو إلغاؤها، بالنسبة لنقاط الضعف التي تحتاج إلي تدريب يمكن إلغاؤها بانتهاء التدريب، وهناك نقاط ضعف لا يمكن تغييرها وهي نقاط ضعف بدنية، كالشخص الضرير مثلاً لا يمكن أن يغير من نقطة ضعفه هذه، ولكن يميزه الله سبحانه وتعالي في ميزات أخري عوضاً عن ما فقده من البصر، وهناك أمثلة كثيرة تبدو لنا في متحدي الإعاقة.
العصبية داء أصاب الكثيرون … هل هناك حل للقضاء عليها؟
تتم معالجة العصبية من خلال دورات البرمجة اللغوية العصبية، وأول خطوة لمعالجة العصبية هو التخلي عن المبرر السائد ” أنا عصبي ” فكلما يتعصب الشخص يبرر ذلك بتلك المقولة، وبالتالي يجد لنفسه في كل مرة حجة ليتعصب بها في المرة الأخرى، وبالتالي تزداد العصبية لديه، لذا يجب علي الشخص أولاً أن يتخلي عن هذه المقولة، ثم يبدأ الشخص بمراقبة نفسه وتصرفاته، فإذا تعصب مرة، يضع في ذهنه أن يقلل من عصبيته في المرة القادمة، وبالتدريج، إلي أن يصل إلي مرحلة يصبح فيها الهدوء عادة، وتحتاج مثل هذه المعالجات إلي إرادة قوية من الشخص.
الثقة بالنفس صفة يطمع الكثيرون للتحلي بها .. كيف يمكننا أن ننمي ثقتنا بأنفسنا؟
الثقة بالنفس تتطلب شجاعة، ويمكن أن ننمي ثقتنا بأنفسنا عن طريق التدريب، فعدم الثقة بالنفس يأتي من الخوف، وأفضل وسيلة لقهر الخوف هو الدخول فيه، وبالتالي أبدأ التدريب هنا عن طريق تغيير التفكير، فهناك أشخاص يعتقدون أن الناس تنتقده وتنتقد تصرفاته، أو ليس لدي الشخص الثقة في نجاحه، فالطفل في المدرسة كي نزيد ثقته من نفسه نضمه إلي الأنشطة الاجتماعية كالإذاعة المدرسية، وبالتالي يتعلم كيف يتحدث أمام الناس ويكتسب ثقته بنفسه، لذا علي الشخص الذي يريد أن ينمي ثقته بنفسه أن يخرط نفسه أكثر في العلاقات الاجتماعية.
أستاذ تامر من خلال تجربتك في مركز صناعة العبقرية .. ما هي الفروق في مدي تقبل المتدرب للمعلومة وتنفيذها وتطويرها لكل من الطفل والطفلة .. الشاب والفتاة؟ ولمن الغلبة؟ وما الأسباب وراء ذلك؟
نفسياً الرجل غير المرأة، فكل نوع خلقه الله سبحانه وتعالي لمهمة معينة فالرجل مثلاً يتميز بنوع من التفكير المستقيم لا يستطيع أن يفكر في أكثر من شيء في نفس الوقت، لكن المرأة تفكيرها من النوع الحلزوني، أي أنها تستطيع أن تنفذ أكثر من مهمة في نفس الوقت، كأن تقوم بإرضاع طفلها أثناء وهي تطبخ أو تنفذ شيئاً أخر، لكن الرجل له هدف واحد يريد أن يصل إليه، كما أن العاطفة عند المرأة أقوي من الرجل، فالمرأة تتميز بذكاء عاطفي أكبر من الرجل، لكن بالنسبة للفروق الفردية في التعلم وتقبل المعلومات لا تكون كبيرة، ولكن أهداف المرأة تختلف عن أهداف الرجل، فطموحات الرجل أكبر وأعم من طموحات المرأة، حيث أن المسئولية الملقاة علي عاتق الرجل أكبر من المرأة، وهناك تخصصات تبرع فيها المرأة أكثر من الرجل، وهناك تخصصات يبرع فيها الرجل أكثر من المرأة.
ما هي أهم الانجازات التي قدمها مركز صناعة العبقرية للمجتمع خلال فترة إنشاءه القصيرة هذه؟
(1) تجهيز قاعدة من الأطفال لديهم القدرة علي التقدير الذاتي للشخصية وتحديد طموحاتهم وأهدافهم، ويمتازوا بالتفكير الإيجابي، بالإضافة إلي العديد من الشباب والشابات.
(2) تم تدريب عدد كبير جداً من الأمهات علي التربية وكيفية صنع طفل مبدع وذلك كان مجانياً.
(3) تم عقد الكثير من الندوات والمؤتمرات للشباب بالتعاون مع الجمعيات الخيرية كان أخرها ندون بعنوان ” نظم حياتك وإبدأ العمل” بالتعاون مع جمعية تسابق الخيرات بفوة.
(4) بدأنا بالتعاون مع بعض المدارس حديثاً لاكتشاف العبقريات في الأطفال وتدريب المعلمين في إدارات مطوبس ودسوق وفوة.
في نهاية الحوار نتقدم بخالص الشكر لأستاذ تامر بركات علي هذا الحوار الممتع والهادف، وسعدنا كثيراً بمقابلتك، ونسأل الله تعالي لك مزيد من التقدم لخدمة المجتمع.
للتواصل مع الأستاذ تامر بركات علي صفحة الفيس بوك http://www.facebook.com/mr.tamerbarakat
أجري الحوار: محمد محروس عريف.
إعداد: الموحدة لله – محمد محروس عريف