مقالاتمواضيع العدد ٦

المتفيزق يشرح القانون الأول لنيوتن ويتحدث عن القصور الذاتي ويحل إشكالية الفعل ورد الفعل

المتفيزق يشرح القانون الأول لنيوتن ويتحدث عن القصور الذاتي ويحل إشكالية الفعل ورد الفعل

دعنا نتصور مجموعة كرات متشابهة تتدحرج في خط مستقيم على أسطح (مستوية) متباينة الخشونة … إن الكرة التي تتحرك على المستوى الخشن سرعان ما تقف بينما تزداد الفترة التي تتحركها الكرة كلما قلت خشونة السطح (وبالتالي زادت نعومته) حتى نصل إلى وضع يصبح فيه المستوى أملس تماماً وهنا نتوقع أن الكرة سوف تتحرك إلى المالانهاية في خط مستقيم، وهذا بالضبط ما نعنيه بالقصور الذاتي، عجز الأجسام عن تغيير حالتها الديناميكية من تلقاء نفسها، أو قل إنها قاصرة عن هذا التغيير بذاتها، ومن هنا جاءت التسمية. القصور: أي عجز الأجسام عن التغيير، والذاتي: أي من تلقاء نفسها.

سنعيد ذلك بطريقة أخرى: الجسم الساكن يقصر (لا يستطيع) أن يحرك نفسه بنفسه والجسم المتحرك قاصر ولا يستطيع أن يوقف نفسه بنفسه… هذا هو القصور الذاتي!!! وهنا نقطة رائعة ترتبط بالقصور الذاتي … إنها الكتلة!!!

اعلانات جوجل

المتفيزق يشرح القانون الأول لنيوتن ويتحدث عن القصور الذاتي ويحل إشكالية الفعل ورد الفعلبالتأكيد ستعرف الكتلة على أنها ما يحتويه الجسم من المادة.

لا بأس لكن هناك تعريفاً رائعاً وربما أكثر دقة… الكتلة هي مقياس القصور الذاتي للحركة الانتقالية…  سنوضح ذلك…

تصور أننا نريد أن نحرك شاحنة متعطلة… بدأنا بدفعها فإذا هي مستعصية … واضطررنا إلى نخوة بعض المارة وبالكاد استطعنا تحريكها…

تصور كذلك أن هذه الشاحنة كما نقول (دحلت) أي: انزلقت على طريق مائل …أنت شاهدتها فأردت أن توقفها … هل تستطيع؟ حاول!!! ستجد أن الأمر صعب جدا …

لاحظ معي: عندما كانت الشاحنة واقفة كان صعبا أن نحركها وعندما تحركت صار من الصعب أن نوقفها…ولذا نقول إن قصور الشاحنة كبير…

والآن قارن ذلك بما يحصل لو كان الأمر تحريك أو إيقاف حركة دراجة مثلا … سترى أن الأمر أسهل بكثير … يسهل التحريك ويسهل الإيقاف…أي أن القصور الذاتي للدراجة صغير…

ولذلك فإننا نقول: بما أن القصور الذاتي للشاحنة أكبر من القصور الذاتي للدراجة فإن كتلة الشاحنة أكبر من كتلة الدراجة… أرأيت؟؟؟!!!

وينص القانون الأول في الحركة لنيوتن (أو قانون القصور الذاتي) على أن كل جسم يبقى على حالته من حيث السكون (أو الحركة بسرعة منتظمة في خط مستقيم) ما لم يؤثر عليه مؤثر آخر يغير من حالته. وهذا المؤثر الذي يغير (أو يحاول أن يغير) من حالة الجسم (سكوناً وحركة) يسمى القوة. وفي مثال الكرات نرى أن وجود الاحتكاك (قوة) هو الذي يمنع الكرة من التحرك بسرعة منتظمة في خط مستقيم …

والآن تعالوا معي لنحل إشكالية الفعل ورد الفعل

ينص قانون نيوتن الثالث أن لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومضاد في الاتجاه.

فأنت تؤثر على الأرض بقوة (لأسفل) تساوي وزنك فتؤثر الأرض عليك بقوة تساوي وزنك (إلى أعلى)، وحين تحاول رفع الحقيبة فإنك تؤثر عليها بقوة فيما تؤثر هي عليك بقوة مماثلة.

وهنا يبرز سؤال (إشكالية في الواقع): إذا كانت قوة الفعل مساوية ومعاكسة لقوة رد الفعل فإن المحصلة تصبح صفراً ويجب على ذلك أن يسكن الجسم … أليس كذلك؟

والحق أن هناك مغالطتين واضحتين …  الأولى أن تساوي القوتين لا يعني بالضرورة أن الجسم ساكن لأنه لو تحرك بسرعة منتظمة (ثابتة في خط مستقيم) فإن محصلة القوى الخارجية المؤثرة عليه تكون صفراً (وهذا مفهوم القصور الذاتي في الواقع وقد تحدثنا عنه).

أما الثانية وهي الأهم هنا فهي أن قوتي الفعل ورد الفعل لا تؤثران في جسم واحد بل في جسمين مختلفين، فلو تصورنا جسماً يسقط إلى الأرض فإننا نفهم أن الأرض تجذبه بقوة mg أي بمقدار وزنه، وهذا الجسم بدوره يجذب الأرض بنفس القوة، ولكن أنى للجسم أن يحرك الأرض؟!

خذا مثالا آخر … تصور أنك تشد الطاولة … فإن كنت تقف على أرضية صلبة فإننا نتوقع أن تشد الطاولة وفي هذه الحالة فأنت تشد الطاولة مثلا بقوة 200 نيوتن وهي تشدك بقوة 200 نيوتن أيضا لكنك ثابت على الأرض ولذا تتحرك هي.

تصور الآن أن الطاولة مثبتة في الأرض بمسامير … وأنت بالمقابل تلبس في رجليك حذاء تزلج أو أنك تقف على أرضية زلقة… فإن أنت شددت الطاولة بقوة 200نيوتن فهي غير كافية للتغلب على قوة المسامير ولذلك لا تتحرك الطاولة … ماذا يحصل إذن؟ سوف تنزلق أنت ناحية الطاولة لأن 200نيوتن وهي رد فعل الطاولة كافية لشدك …

اعلانات جوجل

أرجو أن يكون هذا المثال بحيث ينجلي معه اللبس في هذا الموضوع.

د./ مازن العبادلة

قسم الفيزياء - جامعة الأقصى بغزة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى