مقالاتمواضيع العدد ٤

اكتشافات علمية أعاقت أصحابها أو أودت بحياتهم

أكثر الذين تعرضوا لإصابات جسدية أو ربما فقدوا حياتهم جراء اكتشافاتهم العلمية، هم العلماء الأوائل الذين جربوا هذه الاكتشافات على أنفسهم قبل أن يعلنوا نتائجها إلى الرأي العام. فالتاريخ يحدثنا عن الكثير من هؤلاء العلماء، ولكن هنالك بعض الحالات الغريبة التي تتعلق بشريحة من «العلماء المبدعين» أي أولئك الذين غيروا مسار العلوم الحديثة بما قدموه من مساهمات متميزة للغاية، لكنهم مع ما حققوه من نتائج عاصفة في ميادين العلم المختلفة، لم يستطيعوا حماية أنفسهم ضد تأثيرات تلك الاكتشافات الخطرة، فقد أراد البعض منهم الوصول إلى أهدافه العلمية عن طريق تجربة هذه النتائج على نفسه، فحصد بذلك إصابات خطرة وأمراضا قاتلة أدت به إلى الإعاقة أو إلى الموت.

 الفيزيائي الفرنسي  Charlese Brown – Sequard

اعلانات جوجل

أول عالم نبه إلى أهمية الهرمونات في جسم الإنسان، وهو بالذات من فتح باب البحوث الهرمونية أمام أوساط العلماء فيما بعد، حيث قام عام 1889 بإجراء عملية جراحية لحيوانين، هما الكلب والخنزير، وانتزع منهما غدتيهما الجنسيتين، ثم أخذ يحك هاتين الغدتين بعضهما ببعض، مضيفاً إلى السائل الذي ترشح عن عملية الحك، قدراً من الماء، وبعد تنقية الخليط، حصل على سائل هرموني قام بتجربته على نفسه، حيث زرق منه كمية محدودة تبلغ 1 سنتيمتر مكعب تحت الجلد في منطقة الفخذ، وكرر العملية لأيام عدة، محافظاً على كمية السائل المزروق في كل مرة، ولم يشعر براون بأي ألم، لكنه وبمرور الوقت بدأ يعاني ألما طفيفا في موضع زرق الإبرة، ولم يلبث الألم ان تلاشى، لكن هذا الألم كان يعاوده بين الحين والآخر ولفترة لا تتعدى الدقائق القليلة جداً.

وكمحاولة منه لإيقاف هذا الألم قام براون بتغيير تركيبة السائل، مضيفاً إليه ثلاث ملاعق من الماء المقطر، ثم قام بترشيح الخليط مجدداً، بعدها زرق كمية منه في الموضع السابق نفسه، وبعد فترة من الزمن قام بتغيير الماء المقطر بماء البحر، اعتقاداً منه بأن ذلك من شأنه أن يقضي على الألم.

وبعد عام من تجاربه هذه قدم تقريراً لأكاديمية العلوم في باريس، كتب فيه «لقد عادت إليَّ القوة التي كنت أتمتع بها قبل أعوام. فالعمل العلمي في المختبر لم يأخذ مني حالياً سوى جزء يسير من هذه القوة».

وفي حقيقة الأمر لم تكن النتائج التي أحرزها براون ذات أهمية علمية مؤثرة، وكذلك الحال بالنسبة إلى طريقة بحثه، لكن هذه المحاولة بالذات قد دخلت التاريخ الطبي كأول محاولة للعلاج بواسطة الهرمونات.

اعلانات جوجل

وبعد فترة من الزمن بدأت صحة براون تسوء، وظهرت عليه مؤشرات مرضية مختلفة، بعضها كان مبهماً، وربما تكون نتيجة لتلك التجارب التي أجراها على نفسه، وقد أودت تلك الأمراض فيما بعد بحياته.

أولى حالات المصاعب الصحية الواضحة الأسباب، حدثت بسبب الإشعاعات النووية الخطيرة، فقد ظهرت هذه المصاعب في نفس الوقت الذي تمت فيه تلك الاكتشافات اي منذ العام 1896.

 عالم الكيمياء  Glesel

أصيب العالم الألمانيGlesel بهذه الإشعاعات، حيث كان يعمل في ميدان الإشعاعات الكيميائية، فقد حمل في يديه عام 1900 ولمدة ساعتين كمية من الملح الإشعاعي «النووي» فكانت النتيجة ان أصيب بالتهاب واحتراق الجلد.

 العالم  Henri Becquerel

اعلانات جوجل

حمل العالمHenri Becquerel في جيبه ولمدة يومين متتاليين في 3 و4 مارس عام 1901 كمية من الملح الإشعاعي الذي ينسجم بفعالية إشعاعية تبلغ 160 مرة أكثر من الفعالية المعهودة.وبعد أسبوع، ظهرت على جلده بقع حمراء تطورت تدريجيا لتتحول إلى التهاب جلدي شديد.

وقد أصيبت المناطق القريبة من الملح الإشعاعي بإصابة بالغة، حيث ماتت الأنسجة الجلدية، الأمر الذي تطلب إزالة الأجزاء الميتة بعملية جراحية.

واستغرقت فترة العلاج سبعة أسابيع، بعدها أخذت الجروح بالالتئام من جديد.

العالم  Pierre Curie

اعلانات جوجل

كرر العالمPierre Curie هذه المحاولة، وكانت النتيجة إصابته بحروق في اليدين، حيث كلفه العلاج نحو 52 يوماً.

 العالمة  Marie Curie

في عام 1895 اكتشف العالمRontgen نوعا غير معروف من الإشعاعات النووية، وبعد عام توصل العالمHenri  Becquere  إلى نفس النتيجة، حيث لاحظ انبعاث الإشعاع أيضا من ملح اليورانيوم الطبيعي. الزوجان«Curie» فتحا أبواب العالم لدراسة الفيزياء النووية بعد أن وضعا أيديهما على النتائج التي حققتهاBecquerel.

Marie Curie  أعادت اختبار تجاربBecquerel  التي أجريت على المعدن الذي يحتوي على اليورانيوم والموجود بكميات قليلة في الأرض، وتوصلت خلال هذه التجارب إلى أن التربة تطلق أيضا أشعة مركزة ما عدا أشعة اليورانيوم، وعلى هذا الأساس فقد توصلت إلى معرفة المعدن الأخر الذي يحتوي أيضا على إشعاع غير معروف ينطلق من مركبات كيماوية تحتوي على كميات أكبر من الطاقة.

وهنا، في هذه اللحظة، ولد تاريخ اكتشاف معدن جديد، هو عنصر الـRadio، وكان ذلك عام 1902، وبذلك سجل الزوجان أسطورة جديدة في عالم المكتشفات العلمية.

عملتMarie Curie Sklodowska البولندية الأصل مع زوجها بروفسور الفيزياء Pierre Curie  في هذا الميدان لمدة أربع سنوات في ظروف غير طبيعية، خالية من جميع الشروط الصحية، في مختبر قديم يقع في احدى جادات باريس القديمة.

ونقلت إلى مختبرها نحو عشرة أطنان من التربة الإشعاعية المجلوبة من مناجم اليورانيوم في منطقة ياخيموف التشيكية.

لقد نجح الزوجان في تنقية أول كيلوغرام من عنصر الراديو، وقد جربا أشعاعه الفعال على نفسيهما، حيث احترقت أياديهما بعد حمله لمدة من الزمن، وبعد عشر ساعات ظهرت على الجلد تقرحات لم تلتئم الا بعد مرور 52 يوما.

في عام 1903 حصلت ماريا كوري مع هنري بيكوريل على جائزة نوبل للفيزياء مناصفة، وبعد ثلاثة أعوام في 19 مارس عام 1906، وبعد وفاة زوجها في حادث طارئ، واصلت عملها بالاشتراك مع ابنتها وزوج ابنتها، وحصلت عام 1911 على جائزة نوبل للكيمياء للمرة الثانية، وقد حققت نتائج باهرة قادت العلماء إلى البدء في تجارب وبحوث حول «انفلاق» الذرة واختبارات أخرى حول الطاقة النووية التي قادت إلى ولادة الأسلحة النووية فيما بعد.

Marie Curie  لم تكن تهتم بضرورات الاحتراز من الإشعاعات الخطيرة، لذلك كانت تحاول اختبار هذه الإشعاعات على نفسها، فأصيبت بمرض الـ Leukomie الذي عانت منه طويلا، ثم أصيبت أيضا بمرض السرطان، وتوفيت عام 1934.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى