مقالات في الفيزياء

[فيديو] ميكانيكا الكم: تداعيات مبدأ التراكب ومشكلة القياس في ميكانيكا الكم والتطبيقات المدهشة لميكانيكا الكم

عندما تتأمل في حركة مروحة الهواء التي تبدو فراشاتها وكأنها تتواجد في عدة أماكن في نفس الوقت بسبب سرعة دورانها، قد يخطر على بالك ان هذا ما قد تكون عليه الجسيمات الكمية والتي اثبتت تجارب الشق المزدوج انها تتواجد في أماكن متعددة في نفس الوقت، وعندما تتأمل الأمواج الناتجة عن سقوط حجر في بركة ماء ان هذا يشبه السلوك الموجي للجسيمات.

ان هذه التصورات الذهنية ليست صحيحة، بالرغم من ان الكثير من هذه الأمثلة تستخدم في الكتب ومقاطع الفيديو لجعل ميكانيكا الكم تبدو واضحة وسهلة الفهم.

في هذا الفيديو سأحاول ان أقدم لكم الشكل الحقيقي للجسيمات الكمية وتوضيح المعنى الحقيقي للتراكب، وازدواجية الموجة والجسيم في محاول للوصول إلى التصور الفعلي للجسيمات الكمية لنكشف في هذه الحلقة ان واقع ميكانيكا الكم يختلف كثيرا عما نتخيله، وبالرغم من غموض العالم الكمومي الا انه يلعب دورا جوهريا في حياتنا وفي اخر الحلقة سوف اذكر لكم الكثير من تطبيقات ميكانيكا الكم وأثرها في حياتنا.

اعلانات جوجل

أهلا وسهلا بكم في قناتكم قناة الفيزياء التعليمية في حلقة جديدة من حلقات تبسيط مفاهيم الفيزياء.

وقبل أن ندخل في عجائب ميكانيكا الكم، دعوني أقدم لكم لمحة تاريخية سريعة حول تطور ميكانيكا الكم.

في البداية وبعد ان فشلت الميكانيكا الكلاسيكية في تفسير استقرار دوران الإلكترون حول الذرة. لان الشحنة التي تدور حول النواة بتسارع مثل الإلكترون ينتج عنها اشعاعا كهرومغناطيسي وفقًا لمعادلات ماكسويل، مما يعني أن الإلكترون سيخسر جزء من طاقته بشكل مستمر وفي النهاية ينهار داخل النواة.

اعلانات جوجل

لكن العالم نيلز بور قدم حلا لهذه المشكلة من خلال افتراض أن الإلكترونات يمكن أن تتواجد دون أن تشع الطاقة إذا كانت تدور في مدارات مكممة تتناسب كمية حركتها الزاوية مع ثابت بلانك.

ثم أظهر لويس دي برولي أنه إذا كانت مثل هذه المدارات المكممة موجودة فعلا حسب فرضية بور، فان الإلكترونات يجب أن تكون أمواجا تنتشر حول نواة الذرة.

أظهرت تجارب الشق المزدوج أن الإلكترونات تتصرف فعلا كالأمواج وهي ليست وحدها، بل جميع الجسيمات الكمومية مثل الفوتونات وحتى الذرات تظهر أنماط تداخل، مما يعني أن لها طبيعة موجية.

طور شرودنجر معادلة لشرح هذا السلوك الموجي، ولكن المشكلة هي أنه عند رصد هذه الجسيمات الكمومية، نجدها تسلك سلوك الجسيمات وليس الأمواج. هذا يمثل مشكلة تعرف بمشكلة القياس وسنتحدث عنها بعد قليل.

اعتبر العالم ماكس بورن أن الموجة التي تحددها معادلة شرودنجر هي نوع من الاحتمالات لوصف جسيم كمومي وتحدد موجة الاحتمالية هذه احتمالية العثور على الجسيم في مكان معين ولا يمكن تحديد هذا المكان الا عندما نقوم بالقياس ولكن قبل عملية القياس لا يمكن لاحد ان يحدد مكانه لان الجسيم الكمومي يتواجد في كل مكان في الفراغ.

اعلانات جوجل

المشكلة هنا هي أننا عندما نراقب هذه الجسيمات او بمعنى اخر عندما نحاول رصدها نجدها تسلك سلوك الجسيمات. وهذا مثبت عمليا في الغرف السحابية المستخدمة لرصد مسارات الجسيمات الذرية وفي معجلات الجسيمات. حيث تتصرف كجسيمات وليس كأمواج.

عند إجراء الرصد او الملاحظة او القياس للجسيمات الكمومية، تنهار الموجة، وتسلك سلوك الجسيمات. القياس يعني التفاعل، وهو تفاعل الجسيم الكمومي مع أجهزة القياس.

حتى الان لا يمكن لأحد أن يشرح كيف أو لماذا يحدث انهيار الموجة من خلال القياس. هذه هي مشكلة القياس في ميكانيكا الكم.

لا يمكننا أبداً رؤية أو لمس هذا العالم الكمومي مباشرة. كل ما نلاحظه يجب أن يمر عبر عملية قياس، والتي تبدو أنها تؤدي إلى تحويل الجسيمات الكمومية إلى جسيمات مثل العالم الكلاسيكي الذي نعرفه.

كل ما نعرفه عن العالم الكمومي هو توقعات وتنبؤات توفرها لنا الحسابات الناتجة من معادلة شرودنجر وبالرغم من دقة هذه التوقعات الا اننا لا يمكننا رؤيتها باي شكل من الاشكال.

وإذا أردنا حقا فهم واقع عالم ميكانيكا الكم، فمشكلة القياس هذه مشكلة أساسية بحاجة إلى حل وتفسير.

بعض علماء الفيزياء النظرية لا يعتبرون هذا الامر مشكلة طالما ان المعادلات تعمل بدقة وان هذا ما يجب ان نهتم به. لكن علماء الفيزياء التجريبية لا يقبلون بهذا النوع من التفكير لان الهدف هو اكتشاف وتفسير الأمور المبهمة وحل المشكلات الغامضة وليس معادلات رياضية توفر التوقعات المطلوبة دون فهم لما يحدث هذا.

ماذا يعني ان الجسيمات الكمومية قبل الرصد تتصرف كالأمواج ان هذا يعني ان تلك الجسيمات تكون في حالة تراكب وفسره العلماء على ان هذه الجسيمات تتواجد في عدة أماكن في نفس الوقت قبل أي تفاعل، لكن هذا التفسير هو مجرد تبسيط لا يعكس حقيقة العالم الكمومي.

إذن، ما هو التراكب حقًا؟ أولًا، عليك أن تدرك أن الرياضيات في ميكانيكا الكم لا تصف الكون، بل تصف ما قد نحصل عليه إذا قمنا بعملية قياس ما. وبمعنى آخر، الرياضيات تصف احتمال وجود جسيم كمي في مكان او عدة أماكن في وقت ما في المستقبل. هذا لا يعني أن الجسيم موجود في جميع تلك الأماكن.

لم تثبت القياسات العملية وجود الجسيم في مكان آخر أو في اماكن متعددة في نفس الوقت. هذا لا يحدث، ولا يمكن أن يحدث.

معادلة شرودنجر تصف لنا احتمال نتيجة القياس. يمكننا ان نقول بأن موقع الجسيم الكمي غير مؤكد حتى يتم قياسه، وليس أكثر من ذلك. الطريقة التي يجب أن تفكر بها هي أن الجسيم موجود في مكان واحد، لكن هذا المكان يمكن أن يكون أي مكان حتى نقيسه. الشيء الوحيد الذي نعرفه هو احتمال وجوده في مكان معين.

قد يثير هذا بعض الأسئلة: ماذا يحدث عندما نقيس الأشياء؟ لماذا لا يعود الجسيم إلى حالة التراكب عندما يتم القياس؟ وهنا تكمن المشكلة لان الالية الدقيقة لما يحدث عند إجراء القياس، أو كيف يخرج الجسيم من حالة التراكب، غير مفهومة حتى اللحظة. ولا تزال مشكلة القياس في ميكانيكا الكم قائمة.

عملية القياس هي في الحقيقة تفاعل، نطلق على هذا التفاعل أحيانًا المراقبة او الرصد او الملاحظة، وبمجرد ان يحدث التفاعل فان الجسيم المتراكب لم يعد في حالة تراكب ونرصد الجسيم في موقع واحد فقط.

قد تتساءل الآن، كيف نعرف إذا ما كان الجسيم في حالة تراكب قبل رصده؟ لفهم كيف يبدو الجسيم قبل قياسه، ننظر إلى ما يفعله الجسيم قبل قياسه. وهذا يأخذنا إلى التجربة التي تخبرنا كيف يتصرف الجسيم قبل قياسه. وهي تجربة الشق المزدوج التجربة الكلاسيكية التي تظهر هذا السلوك المزدوج. إذا قمنا بإطلاق إلكترون واحد عبر شق مزدوج، ستظهر الإلكترونات على الشاشة الفسفورية بشكل عشوائي ولكن مع استمرار اطلاق المزيد من الإلكترونات ستظهر لنا بشكل تدريجي نمط تداخل الأمواج.

وقد تم شرح هذه التجربة في حلقة سابقة بعنوان غموض الالكترون وسلوكه المحير في عالم ميكانيكا الكم سأضع لكم رابط الحلقة في صندوق الوصف.

باختصار استنتجنا من تجربة الشق المزدوج ان الإلكترون عبر الشقين في نفس الوقت وتداخل مع نفسه. ما يثبت موضوع التراكب هو أنه إذا قمنا برصد الالكترون لمعرفة من أي شق يمر عبره الإلكترون، يختفي نمط التداخل. هذا يظهر أن شيئًا ما يحدث للإلكترون عند إجراء القياس أو التفاعل، إذ لم يعد في حالة تراكب ويتصرف كجسيم عادي. وهذا الامر يحدث أيضا مع الفوتونات والذرات والجزيئات.

ولتفسير هذا علينا الا نفكر في الالكترون قبل قياسه كجسيم نقطي مثل كرة التنس بل كموجة وهذا جعلنا نطلق مصطلح ازدواجية الموجة والجسيم. حيث يكون للإلكترون سلوك موجي قبل عملية القياس وسلوك جسيمي بعد عملية القياس.

ومرة أخرى لا يجب ان نتخيل موجة الالكترون كموجة الماء على سطح بركة بالشكل التقليدي بل هي موجة احتمالية تحدد احتمال وجود الجسيم وليس الجسيم نفسه

مرة أخرى، موجة الاحتمال هذه هي مفهوم رياضي لا يعكس ما يبدو عليه الإلكترون قبل قياسه. وليس لدينا طريقة لمعرفة كيف يكون. ولكننا نعلم أن الرياضيات تقول إن الإلكترون موجود كموجة احتمالية حتى يتفاعل مع جهاز القياس.

هذا له بعض التداعيات العميقة في الفيزياء… والتي تعرف بمبدأ اللايقين او مبدأ الشك

وهو أحد الأسس الرئيسية في ميكانيكا الكم. حيث أدرك هايزنبرغ أن أحد تداعيات ميكانيكا الكم هو أن فعل القياس يغير دائمًا الشيء المقاس.

ولتوضيح ما اعنيه لنفترض إنك تحاول الوصول إلى عملة معدنية سقطت منك بين مقاعد السيارة، فإن محاولة الوصول إليها تجعلها تتحرك بعيدًا عنك. هذا هو تأثير القياس على ما تحاول قياسه.

ينص مبدأ عدم اليقين على أنه لا يمكنك معرفة مكان شيء ما وسرعته بدقة في نفس الوقت. بعبارة أخرى، لا يمكننا معرفة المكان وكمية الحركة في الوقت نفسه.

عندما نقول إنه لا يمكننا معرفة مكان الإلكترون لأنَّه موجة، فإننا نقصد بالموجة هنا الدالة الموجية في معادلة شرودنجر، وهذا مرتبط باحتمالية العثور على الإلكترون في أي نقطة في الفضاء. لكن الموجة الجيبية المثالية للإلكترون تنتشر عبر كل الفضاء، لذا فإن مكان الإلكترون غير مؤكد على الاطلاق. ومن معرفتنا للطول الموجي للموجة الجيبية يمكننا معرفة كمية الحركة بدقة بفضل علاقة ديبرويي، حيث تتناسب كمية الحركة مع ثابت بلانك مقسومًا على طول الموجة. في هذه الحالة، يكون لدينا عدم يقين لانهائي في الموقع ولكن يقين تام في كمية الحركة.

من ناحية أخرى، إذا أردنا معرفة موقع الإلكترون بدقة، فسيتعين علينا إضافة العديد من الموجات بأطوال موجية مختلفة لنحصل على نمط تداخل يعطينا موجة أكثر تحديدًا تعرف بالنبضة الموجية. هذه الموجة المحددة تعطي موقعًا أكثر دقة، لكن الآن ليس لدينا أي فكرة عن كمية الحركة. هذا لأن جميع الموجات التي نحتاجها لتحديد انتشار الموجة تمتلك أطوال موجية مختلفة، يكون لها كميات حركة مختلفة وفقًا لعلاقة دبرولي نفسها.

إذن، إما أن نعرف الموقع بدقة أو كمية الحركة بدقة، ولكن ليس كلاهما. ما هو مهم فهمه الان هو أن هذا ليس خلل في أجهزة القياس التي نستخدمها، بل إن الإجابات الدقيقة لكل من كمية الحركة والموقع لجسيم كمومي لا توجد في الكون في نفس الوقت.

سأضرب لك مثالا اخر من واقع الحياة وهو لو اردت ان تقيس مقدار الضغط في عجل سيارتك فإنك سوف تضع جهاز القياس على فتحة الهواء للعجل وجزء من الهواء سوف يتسرب لمجس القياس وبالتالي فان قياسك للضغط تغير قبل ان تبدأ عملية القياس نفسها أي ان ضغط الهواء في العجل قبل القياس لا بد انه اختلف بعد عملية القياس ولا توجد طريقة لقياس الضغط بدقة في اللحظة التي ترغب في قياسه.

اعلم ان هذا الامر صعب القبول ويتعارض تمامًا مع تجربتنا اليومية. لأننا لا نرى هذا السلوك الموجي في الأجسام الكبيرة مثل كرة السلة أو كرة التنس أو حتى جزيئات الغبار الصغيرة. حسنًا، دعني أقول لكم ان جزيئات الغبار وكرة التنس وكرة السلة تتصرف كموجات تمامًا مثل الإلكترونات. ويمكن حساب أطوال موجاتها تمامًا مثل الفوتونات أو الإلكترونات باستخدام صيغة ديبرويي. وسنحصل على طول موجي أصغر حتى من قطر البروتون وبالتالي لن نلاحظ السلوك الموجي للجسيمات المادية وكل هذا يعود إلى صغر ثابت بلانك.

سأطلب منك عزيزي المشاهد ان تصف كيف سيبدو العالم لو كان ثابت بلانك بقيمة كبيرة وليكن 6 j.s وشاركنا افكارك في التعليقات.

وسابدأ بنفسي واصف لك حدث ما خطر على بالي، افترض إنك ترغب في مصافحة زميلك، ستبدو لك يده قبل المصافحة كإنها موجة احتمالية متواجدة في عدة أماكن في نفس الوقت أي تكون في حالة تراكب وكل ما تسطيعه هو ان تحدد احتمالية رصد يده في مكان معين، ولكن بمجرد ان تلمس يدك يده ستتحول حالة التراكب هذه إلى جسم عادي له موقع محدد وتتم المصافحة، اليس هذا غريبا نحمد الله على ان ثابت بلانك ذو قيمة صغيرة جدا…. هل لك ان تفكر في امثلة أخرى اكتبها في التعليقات لنرى كم هو غريب هذا العالم الكمومي.

لنعود إلى السلوك الموجي للإلكترونات وأثره في فهمنا للمدارات الدائرية للإلكترونات حول نواة الذرات، الذي تراه عادةً في الصور، هذا أيضا تصور غير صحيح. الصورة الأفضل هي أن الإلكترونات توجد في سحابة احتمالية حول النواة.

النقطة الرئيسية هي أن الكون كمي. الكميات المألوفة مثل الطاقة، كمية الحركة، الشحنة الكهربائية، الكتلة، وربما حتى الزمان والمكان ليست كميات متصلة؛ بل تحدث في وحدات منفصلة مكممة. على سبيل المثال، حالة طاقة الإلكترون وكمية حركته الزاوية، وخصائصه الأخرى تكون مكممة. لذا، إذا انتقل الإلكترون من حالة طاقة قدرها 3 إلكترون فولت إلى 13 إلكترون فولت، فإنه لا يمر عبر أي قيم طاقة متداخلة، بل انه يختفي تمام من حالته الابتدائية ويظهر في الحالة الجديدة، ولا يتواجد بين هاتين الحالتين.

بعد كل هذا دعونا نلقي نظرة على بعض الأمثلة لميكانيكا الكم في حياتنا اليومية

لنأخذ مثلا عالم الكمبيوتر بالكامل يعتمد على ميكانيكا الكم. حيث ان القدرة على التلاعب والتحكم في الخصائص الكهربائية للسيليكون تأتي من التعامل مع الطبيعة الموجية للإلكترونات.

الليزر والاتصالات مثالا اخر حيث يعتمد عمل الليزر على عملية ميكانيكية كمومية تُعرف بالانبعاث المستحث. وفي كل مرة تستخدم الليزر، سواء بشكل غير مباشر عند إجراء مكالمة هاتفية أو بشكل مباشر عند مسح كود في متجر، فإنك تستفيد بشكل عملي من ميكانيكا الكم.

تستخدم مبادئ ميكانيكا الكم أيضًا في التشفير، مما يسمح بنقل المعلومات بأمان من مكان إلى آخر دون اختراقها.

بعض الأمثلة الأخرى التي تعتمد على مبادئ ميكانيكا الكم تشمل الإضاءة الفوسفورية والتصوير بالرنين المغناطيسي.

حياتنا اليومية غالبًا ما تحكمها التكنولوجيا التي ترتبط بشكل مباشر بميكانيكا الكم، كما ان هناك. خاصية محيرة في ميكانيكا الكم تمكن الطيور من رؤية والتعرف على الحقول المغناطيسية للأرض.

حيث اكتشف فريق من الفيزيائيين في جامعة كاليفورنيا أن عدة أنواع من الطيور قادرة على رؤية الحقل المغناطيسي للأرض بفضل التشابك الكمومي. التشابك الكمومي هو مفهوم صعب الفهم لأنه ظاهرة فيزيائية غير واضحة.

ميكانيكا الكم ليست محصورة فقط على المقاييس الذرية. استخدم الفيزيائيون حالة غريبة من المادة مكونة من الذرات شديدة البرودة لاستكشاف سلوك الكم على المقاييس الكبيرة. مثل الموصلية الفائقة والسيولة الفائقة وتكثف بوز-آينشتاين.

الموصلية الفائقة هي الظاهرة التي تقوم فيها بعض المواد بتوصيل الكهرباء بدون أي مقاومة. وتمتلك الموصلات الفائقة خاصية مثيرة حيث تنخفض المقاومة فجأة إلى الصفر عندما يتم تبريد المادة إلى ما دون درجة حرارة معينة.

هذا الجانب الغريب من انخفاض المقاومة إلى الصفر استغرق أكثر من 50 عامًا لفهمه. إنه خاصية غريبة لميكانيكا الكم، حيث تتجاذب الإلكترونات في بعض المواد التي عادة ما تتنافر، وتترابط معًا وتنهار في حالة كمومية واحدة. إذا وضعت مغناطيسًا فوق موصل فائق، سيطفو المغناطيس. السبب في ذلك هو أن الحقول المغناطيسية لا تستطيع اختراق الموصل الفائق، لذلك تقوم بإلغاء الحقل المغناطيسي وصدّه.

السيولة الفائقة هي ظاهرة أخرى لميكانيكا الكم حيث يفقد السائل كل لزوجته ويتدفق بدون أي احتكاك وبدون أي فقدان للطاقة الحركية.

تكاثف بوز-آينشتاين، الذي يُطلق عليه أيضًا الحالة الخامسة للمادة، يتكون عادة عندما يتم تبريد غاز من البوزونات عند كثافات منخفضة إلى درجات حرارة قريبة جدًا من الصفر المطلق. تحت هذه الظروف، قد يشغل عدد كبير من البوزونات الحالة الكمومية الأدنى، وعندها تصبح ظواهر ميكانيكا الكم المجهرية، مثل تداخل الدوال الموجية، واضحة بشكل كبير. وعند هذه النقطة، لم يعد من الممكن التمييز بين الذرات المنفردة، وتتصرف المجموعة الكلية من الذرات كأنها “ذرة عملاقة”.

حالات الكم هذه يمكن أن تؤدي إلى تطبيقات عملية في الأجهزة الإلكترونية الدقيقة، والحوسبة الكمومية، وأجهزة الاستشعار فائقة الحساسية.

ان رغبت عزيزي المشاهد من التوسع أكثر في مثل هذه التطبيقات التي ذكرتها ستجد لها شرحا مفصلا على شبكة الفيزياء التعليمية ما عليك سو زيارة موقع الشبكة وكتابة الظاهرة التي تود المزيد من المعلومات عنها في خانة البحث وستصل للمقال المطلوب.

وفي الختام قد تبدو ميكانيكا الكم مجرد مفاهيم غامضة ومعقدة، لكننا هنا سعينا إلى تبسيطها وإيضاح جوهرها بشكل يجعلها قريبة ومفهومة. في نهاية رحلتنا، نأمل أن تكون قد أضأت لك هذه الحلقة بعضًا من جوانب هذا العالم المثير، وأن تكون قد أوجدت لك زاوية جديدة لتفكر فيها. تذكر أن عالم الكم ليس بعيدًا عن حياتنا اليومية؛ بل إنه يشكل الأساس لكل شيء من حولنا. فلا تتردد في مشاركتنا أفكارك وأسئلتك في التعليقات، ودعنا نواصل استكشاف هذا الكون المذهل معًا.

ارجو المساهمة في هذه الحملة

الدكتور حازم فلاح سكيك

د. حازم فلاح سكيك استاذ الفيزياء المشارك في قسم الفيزياء في جامعة الازهر – غزة | مؤسس شبكة الفيزياء التعليمية | واكاديمية الفيزياء للتعليم الالكتروني | ومنتدى الفيزياء التعليمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى