علماءمواضيع العدد ٩

الدكتور محمد عبد السلام

أشكركم بامتنان على تبرعكم

الدكتور محمد عبد السلامهو نموذج مشرف لكل المسلمين .. بزغ نجمه في     سماء الفيزياء .. وأصبح من العلامات التي يهتدي بها كل فيزيائي في العصر الحديث .. من بلدة فقيرة في إحدى دول العالم النامي .. استطاع أن يجد له مكاناًَ بين الكبار والعظماء .. وأكمل ما بدأه أينشتين … وفتح الباب علي مصراعيه لتوحيد نظريات الفيزياء.

إنه العالم الفيزيائي المسلم الباكستاني محمد عبد السلام

مولده ونشأته

اعلانات جوجل

ولد عبد السلام في 29 يناير عام 1926 في قرية جهانج Jhang بولاية البنجاب بباكستان، كان ابناً لأب بسيط يعمل موظف بوزارة التربية في إحدى المناطق الزراعية السيئة، وعلي الرغم من فقر أسرته، إلا أن والده أصر علي تعليمه وتحفيظه القرآن كتقليد عائلي أصيل.

تتدرج سلام – كما يحب أن يطلق عليه – في المراحل التعليمية بتفوق ملحوظ، وعندما بلغ سن الرابعة عشرة من عمره اجتاز اختبار القبول بجامعة البنجاب بتفوق، حيث حصل علي أعلي الدرجات مما أهله للحصول علي منحة دراسية حكومية في الجامعة، مما دعا أهالي قريته إلي استقباله بحفاوة عندما كان عائداً علي دراجته من لاهور.

عبد السلام مع والده

تخرج عام 1944 من الجامعة، وبعدها بعامين حصل علي درجة الماجستير في الرياضيات من جامعة البنجاب، ثم استطاع في نفس العام الحصول علي منحة دراسية بكلية سانت جون بجامعة كمبريدج لدراسة الرياضيات والفيزياء، وانهي دراسته بحصوله علي المركز الأول.

اعلانات جوجل

عام 1951 حصل سلام علي درجة الدكتوراه في الفيزياء النظرية عن أطروحته في الديناميكا الكهربية الكمية التي أكسبته شهرة عالمية. قرر سلام العودة إلي وطنه عام 1951 ليساعد في نشر العلم في بلده، وينقل خبراته إلي زملائه الباكستانيين، فعمل أستاذ للرياضيات بجامعة البنجاب، لكنه سرعان ما اكتشف صعوبة الاستمرار في أبحاثه لقلة الإمكانيات، مما دعاه لقبول دعوة جامعة كمبريدج عام 1953 كأستاذ جامعي في الرياضيات.

بقي عبد السلام في جامعة كمبريدج حتى عام 1957، ثم انتقل إلي الكلية الملكية بلندن كأستاذ الفيزياء، وحصل في نفس العام علي الدكتوراه الفخرية من جامعة البنجاب، ثم انتخب مبعوثاً للكلية الملكية بلندن عام 1959 وكان عمره وقتها 33 عاماً.

لم يكن ترك سلام لوطنه باكستان هو هجرة بالمعني الحرفي، بل إن عمله بعد ترك الوطن أعمق وأبعد تأثيراً، حيث عمل سلام كمستشار علي سياسة العلم في باكستان، وكان أحد أعضاء لجنة الطاقة الذرية بباكستان، وعضو اللجنة العلمية لباكستان، ثم عمل في الفترة من 1961 إلي 1974 مستشاراً علمياً للرئيس الباكستاني.

طابع بريد باكستاني تكريماً لعبد السلام

وتعد أهم أعمال سلام الاجتماعية هو تأسيسه للمركز الدولي للفيزياء النظرية International Center Theoretical Physics ( ICTP )عام 1964  بمدينة تريستا Triesteبإيطاليا لخدمة الفيزيائيين الشباب من الدول النامية.

اعلانات جوجل

أبحاثه ونظرياته

لأكثر من أربعون عاماً أنتج سلام أبحاثاً غزيرة في فيزياء الجسيمات الأولية النظرية، كما ساهم في جميع الأبحاث الهامة في هذا المجال، محافظاً علي تدفق خصب ورائع للكثير من الأفكار اللامعة.

من أهم أبحاث سلام في الفيزياء نسفه لنظرية البروتون والنيوترون وجسيمات لامدا حيث تنبأ بوجود أسرة ذات مجال ثماني من الميزونات، والتي اكتشفت بعدها بستة أشهر فقط، حيث أكد أن الميزونات تلعب دوراً هاماً في التفاعلات القوية كدور البروتونات في الإلكتروديناميكا، وأيضاً توصل إلي علاقة كتلة السكون للنيوترينو في التفاعلات النووية الضعيفةـ حيث قاده اهتمامه بهذا الجسيم الذي لم يسجل له الفيزيائيين حينها أي شحنة أو كتلة، إلي إثبات أنه يتأثر بالقوي النووية الضعيفة، حيث كان سلام أول من أثبت أن هذا الجسيم يدور في اتجاه عكس اتجاه عقارب الساعة، مما أوضح نقاطاً هامة كانت غائبة في فهم نظرية القوي النووية الضعيفة وتأثيراتها.

تكمن أهم أعمال سلام والتي حاز بها علي جائزة نوبل في التوصل إلي نظرية التوحيد بين القوة الكهرومغناطيسية والقوة النووية الضعيفة، كان هذا التوحيد مجرد حسابات رياضية، تنبأت هذه النظرية بأن القوتان لن تتوحدا إلا تحت طاقات حرارية هائلة جداً أعلي من حرارة قلب أضخم نجوم الكون، مثل هذه الحرارة لم تتوافر إلا في إحدى فترات الانفجار العظيم للكون، كان نتيجة هذه النظرية هو التنبؤ بوجود جسيم جديد يسمي Z والذي تم اكتشافه نهاية القرن العشرين بعد مصادمة بروتون مع بروتون مضاد.

اعلانات جوجل
الدكتور محمد عبد السلام
عبد السلام أثناء تسلمه جائزة نوبل

نشاطه الاجتماعي والدولي

خلال الثلاثون سنة الأخيرة من حياته، استعمل سلام  سمعته الأكاديمية لإعطاء ثقل لنشاطه واشتراكه المؤثر في الشئون العلمية الدولية، حيث خدم في عدد من لجان الأمم المتحدة المهتمة بتقدم العلم والتكنولوجيا في الدول النامية.

وكان من أهم أنشطته التي قام بها هو إنشاءه للمركز الدولي للفيزياء النظرية بايطاليا، حيث يسمح هذا المركز لشباب الفيزيائيين لقضاء عطلاتهم هناك في جو منعش علي اتصال دائم مع نظرائهم في مجال البحث ومع كبار الفيزيائيين في مجالاتهم الخاصة، أدي ذلك إلي فقدان هؤلاء الشباب شهورهم بالعزلة، والعودة إلي وطنهم أكثر حماساً ونشاطاً.

لقد أولي سلام اهتمام خاص لاحتياجات البلدان النامية في البحث والتدريب علي الفيزياء النظرية بمركزه، وقام بتمويل هذه البرامج من الأموال التي تلقاها من جائزة الذرة من أجل السلام، كما قام بإنشاء صندوق خاص لعلماء الفيزياء الباكستانيين الشباب لزيارة هذا المركز، كما أنه استخدم حصته من جائزة نوبل بالكامل لصالح الفيزيائيين من البلدان النامية.

من المعروف عن سلام أنه كان مسلم شديد التدين، حيث يؤمن تماماً – ونحن معه – بأن الدين لا يجب أن ينفصل عن حياة الفرد، بل هو جزء لا يتجزأ من عمله وحياته العائلية، وكان يعتز بشدة بوطنه لدرجة أنه حضر حفل تسلميه جائزة نوبل بالزي الباكستاني التقليدي، وهو كاد أن يشعل أزمة دبلوماسية حينها.

أهم الجوائز والأوسمة التي حصل عليها

  • جائزة نوبل في الفيزياء 1979
  • جائزة هوكنز Hopkinsمن جامعة كمبريدج 1957
  • جائزة الذرة من أجل السلام 1968
  • وسام ماكسويل 1961
  • وسام روبرت أوبنهايمر 1971
  • وسام أينشتين من اليونسكو 1979
الدكتور محمد عبد السلام
مقبرة عبد السلام في بلدته

توفي سلام في 21 نوفمبر 1996 …. رحم الله سلام فقد كان يناشد المسلمين في كل لقاءاته ومحاضراته ويحثهم علي البحث العلمي والتطور، ولا يسعنا الآن سوي أن نقول:

شكراً لك يا بروفيسور لمحاولاتك إيقاظ المسلمين من سباتهم، بفضلك يمكن لعلماء الإسلام اليوم أن يرفعوا رءوسهم.

للقراءة عن الدّكتور عبد السلام وحياته: اضغط هنا ايضا

أشكركم بامتنان على تبرعكم

أ./ محمد محروس عريف

معلم بوزارة التربية والتعليم المصرية ومؤلف علمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى