مبادئ فيزيائية

كيف تعمل الشمس How the Sun Works

تمنح الشمس الحرارة والدفء للأرض وتزودنا بالضوء، وتلعب الشمس دورا أساسيا في كل مظاهر الحياة على الكرة الأرضية. ما هي اخر مرة قمت فيها بالتحديق في الشمس وفكرت في قوتها الغامضة التي بدونها لا يمكن ان تكون هناك حياة على الكرة الأرضية.

اذا كنت تعتقد ان التحديق في الشمس بشكل مباشر يسبب لك ضرر ففي الحقيقة هذا صحيحا وقد سبق وان قمنا بتقديم شرح مفصلا عن تأثير الشمس على العين، الا ان الحقيقة المدهشة هي ان الشمس تمنح الحرارة والدفء لكوكبنا الذي نعيش عليه وتجعله مناسبا للحياة، وتزودنا بالضوء الذي من خلاله نستطيع ان نرى الأشياء وتحصل النباتات بواسطته على غذائها. كما ان حجم الشمس اكبر بكثير من الأرض بحيث يمكن وضع ما يقارب 1.3 مليون كرة أرضية داخل الشمس. وتنتج الشمس طاقة تقدر بالف مليار ميجا طن من مادة TNT كل ثانية.

كل هذا ولا تزال الشمس تعتبر مجرد نجما متوسطا ووجودها على مسافة محددة من الكرة الأرضية جعلت الحياة مناسبة ولو تخيلنا ان الشمس اقرب او ابعد لما امكن ان تكون هناك حياة على الأرض مثلها مثل أي كوكب اخر! اذا تدور في بالنا الكثير من الأسئلة والاستفسارات على النحو التالي:

اعلانات جوجل
  1. ما هي المسافة التي تبعد الشمس عنا؟
  2. ما هو حجمها الذي يتسع لـ 1.3 مليون كرة أرضية؟
  3. اذا علمنا ان الشمس في الفراغ كيف يحدث الاحتراق؟
  4. ما الذي يحفظ كل الغازات ويمنعها من التسرب في الفراغ؟
  5. لماذا تصدر الشمس توهجات شمسية؟
  6. هل سوف تتوقف عملية الاحتراق عن الشمس واذا كان هذا هو حداث متى وماذا يمكن ان يحدث للكرة الأرضية وسكانها؟

في هذا المقال من كيف تعمل الأشياء سوف نقوم بالقاء الضوء على اقرب نجم منا وهو الشمس وسوف ندرس اجزائه المختلفة ونتعرف كيف تصدر الشمس الضوء والحرارة وما هو مصير الشمس.

لقد استمر اشتعال الشمس على مدار يزيد عن 4.5 بليون سنة. ان الشمس تشتمل على كمية هائلة من الغازات معظمها من الهيدروجين والهيليوم. وبسبب كتلتها الهائلة فإنها تمتلك قوة جاذبية كافية للاحتفاظ بالهيدروجين والهيليوم مع بعض وكذلك الحفاظ على كل الكواكب في مداراتها حول الشمس.

كيف تعمل الشمس

لقد أطلقنا مصطلح تشتعل وفي الحقيقة ما يحدث على الشمس ليس اشتعال مثل اشتعال الخشب بل ان مصدر الطاقة الحرارية والضوء هو كون الشمس مفاعل نووي هائل.

اعلانات جوجل

أجزاء الشمس

ان الشمس عبارة عن نجم مثل باقي النجوم التي نراها في الليل الا ان الفرق يكمن في المسافة التي تفصلنا عنها، حيث تبعد عنا النجوم الاخرى عدة سنوات ضوئية، بينما شمسنا تبعد عنا ما يقارب 8 دقائق ضوئية اي انها أقرب لنا كثيرا من النجوم الاخرى.

تصنف الشمس على انها من نوع النجوم G2 وهذا التصنيف يعتمد على درجة حرارتها وكذلك على اطوال الضوء الموجية المنبعثة منها والتي نطلق عليه مصطلح الطيف spectrum. هناك الكثير من النجوم التي لها نفس التصنيف G2 وتعتبر الشمس هي واحدة من بلايين النجوم التي لها نفس المواد والتركيب وتدور حول مركز مجرتنا.

يتكون سطح الشمس من غازات ولا يحتوي على سطح صلب. لكنه باي حال تحافظ الشمس على بنية ثابتة. يمكن تميز ثلاثة مناطق اساسية للشمس موضحة في النصف العلوي من الشكل 1 وتشتمل على ما يلي:

  • النواة او اللب Core: وهو مركز الشمس ويحتوي على 25٪ من نصف قطرها.
  • منطقة الاشعاع Radiative zone: وهو الجزء المحيط بالنواة وتحتوي على 45٪ من قطرها.
  • منطقة الحمل الحراري Convective zone: وهي الحلقة الخارجية للشمس وتحتوي على 30٪ من قطرها.

 

كيف تعمل الشمس
الشكل 1. مخطط يوضح اجزاء الشمس.

 

اعلانات جوجل

يوجد فوق سطح الشمس الغلاف الشمسي والذي يحتوي بدوره على ثلاثة أجزاء موضحة في الجزء السفلي من الشكل 1 وهي على النحو التالي:

  • طبقة الفوتوسفير Photosphere: وهي الجزء الداخلي للغلاف الشمسي وهو الجزء الوحيد الذي نراه.
  • طبقة الكروموسفير Chromosphere: وهي المنطقة بين الفوتوسفير والكورونا، ودرجة حرارتها اعلى من طبقة الفوتوسفير.
  • طبقة الكورونا Corona: وهي الطبقة الخارجية شديدة السخونة وتمتد لعدة ملايين من الكيلومترات من طبقة الكروموسفير.

 

كل خواص ومزايا الشمس يمكن شرحها وتوضيحها من خلال التفاعلات النووية التي تنتج طاقتها بواسطة المجالات المغناطيسية الناتجة عن حركة الغازات وقوة جاذبيتها الهائلة.

مركز الشمس: النواة او اللب Core

اعلانات جوجل

تبدأ نواة الشمس من مركزها وتمتد نحو الخارج، وتشكل 25٪ من نصف قطر الشمس. تبلغ درجة حرارة مركز الشمس أكثر من 15 مليون درجة كلفن. وتعمل الجاذبية عند مركز الشمس على سحب الكتلة نحو الداخل مما تتسبب في حدوث ضغط هائل. مقدار الضغط الناتج قويا بما يكفي لإجبار ذرات الهيدروجين ان تندمج مع بعضها البعض في تفاعلات اندماجية نووية (هذا ما يقوم يحاول العلماء على انتاجه على الارض في ما يعرف بالقنبلة الهيدروجينية). عندما تندمج ذرتي هيدروجين مع بعضهما البعض ينتج عنهما هيليوم-4 وطاقة وتحدث هذه العملية في عدة خطوات وهي على النحو التالي:

  1. يندمج بروتونين ليشكلا ذرة ديتيريوم deuterium (عبارة عن ذرة هيدروجين مع نيوترون وبروتون واحد)، وبوزيترون positron (وهو جسيم مشابه للإلكترون ولكنه يحمل شحنة موجبة) ونيوترينو neutrino.
  2. يندمج بروتون وذرة ديتيريوم لتشكل ذرة هيليوم-3 (وهي عبارة عن بروتونين ونيوترون واحد) وتنطلق اشعة جاما gamma ray.
  3. تندمج ذرتين هيليوم-3 لتشكل ذرة هيليوم-4 (وهي عبارة عن بروتونين ونيوترونين) ويتحرر في هذه العملية بروتونين.

تشكل هذه التفاعلات ما يقارب 85٪ من طاقة الشمس. اما الـ 15٪ المتبقية من الطاقة فهي تنتج عن التفاعلات التالية:

  1. تندمج ثلاثة ذرات هيليوم-3 مع ذرة هيليوم-4 وينتج عنها ذرة بريليوم-7 (عبارة عن اربعة بروتونات وثلاثة نيوترونات) وتنطلق اشعة جاما.
  2. تقتنص ذرة بريليوم-7 الكترون لتصبح ذرة ليثيوم-7 (عبارة عن ثلاثة بروتونات واربعة نيوترونات) ويتحرر من هذا التفاعل نيوترينيو.
  3. يندمج الليثيوم-7 مع بروتون ليشكل ذرتي هيليوم-4.

كتلة ذرات الهيليوم-4 اقل من كتلة ذرتي هيدروجين وهذا يبدأ عملية التفاعل النووي لإصدار الطاقة، حيث ان الفرق في الكتلة يتحول إلى طاقة كما جاء في نظرية النسبية لأينشتين ومعادلة تكافؤ الطاقة والكتلة E = mc2. تتحرر الطاقة في عدة صور مختلفة من الضوء: فمنها اشعة فوق بنفسجية ومنها اشعة اكس واشعة مرئية واشعة تحت الحمراء واشعة ميكروويف وامواج راديو.

كيف تعمل الشمس
توهج شمسي قوي يخرج من البقعة الشمسية 486 في 28 اكتوبر من العام 2003. نتج عن هذا التوهج انبعاث اشعة اكس في اتجاه الارض بسرعة الضوء وتسبب في حدوث اعصار راديو في طبقة الايونوسفير.

 

كما ان تنطلق من الشمس الكثير من جسيمات طاقة عالية مثل النيوترينيو والبروتونات والتي منها تتكون الرياح الشمسية solar wind. تصطدم هذه الطاقة في الارض حيث تعمل على تدفئته وتمنحه الطاقة اللازمة للحياة. اننا لا نصاب بضرر من معظم الاشعاع او من الرياح الشمسية بسبب ان الغلاف الجوي للكرة الارضية يحمينا.

بعد ان تحدثنا عن الجزء المركزي للشمس وهو النواة او اللب فانه قد حان الوقت للحديث عن الجزء الممتد بعد المركز والتي ميزناها بمنطقتي الاشعاع والحمل الحراري.

 

مركز الشمس: منطقتي الاشعاع والحمل الحراري

تمتد منطقة الاشعاع radiative zone من النواة وتشكل ما يقارب 45٪ من قطر الشمس. تنتقل الطاقة من نواة الشمسي في هذه المنطقة بواسطة الفوتونات. بمجرد ان ينتج الفوتون فانه يتحرك مسافة ميكرون (جزء من المليون من المتر) حتى يتم امتصاصه بواسطة جزيئات الغاز. ترتفع درجة حرارة جزئ الغاز نتيجة لامتصاص الفوتونات وتقوم بدورها بإعادة تحرير فوتون له نفس الطول الموجي. تتحرك الفوتونات المتحررة مسافة ميكرون ايضا قبل ان يتم امتصاصه بواسطة جزئ غاز اخر وتتكرر العملية ذاتها، وكل عملية تفاعل بين فوتون وجزيء غاز تتطلب بعض الوقت. يحدث ما يقارب 1025 عملية امتصاص واعادة انبعاث في هذه المنطقة قبل ان يصل الفوتون إلى السطح، لذلك فان هناك تأخير زمني كبير من لحظة تولد الفوتون في نواة الشمس وحتى يصل الفوتون إلى سطحها.

كيف تعمل الشمس

المنطقة النهائية للشمس هي منطقة الحمل الحراري convection zone والتي تشكل 30٪ من نصف قطر الشمس وتحتوي على تيارات حمل تقوم بحمل الطاقة خارج سطح الشمس. هذه التيارات عبارة عن حركة الغاز الساخن إلى الاعلى بالنسبة لحركة الغاز البارد إلى الاسفل تماما كما يحدث في تيارات الحمل في قدر به ماء على نار هادئة. تحمل تيارات الحمل هذه الفوتونات خارج سطح الشمس بسرعة اكبر من الانتقال الاشعاعي الذي يحدث في طبقة الاشعاع. مع حدوث العديد من التفاعلات بين الفوتونات وجزيئات الغاز في منطقتي الاشعاع والحمل فانه يتطلب ما يقارب 100,000 سنة إلى 200,000 سنة لتصل الفوتونات إلى سطح الشمس.

 


حقائق حول الشمس

  1. متوسط المسافة بين الشمس والأرض حوالي 150 مليون كيلومتر.
  2. يبلغ نصف قطر الشمسي حوالي 696,000 كيلومتر اي ما يعادل 109 ضعف نصف قطر الكرة الأرضية
  3. تبلغ كتلة الشمس حوالي 1.99×1030 كيلوجرام اي ما يعادل 330,000 مرة كتلة الأرض.
  4. مكونات الشمس في الاغلب من الهيدروجين بنسبة تصل إلى 74٪ وهيليوم بنسبة 25٪ وباقي العناصر تشكل نسبة مقدارها 1%.
  5. متوسط درجة حرارة الشمسي تبلغ 5800 درجة كلفن على سطحها وتصل درجة حرارة لب الشمس حوالي 15.5 مليون درجة كلفن.
  6. متوسط كثافة الشمس تساوي 1.41 جرام لكل سنتمتر مكعب.
  7. حجم الشمس يصل إلى 1.4×1027 متر مكعب.
  8. الفترة الزمنية للشمس لإكمال دروة واحدة حول نفسها تصل إلى 25 يوم في مركز الشمس وحوالي 35 يوما لقطبيها.
  9. تبلغ المسافة عن مركز مجرة درب التبانة حوالي 25,000 سنة ضوئية.
  10. تبلغ سرعة الشمس المدارية حوالي 138 ميل لكل ثانية وتكمل الشمس دورة مدارية واحدة في 200 مليون سنة.
كيف تعمل الشمس
يمكن وضع ما يقارب 1.3 مليون كرة أرضية داخل الشمس

 

غلاف الشمس الجوي

بعد ان تجولنا في داخل الشمس وحتى وصلنا سطحها دعنا الان نتحدث عن غلافها الجوي حيث تمتلك الشمس غلافا جويا مثل الغلاف الجوي للأرض الا ان الغلاف الشمسي يتكون من طبقات ثلاثة هي الفوتوسفير والكروموسفير والكورونا.

أدنى منطقة في الغلاف الشمسي هي طبقة الفوتوسفير وهو الغلاف المحيط بالشمس والذي نراه. يتراوح سمك هذه الطبقة بين 300 إلى 400 كيلومتر وتبلغ درجة حرارته المتوسطة حوالي 5800 درجة كلفن. تبدو طبقة الفوتوسفير على شكل حبيبات او على شكل فقاعات مثل سطح ماء يغلي على نار هادئة. مع الانتقال خلال طبقة الفوتوسفير تنخفض درجة حرارة الغازات تدريجيا لانها تصبح ابرد ولا تشع ضوء بنفس قدر الغازات الساخنة وهذا يجعل منها تبدو معتمة للعين. لذا فان الطبقة الخارجية لحافة الفوتوسفير تبدو معتمة وهذا تأثير يعرف باسم limb darkening والتي تعني سواد الاطراف وهو الذي يمنح الشمس الحافة الحادة والواضحة لسطحها.

تمتد طبقة الكروموسفير فوق طبقة الفوتوسفير إلى حوالي 2000 كيلومتر. ترتفع درجة الحرارة عبر طبقة الكروموسفير من 4500 درجة كلفن إلى حوالي 10,000 درجة كلفن. تستمد هذه الطبقة حرارتها من تيارات الحمل داخل طبقة الفوتوسفير اسفلها مباشرة. مع حركة الغازات العنيفة في طبقة الفوتوسفير تحدث موجات صدمة shock waves تعمل على تسخين الغاز المحيط وتحركه بقوة خارقة من خلال طبقة الكروموسفير في صورة ملايين الشرارت صغيرة من الغاز الساخن يعرف باسم شويكات spicules. كل شويكة ترتفع حتى مسافة تقدر بـ 5000 كيلومتر فوق طبقة الفوتوسفير وتبقى لمدة بضعة دقائق معدودة. كما ان هذه الشويكات قد تتبع خطوط المجال المغناطيسي للشمس الناتجة عن حركة الغازات داخل الشمس.

تعتبر طبقة الكورونا الطبقة النهائية للشمس وتمتد عدة ملايين من الكيلومترات إلى الخارج من الطبقات الاخرى. يمكن ان نرى هذه الطبقة خلال ظاهرة الكسوف الشمسي وباستخدام التصوير بأشعة اكس للشمس. تبلغ متوسط درجة حرارة طبقة الكورونا حوالي مليونين درجة كلفن. ويتوقع العلماء ان سبب حرارة الكورونا هو مغناطيسية الشمس. تحتوي الكورونا على مناطق مضيئة (حارة) واخرى داكنة تعرف باسم ثقوب الكورونا coronal holes. ثقوب الكورونا هذه باردة نسبيا ويتوقع العلماء ان الرياح الشمسية تتسرب من هذه الثقوب.

من خلال صور التلسكوب يمكننا ان نشاهد عدة ظواهر مثيرة على الشمس لها تأثيرات على الأرض. دعونا الان نتحدث عن بعض هذه المزايا مثل البقع الشمسية sunspots والنتوءات الشمسية solar prominences والتوهجات الشمسية solar flares.

 

 

الظواهر الشمسية: البقع الشمسية والنتوءات الشمسية والتوهجات الشمسية

كيف تعمل الشمس
بقعة شمسية ظهرت في 23 سبتمبر من العام 2008 لتحدد دروة شمسية جديدة.

المناطق المعتمة والمضيئة التي تظهر على طبقة الفوتوسفير تعرف باسم البقع الشمسية sunspots. تظهر البقع الشمسية في معظم الاحيان في شكل ازواج وتكون عبارة عن مجالات مغناطيسية شديدة (حوالي 5000 مرة اعلى من المجال المغناطيسي للأرض) وتشق طريقها نحو السطح. تغادر خطوط المجال المغناطيسي من خلال بقعة شمسية وتدخل مرة اخرى من بقعة شمسية اخرى. يتولد المجال المغناطيسي من خلال حركة الغازات في الجزء الداخلي للشمس.

يحدث النشاط الشمسي كجزء من دورة مدتها 11 سنة تعرف باسم الدورة الشمسية حيث يكون هناك فترات نشاط قصوى واخرى دنيا.

لازال من المجهول معرفة سبب الدورة الشمسية لكن هناك فرضيتين حول هذا الموضوع وهما على النحو التالي:

(1) دوران غير متساوي للشمس يعمل على تشويه والتواء خطوط المجال المغناطيسي في الجزء الداخلي للشمس. تخترق خطوط المجال الملتوية السطح وتشكل ازواج من البقع الشمسية. وفي نهاية المطاف تتقطع خطوط المجال ويتناقص نشاط البقعة الشمسية. ومن ثم تبدأ الدورة مرة اخرى.

(2) تلتف انابيب ضخمة من الغاز الجزء الداخلي للشمس على ارتفاعات عالية وتبدأ بالحركة في اتجاه خط الاستواء للشمس. عندما تتدحرج الانابيب مقابل بعضها البعض فإنها تشكل بقع شمسية. وعندما تصل إلى خط الاستواء تنفصل عن بعضها البعض وبالتالي تضعف البقع الشمسية.

في بعض الاحيان تتكون سحب من الغازات الناتجة عن طبقة الكروموسفير وترتفع وترتب نفسها على امتداد خطوط المجال المغناطيسي الناتجة عن ازواج البقع الشمسية في صورة اقواس منحنية. هذه الاقواس من الغاز تعرف باسم النتوءات الشمسية solar prominences.

تدوم النتوءات الشمسية لمدة شهرين او ثلاثة شهور وتمتد إلى ما يقارب 50,000 كيلومتر أو أكثر من سطح الشمس. عند الوصول إلى هذا المدى فإنها تندلع في صورة انفجارات لبضعة دقائق او ساعات وتطلق كميات هائلة من المواد تنطلق بسرعة من خلال الكورونا في الفراغ بسرعة تصل إلى 1000 كيلومتر في الثانية تعرف هذه الانفجارات باسم انبعاثات الكتل الكورونية coronal mass ejections.

في بعض الاحيان في مجموعات البقع الشمسية المعقدة تحدث انفجارات مفاجئة وعنيفة من الشمس. تعرف هذه الانفجارات بالتوهجات الشمسية solar flares.

كيف تعمل الشمس
التوهجات الشمسية solar flares

يعتقد ان التوهجات الشمسية تحدث نتيجة لتغيرات مفاجئة في المجال المغناطيسي وبالتحديد في مناطق تكون فيها تركيز للمجال المغناطيسي للشمس. تكون هذه التوهجات مصحوبة بانبعاث غازات والكترونات وضوء مرئي وضوء فوق بنفسجي واشعة اكس. عندما تصل هذه الاشعاعات والجسيمات إلى المجال المغناطيسي للأرض فإنها تتفاعل معه عند القطبين ويتولد عنها ظاهرة الشفق القطبي auroras. يمكن للتوهجات الشمسية ان تتسبب في بعض الاحيان في التشويش على الاتصالات والاقمار الصناعية وانظمة الملاحة وحتى شبكات الكهرباء. تعمل الاشعاعات والجسيمات على تأين الغلاف الجوي وتمنع حركة امواج الراديو بين الاقمار الصناعية والارض او الاتصالات على مناطق مختلفة على الارض. الجسيمات المتأينة في الغلاف الجوي تولد تيارات كهربائية في خطوط الكهرباء وتتسبب في حدوث تسرب للطاقة. هذه التسربات في الطاقة يمكن ان تعمل على زيادة الحمل على شبكات توزيع الكهرباء وتتسبب في انقطاعها.

كل هذه الانشطة تتطلب طاقة والتي هي من مصدر محدود وفي النهاية سوف تفقد الشمس وقودها وهذا ما سوف نتحدث عنه في الجزء التالي من المقال.

 

مصير الشمس

 

كيف تعمل الشمس
عندما تصبح الشمس عملاق احمر فان نصف قطرها سوف يزداد إلى 100 مرة عن ما هو عليه الان. السدم الكوكبية هي بقايا النجوم الشبيه بالشمس والتي قد وصلت إلى نهاية مرحلة العملاق الاحمر.

منذ ما يقارب 4.5 بليون سنة والشمس ساطعة ومشرقة. ان حجم الشمس ناتج عن توازن بين الضغط الخارجي الناتج عن تحرير طاقة من تفاعلات الاندماج النووي والسحب نحو الداخل بواسطة الجاذبية. على مدار حياة الشمس ازداد نصف قطرها بما يقارب 6٪. انها تمتلك من وقود الهيدروجين ما يكفي لان تبقى ساطعة لعشرة بلايين سنة قادمة ومن المتوقع ان تستمر الشمس في التمدد بنفس المعدل.

عندما يستنزف وقود الهيدروجين فان الشمس سوف تنكمش تحت تأثير الجاذبية بالرغم من حدوث اندماج هيدروجيني في الطبقات العليا. ومع انكماش نواة الشمس فإنها سوف تسخن أكثر وهذا سوف يعمل على تسخين الطبقات العليا مما يدفعها للتمدد. مع تمدد الطبقات الخارجية فان نصف قطر الشمس سوف يزداد ويصبح عملاق احمر اي نجم كبير السن.

يبلغ نصف قطر شمس العملاق الاحمر حوالي 100 مرة ما هو عليه الان وهذا يعني ان نصف قطر الشمس سوف يبلغ من الكبر ما يصل به إلى مدار الارض وتصبح الكرة الارضية في داخل نواة الشمس وتتبخر. عند نقطة ما بعد هذا سوف تصبح نواة الشمس أكثر سخونة مما تجعل الهيليوم يندمج ويتحول إلى كربون.

عندما يستنزف الهيليوم ايضا تتمدد نواة الشمس وتبرد وتتمدد الطبقات العلوية وتحرر مواد مختلفة. في النهاية، تبرد نواة الشمس وتتحول إلى قزم ابيض white dwarf.

في نهاية المطاف يبرد القزم الابيض أكثر ويتحول إلى قزم اسود غير مرئي. وهذه العملية تستغرق بضعة بلايين سنة.

ومن هنا نقول انه حتى عدة بلايين سنة فان البشرية في امان من ناحية بقاء الشمس على الاقل.

مصادر هامة:

NASA: Sun-Earth Day 2010

The Nine 8 Planets: A Multimedia Tour of the Solar System

Space Daily: Studying the Secrets of the Sun — Jan. 18, 2010

الدكتور حازم فلاح سكيك

د. حازم فلاح سكيك استاذ الفيزياء المشارك في قسم الفيزياء في جامعة الازهر – غزة | مؤسس شبكة الفيزياء التعليمية | واكاديمية الفيزياء للتعليم الالكتروني | ومنتدى الفيزياء التعليمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى