مقالاتمواضيع العدد ٥

موضوعات في الطاقة الشمسية

موضوعات في الطاقة الشمسية

قريباً ستكتسي المباني بغطاء مرن يشبه قماش الدينم “Denim” الذي تصنع منه ملابس الجينز، فهو يحول الطاقة الشمسية لكهرباء تنير تلك البنايات، وتزودها بالكهرباء اللازمة لتشغيل الأجهزة الكهربية التي بها.

فإنه يمكن أن يلف ويدور حول أي سطح؛ مما يعني أنه قد يكسو عددا لا حصر له من الأجهزة الكهربية ويمدها بالطاقة اللازمة لتشغيلها في الخلاء دون الحاجة لبطارية، أو أي مصدر آخر للكهرباء.

اعلانات جوجل

طبعا، فكرة الخلايا الشمسية ليست جديدة، لكن التطبيق هنا مختلف وثوري؛ لأنه يقلب مفاهيم التصقت بتوليد الطاقة الكهربية وصارت لازمة لها، وتستدعي للذهن على الفور شكل الخلايا الكهروشمسية المسطحة الزجاجية الهيئة، ذات الزوايا الحادة، وفي النهاية المعملية الطابع، بمعنى أنها تصلح للتطبيق في المعامل والمختبرات، ولا يقبل المستخدم العادي على تطبيقاتها المتاحة حاليا لتكلفتها المرتفعة وغرابة أشكالها، فضلا عن ضيق مدى الاستفادة من هذه التطبيقات في حياتنا العملية.

فالخلايا الكهروشمسية التقليدية ذات طبيعة صلبة “rigid” قابلة للكسر، وعادة ما تتكون من رقائق سيليكون مرتبطة بطبقة زجاجية، وليست هشاشتها هي القيد الوحيد الذي تفرضه على أي باحث يريد دمجها في أي تطبيق، ولكن وزنها الثقيل، وسطحها المستوي يزيدان من هذه القيود.

أما المادة الجديدة فعلاوة على قابليتها للطي والالتفاف حول أي سطح، فهي رخيصة التكلفة، ومرنة وبالتالي لا تحتاج لعناية خاصة أو رعاية فائقة لتجنيبها الكسر، ويرجع ذلك لاستبدال رقائق السليكون الصلبة بآلاف من الخرز السيليكوني “Silicon Beads”  الصغير جدا، مرصوصة في شكل صفوف متتالية؛ يشبه الصف منها عقدا من الخريزات الدقيقة، يضمها لبعضه البعض ويحصرها من أعلى وأسفل طبقتان رقيقتان للغاية من ورق الألمونيوم “Aluminum Foil”. 

هذه الصفحة غير المتماسكة من العقود المرصوصة بجوار بعضها البعض يقيها من الانفراط طبقتان رقيقتان من البلاستيك الشفاف المنفذ للضوء، والمرن في نفس الوقت، ويغلفان طبقتي الألمونيوم.

اعلانات جوجل

هنا تعمل كل “خريزة سليكونية” كخلية شمسية صغيرة جدا، تمتص ضوء الشمس وتحوله لكهرباء، ويقوم الألمونيوم بتجميع هذه الكهرباء وتوصيلها في نهاية الأمر لمجمع لها، يعد المقبس الذي يزود الجهاز الكهربي أو المبنى بالكهرباء.

وغني عن البيان أن شركة Spheral Solar تتحرق للعام المقبل، حيث ينتظر أن تطرح باكورة إنتاجها من هذا “power Denim” لتجني مكاسب سنوات طويلة -نسبيا- من تنفيذ تلك الفكرة وتنقيحها، بعد أن فازت ببراءة “المفهوم” الخاص بها عام 1997، وهي تتغنى برخص وتجدد الطاقة التي توفرها تلك التقنية، ومتانة المنتج نفسه وطواعيته في الاستخدام لأي غرض، والحق أنها في ذلك محقة.

تدوير للسيليكون

وتأتي ميزة رخص تكلفة التصنيع لهذه التقنية من اعتمادها على نفايات صناعة رقائق السيليكون المستخدمة في الأجهزة الكهربية والإلكترونية، واستخدام مواد أولية رخيصة مثل السيليكون والألمونيوم والبلاستيك، وعدم استخدام أي عناصر نادرة أو مرتفعة التكلفة، إضافة لاعتماد أساليب غير مكلفة في التصنيع. 

ومن خلال الجمع بين الطرق الكيماوية والميكانيكية، يتم إذابة السليكون الذي تم فرزه من تلك النفايات وتنقيته، ثم إعادة تشكيله مرة أخرى في شكل كرة قطر الواحدة منها ملليمتر فقط “خريزة”، يغطي ثقب لب هذه الخريزة بذرات عنصر البورون “Boron”، ليتكون القطب الموجب للخلية، وبصب غلالة رقيقة من ذرات مادة فسفورية على السطح الخارجي السفلي للخريزة، يتكون القطب السالب لها. 

اعلانات جوجل

وفيما يتدفق فائض الإلكترونات من القطب السالب للخلية إلى قطبها الموجب، ينشأ مجال كهربي يجذب بدوره الإلكترونات التي تنتج عن تحلل الفوتونات الضوئية التي قام السيليكون بامتصاصها عند وقوع ضوء الشمس عليها. 

وحيث تؤدي آلاف الخلايا نفس العمل، تقوم طبقة الألمونيوم بتوصيل هذه الإلكترونات يبعضها البعض وينشأ تيار كهربي، يتم تجميعه للاستخدام في أي غرض. هنا ينبغي الإشارة إلى أن السطح المستدير للخلية وغير المستوي لإجمالي الصفحة “photovoltaic sheet”، يزيد إلى حد كبير السطح المتعرض للشمس، ما يعني أن التقنية تستخلص بذلك الأسلوب أكبر طاقة ممكنة من خلية كهروشمسية. 

تطبيقات المستقبل 

غالبا ما يبتعد تصورنا للأشكال المعتادة للبنايات التي تستمد طاقتها الكهربية من الخلايا الكهروشمسية، عما ألفه الإنسان في أنساق المباني على اختلاف العصور والأماكن، وتقترب من فانتازيا أفلام الخيال العلمي، أو واقعه الماثل في الصوب الزجاجية كما هو واضح بالصورة التي على الشمال، لكن باستخدام الخرز الكهروشمسي يمكن الاحتفاظ بالطابع الذي يمكن وصفه هنا بـ “الإنساني”، فضلا عن اللمسة الجميلة. 

اعلانات جوجل

بأي لون، وأي شكل، وأي نسق؛ يمكن أن تكسو ألواح الخرز الكهروشمسي المباني، وساعة أن يشحذ فنانو التصاميم المعمارية أزناد عقولهم قد لا يقف عائد كسوة البنايات بتلك الألواح عند إمدادها بالكهرباء -وهو هدف جليل عند الكثير- بل ستخرج إلى الوجود بنايات ذات واجهات وأسطح جميلة الشكل وأخاذة المنظر تجمع الجمال والعملية.. والتوفير، كما يبدو -في الصورة على اليمين- ذلك المبنى المكسو تماما بألواح الخرز الكهروشمسية الملونة المرنة. 

أما إذا أصر صاحب البناية أو مصممها على الطابع الذي ألفه الإنسان، فإن قرميد سطح المنزل نفسه قد تكسوه ألواح الخرز الكهروشمسي وتلصق به، وتصبح جزءا لا ينفصل عن شكل القرميد دون أن تلحظه عين، وبالرغم من ظهور المنزل من بعيد عاديا لا جديد فيه، فإنه ينعم بطاقة رخيصة ونظيفة، ومتطورة (الصورة يميناً)، ليس كسابقه الذي كانت تشوه منظر الخلايا الشمسية.

قرميد شمسي 

أما في مجال السيارات التي تسير بالطاقة الشمسية فإن معظم المحاولات التي تمت حتى الآن لا تخرجها من حيث الشكل عن دمى الأطفال أو سيارات أفلام الكارتون، والأهم في هذا السياق هو محاولة توفير أكبر مسطح للخلايا الكهروشمسية العادية حتى يمكن ضمان أكبر مساحة معرضة لضوء الشمس؛ ما يعود على شكلها بالهزلية والعبثية.

ومن حيث المضمون فهي بعيدة تماما عن العملية، فليست بأي حال السيارة التي اعتدناها، فلا هي تسع الأسرة حيث تفتقد لمقاعد غير مقعد القائد، ولها حقيبة خلفية بها تحمل داخلها الأمتعة، ثم إنها في النهاية بطيئة، ولا تصلح لقضاء الحوائج، وقطع مسافات. 

المكونات المطلوبة لتصنيع نظام تحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربية ليست كثيرة رغم تكلفتها العالية، وأهمها:

الخلايا الشمسية: الوحدات الأساسية في نظام التحويل، وهي عبارة عن ألواح زجاجية حرارية مصنوعة خصيصًا لهذا الغرض، وقد ظهرت حديثاً أنواع جديدة من الألواح الشمسية تعطي قدرة عالية على تحويل الطاقة الشمسية من أشعة الشمس إلى طاقة كهربية في أقل مساحة ممكنة.  وحسب المصممِّات للمشروع فقد تقدر مساحة الألواح الشمسية المطلوبة لبيت مساحته 170 مترًا مربعًا 75 مترًا مربعًا، وهو ما يوازي 40% من مساحة سطح المنزل.

وتشير إحدى مصممات المشروع إلى ضرورة أن توضع الألواح الشمسية بزاوية ميل 35ْ من الشمال إلى الجنوب، وقد أخذت هذه الزاوية حسب خطوط الطول وخطوط العرض الخاصة بفلسطين، وأيضاً بمراعاة زاوية سقوط أشعة الشمس على الألواح الزجاجية. 

منظمات الشحن voltage regulator: وهي عبارة عن أجهزة تقوم بعملية تنظيم الطاقة الناتجة من الألواح الشمسية وتنظيمها من حيث الزيادة أو النقصان.

البطاريات Battery: وهي من العناصر الأساسية، وتقوم بتخزين الطاقة الناتجة عن تحويل الطاقة الشمسية الناتجة من الألواح الشمسية إلى طاقة كهربية، ويتم تخزينها في بطاريات الشحن التي تقوم بدورها بتزويد الأجهزة الكهربية بالتيار الكهربي اللازم لعملها.

المحولات Inverter: تقوم المحولات بدور تحويل التيار المستمر الذي ينتج من الطاقة الشمسية إلى تيار متردد تعمل كافة الأجهزة الكهربية عليه. 

موحد الاتجاه: وهي أجهزة تقوم بدور توحيد الاتجاه للتيار الكهربي، ففي حالة امتلاء بطاريات الشحن قد ينعكس اتجاه التيار، وهو ما قد يؤثر على عمل الأجهزة الكهربية، أو في حالة وصول أشعة الشمس إلى بعض الألواح وعدم وصولها للبعض الآخر تقوم هذه الأجهزة بدور توحيد الاتجاه.

كيف تتحول أشعة الشمس لكهرباء؟ 

عن آلية عمل المشروع تشرح إحدى مصممات المشروع أنه عند سقوط أشعة الشمس على الألواح الشمسية تقوم بتحويلها إلى تيار كهربي، يتم إيصاله عبر أسلاك كهربية وموصلات ذات مواصفات خاصة لنقل التيار الكهربي، يتم وصلها بعد ذلك مع أجهزة منظمات الشحن التي تقوم بتنظيم زيادة أو نقص التيار الكهربي الذي يتجه بعد ذلك إلى البطاريات، وتقوم البطاريات بالمهمة الرئيسية في الاحتفاظ بالطاقة الكهربية، وبعد ذلك ينتقل التيار الكهربي إلى محولات خاصة بتحويل التيار المستمر القادم من بطاريات الشحن إلى تيار متردد حيث تعمل غالبية الأجهزة الكهربية على التيار المتردد، ويفضل استخدم أجهزة موحدات الاتجاه التي تقوم بتوحيد التيار الكهربي كما ذكر سابقاً.

حوِّل منزلك لمنزل شمسي

ويُراعى عند بناء البيت الجديد الذي يعمل على الطاقة الشمسية، عدد من الاعتبارات الخاصة بالمنزل أو المنطقة التي يُبنى فيها، ومنها:

  أن تكون النوافذ الجنوبية أكبر مساحة من غيرها؛ وذلك لأن أشعة الشمس تصل بصورة أكبر من الجنوب “هذا خاص بمنطقة قطاع غزة”.

  أن يتم تصميم سطح المنزل بمستويين؛ كي يكون الأول خاصًا باستخدامات سطح المنزل، والثاني لوضع الألواح الشمسية.

  توضع خزانات المياه التي تستخدم في كثير من المنازل في الناحية الشمالية؛ لأنها لا تؤثر في سقوط أشعة الشمس.

  استخدام لمبات إضاءة من نوع (C L F)، وهي من الأنواع الاقتصادية التي توفر 75% من استهلاك الكهرباء للحصول على أعلى استفادة من اقتصادية المشروع.

وهذا لا يمنع إمكانية تطبيق المشروع على المنازل المقامة سابقاً، فلا توجد فروق كبيرة في التطبيق، إلا أنه في البيوت الحديثة يكون أفضل، خاصة أنها مصممة للاستفادة القصوى من أشعة الشمس المتواجدة التي تصلها بطريقة مباشرة من خلال وضعية الشبابيك وزاوية وضع الألواح الشمسية.

وهذا الإبداع للطالبات الفلسطينيات يمثل نقلة نوعية في التفكير نحو استغلال المتاح لمواجهة الاحتياج، وقد يكون البداية لاستخدام الطاقة البديلة في فلسطين؛ فهناك اهتمام بالمشروع من قِبل الجميع لإمكانية تطبيقه العملي داخل المنازل ومن قِبل المراكز والجامعات للاستفادة من الطاقة الشمسية.

بقلم: محمد علي سالم   مشرف منتدى الفيزياء   منتدى قصة العلوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى