مقالات في الفيزياء

شمسنا بوابة الحياة الحلقة الثانية


سنتحدث الآن عن موقع الشمس في مجرتنا درب التبانة.  ولكن وقبل أن نتطرق في الحديث عن ذلك سنقوم بتطواف خفيف نحوم فيه في عالم المجرات الرائع.  المجرة هي نظام كوني يتكون من عدد كبير من النجوم والحشود النجمية والسدم وغيرها بأعداد تصل إلى الملايين، تشكلت بعد نشوء الكون انطلاقا من سحب هائلة من الغاز والغبار ترتبط معا بقوى الجذب المتبادلة وتدور حول مركز مشترك، تحكمها جميعا قوانين غاية في الدقة. ويقدر الفلكيون أن هناك حوالي 125 بليون مجرة في الكون. وكل النجوم التي يمكن رؤيتها بالعين المجردة تنتمي إلى مجرتنا مجرة درب التبانة.

تنشأ المجرات بذات الطريقة التي تتكون بها النجوم، فهي تتطور من سديم هائل الاتساع يبلغ مداه ملايين السنين الضوئية، ثم تتجمع أجزاء هذا السديم حتى تتركز مادته بسبب الدوران المتسارع، مما يؤدي إلى تفلطحها وتوزع المادة على شكل قرصي .وتختلف المجرات في أشكالها بالإضافة إلى تباينها في الكتل والأحجام كذلك.  وقد قام ادوين هابل بتصنيفها من ناحية الشكل إلى أربعة أنواع هي:

اعلانات جوجل

 

(1) المجرات الإهليليجية (البيضوية): وتكون ذات شكل بيضوي غالبا وتتراوح في استطالتها ما بين الشكل الكروي إلى البيضوي المستطيل .


 

اعلانات جوجل

(2) المجرات الحلزونية: وتشبه الحلزون الملتف ولها أذرع في العادة ولكنها تختلف اعتمادا على مقدار انفتاح هذه الأذرع وانضمامها. وهي على نوعين رئيسيين:

أ ـ الحلزونية العادية: ونواتها كروية تنبثق عنها الأذرع الحلزونية.

ب ـ الحلزونية العصوية: ونواتها مستطيلة تنبثق عنها الأذرع من نهايتي النواة.


 

اعلانات جوجل

(3) المجرات العدسية: وهي تشبه العدسة محدبة الوجهين، تنتفخ نواتها على جوانبها.


(4) المجرات غير المنتظمة: تظهر بشكل عشوائي غير منتظم وليس لها شكل معين مثل ما سبق من أنواع.


اعلانات جوجل

 

نضيق الآن هذه الدائرة المتسعة ونسلط الضوء على مجرتنا العزيزة درب التبانة أو كما يسميها البعض درب اللبانة والتي تضم مجموعتنا الشمسية بين جنباتها.

 

درب التبانة

مجرة حلزونية تحتشد وسطها النجوم فتكسبها انتفاخا مركزيا تتشعب منه أذرع تتواجد منظومتنا الشمسية في واحد منها. ويبلغ قطرها الكلي حوالي 100 ألف مليون سنة ضوئية، وسمك قرصها المجري حوالي 2300 سنة ضوئية. وتزيد كتلتها على 130 ألف مليون من كتلة الشمس . وهي وكسائر المجرات مستمرة في الحركة حيث تحتاج لـ 250 مليون سنة لإتمام دورة كاملة حول نفسها، بالإضافة إلى تقدمها ليس فقط كمجرة سابحة بكاملها في الفضاء، بل إن النجوم داخلها أيضا تدور باستمرار حول مركزها. ففي أثناء قراءتك لهذه الجملة ستكون الشمس قد تحركت قرابة الألف ميل في دورتها حول المجرة.

 

والآن ندخل في تفصيلات موضوعنا

كما ذكرنا سابقا تقع منظومتنا الشمسية في أحد أذرع مجرة درب التبانة وهي كما نعلم جميعا أربعة أذرع لكل منها اسم خاص بها نذكرها لنثري ثقافتنا المجرية قليلا:

(1) ذراع البجعة “الدجاجة“.

(2)  ذراع برشاوس.

(3)  ذراع الرامي “Sagittaire”.

(4) ذراع قنطورس .

 أما موقع الشمس من الأذرع فهي موجودة في امتداد فرعي لذراع الرامي اسمه ذراع الجبار Orion وتبعد مسافة 30 ألف سنة ضوئية عن مركز المجرة ودون أي امتياز يذكر.!


 


 

ويمكن وصف حركة الشمس داخل المجرة كالتالي:

تقوم الشمس بحركة ظاهرية تنشأ من دوران الأرض حول محورها من ناحية، وفي مدارها على هيئة قطع ناقص حول الشمس من ناحية أخرى (الحركة المدارية)، بالإضافة إلى ذلك فإن الشمس تقوم بحركة حقيقية في مجموعة درب التبانة، وتتكون هذه الحركة الحقيقية من جزأين: حركة بالنسبة للنجوم الثوابت القريبة وحركة دوران بالنسبة لمركز مجرة درب التبانة.

فبالنسبة للحركة الأولى تتحرك الشمس بالنسبة للنجوم الثوابت القريبة بسرعة 19.4كم/ث وبذلك فإنها تقطع في العام ضعف قطر مدار الأرض، واتجاه أو هدف هذه الحركة مستقر الشمس وهو موجود في كوكبة الجاثي.  وأما الحركة الثانية فتشارك الشمس مع النجوم القريبة في الدوران حول مركز المجرة، وفي ذلك تبلغ سرعتها 250كم/ث وتصنع دورة كاملة حول المركز في  250مليون سنة، وبسبب قوة جاذبية الشمس فإن المجموعة الشمسية تتماسك مع بعضها وتشارك في هذه الحركة.

 

وأختم موضوعي بمثال طريف يبين لنا موقع مجموعتنا الشمسية في مجرتنا ذات الأبعاد الشاسعة .فلو تصورنا مجرتنا كقرص منتفخ من وسطه بقطر يبلغ مقدار المسافة من جنوب الأردن حتى جنوب اليمن، فسيكون مركز المجرة بقدر حجم الكعبة المشرفة، أما منظمتنا الشمسية بكاملها فلن تكون إلا بقدر حبة الحمص  قطرها 1 سم وعلى بعد يساوي بعد المدينة المنورة عن مكة !!!!

الدكتور حازم فلاح سكيك

د. حازم فلاح سكيك استاذ الفيزياء المشارك في قسم الفيزياء في جامعة الازهر – غزة | مؤسس شبكة الفيزياء التعليمية | واكاديمية الفيزياء للتعليم الالكتروني | ومنتدى الفيزياء التعليمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى