علماءمواضيع العدد ٣

حوار مع العالم وليم روان هاملتون

وليم روان هاملتون

نيوتن: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أعزائي الأعضاء الكرام ، كما ذكرنا سابقا هذه هي الحلقة الأولى من برنامجنا الجديد……. ،دعونا لا نطيل الحديث فضيفنا مستعجل قليلا ..

أهلا وسهلا بك معنا ضيفي العزيز، ونشكرك جدا لقبول دعوتنا .

اعلانات جوجل

الضيف: هذا من دواعي سروري ، فانا لم اجري مقابلات من هذا النوع قبلا .

نيوتن: الحديث بيننا سيكون سهلا فحضرتك تتقن العربية ، لكن هل لك أن تقدم تعريفا بسيطا مبدئيا عن نفسك حتى لا يكون أعضاءنا الأعزاء (كالأطرش في الزفة) في أثناء حديثنا.

الضيف: طبعا ، اسمي هو السير وليم روان هاملتون ، ولدت عام 1805 في دبلن عاصمة ايرلندا .

نيوتن: حسنا سير هاملتون أعتقد أن هذا كاف الآن شكرا لك ، في أثناء بحثي عنك علمت انك تمتعت بطفولة مدهشة فهل لك أن تحدثنا عنها قليلا ؟

اعلانات جوجل

هاملتون: آه نعم ..أنت تذكرني “بأيام زمان”. لقد أظهرت في طفولتي قدرات عقلية غير عادية دفعت الوالد الكريم لأن يلقي بمسؤولية تربيتي على عاتق عمي الأكبر الكاهن جيمس هاملتون والذي كان عضوا في الأكاديمية الملكية الايرلندية، فانتقلت إلى مدينة تيم Tim قرب دبلن لأعيش معه وكان عمي يعمل مدرسا في مدرسة الكنيسة الانكليزية آنذاك .

نيوتن: كم كان عمرك وقتئذ؟

هاملتون: كنت في الثالثة من العمر.

نيوتن: أعتذر منك سير هاملتون سنواصل حديثنا بعد هذا الفاصل القصير الذي سنعرض خلاله صورة لحضرتك.

هاملتون: لا بأس.

اعلانات جوجل

نيوتن: ها قد عدنا إليك ضيفنا العزيز.. وصلنا في حديثا إلى اللحظة التي وصلت بها إلى منزل عمك فما الذي حدث بعد ذلك؟

هاملتون: بعد وصولي إلى منزل عمي بقليل تعلمت قراءة اللغة الانجليزية و وإنجاز حسابات معقدة . وفي الخامسة كنت أستطيع أن أترجم عن اللاتينية واليونانية والعبرية …..

نيوتن: ما شاء الله !!!!

هاملتون: ليس هذا فحسب ، فقد كنت أستطيع أن ألقي فقرات طويلة من أعمال مؤلفين مبدعين تتدرج أسماؤهم من هوميروس إلى ملتون

اعلانات جوجل

وفي السنوات الخمس التي تلت ذلك أصبحت مطلعا بعمق على السنسكريتية ،كما تعلمت العربية والكلدانية لوحدي وعددا من اللهجات الهندية ، كما تمكنت من الايطالية والفرنسة .

نيوتن: لقد كنت (طفل معجزة ) حقا هل هناك من انجازات أخرى في هذه السن المبكرة ؟

هاملتون: شكرا لك، تمكنت قبل تجاوزي للثانية عشرة من عمري من تصنيف كتاب في قواعد السريانية، وبعد عامين أصبحت متقدما في دراسة الفارسية حتى إنني استطعت كتابة كلمة ترحيب بزائر صاحب مقام رفيع من المعجم.

نيوتن: مذهل حقا !! لكن كيف بدأ اهتمامك في الرياضيات؟ فأنت لم تصبح شاعرا أو أديبا في النهاية.

هاملتون: سؤال جيد. في الحقيقة لم يبدأ اهتمامي بالرياضيات قبل العام 1820، ففي هذا العام التقيت بأمريكي يدعي ز.كولبورن كان يستطيع أن يجد ذهنيا حلول مسائل تتضمن أعدادا كبيرة جدا، فأثارت فضولي فائدة الرياضيات مما جعلني أنغمس في مؤلفات علمية كلاسيكية مثل كتاب المبادئ (برنسيبيا) لنيوتن وكتاب لابلاس في الميكانيكا السماوي.

نيوتن: علمت أنك انتقلت من عند عمك إلى كلية ترينيتي Trinity في دبلن عام 1823. فهل لك أن تحدثنا قليلا عن بعض ما حدث معك هناك؟

هاملتون: لقد اجتذبت اهتمام الكثيرين ، فقد حصل واكتشفت خطأ منطقيا في كتاب لابلاس وهو كتاب مهم جدا كما تعلم. وكان من جراء هذا الاكتشاف أن أثرت اهتمام أستاذ للفلك في الكلية وهو الأستاذ ج.برنكلي .

نيوتن: مدهش !! أكمل من فضلك.

هاملتون: نمو قدراتي في الميكانيكا التقليدي قادني للاهتمام بالبصريات ، فأنجزت أول نشرة علمية لي في البصريات الهندسية في عام 1824 وأنا لا أزال طالبا في الكلية . وقدمت هذه النشرة إلى الأكاديمية الملكية الايرلندية لنشرها .

نيوتن: وأظن بأنهم لم يقتنعوا بصحة ما جاء بها ..أليس كذلك؟

هاملتون: ليس تماما، فالنشرة كانت على درجة عالية من التجريد الرياضي وكان صعبا على أعضاء الأكاديمية أنفسهم فهمها حق الفهم؛ فطلبوا إلي أن ابرهن على صحة مكتشفاتي .

نيوتن: وما الذي فعلته من أجل هذا ؟

هاملتون: اتبعت نصيحتهم، وأنجزت مشروعي ذاك وأنا لا أزال طالبا غير مجاز. وفي عام 1827 تقدمت رسميا بنشرتي تلك “عرض لنظرية في منظومات الأشعة” إلى الأكاديمية.

وكان هذا من أهم أعمالي فقد كانت أساسا لمعظم المؤلفات في البصريات الهندسية، كما أدخلت لهذه النشرة دالة مميزة لمجموعة من الأشعة، وهي دالة يمكن أن تستنتج منها خواص المنظومة كاملة بعمليات رياضية بسيطة كعملية التفاضل مثلا.

نيوتن: إنها دالة مهمة فعلا ، فقد استخدمها شرودنغر لاشتقاق معادلاته الموجية..

هاملتون: من شرودنغر هذا؟! وكيف يستخدم دالتي دون إذن مني؟

نيوتن: هدئ من روعك فهذا عالم آخر جاء من بعدك ولا علاقة له هنا، كانت زلة لسان فحسب.. فلنتم حديثنا من فضلك.

هاملتون: لا بأس إذن، أين وصلنا؟

نيوتن: كنا نتحدث عن الأمور المدهشة التي حققتها نشرتك المميزة فقد أرست موضوع البصريات الهندسية في الرياضيات وهذا ساعد في ذيوع شهرتك كفيزيائي رياضي فكيف انعكس أثر كل ذلك في حياتك الشخصية؟

هاملتون: حين تخلى جون برنكلي عن منصبه كأستاذ للفلك في كلية ترينيتي لم أكن قد تخرجت بعد، لكني رشحت بسبب ألمعية نشرتي لهذا المنصب الشاغر على الرغم من أني ما كنت أزال في الحادية والعشرين من عمري.

نيوتن: كل هذه الإنجازات وأنت بهذا العمر؟! أنت شخص خارق للعادة بلا نزاع، ونتشرف حقا بإجراء هذه المقابلة معك.

هاملتون: شكرا لك. لقد نذرت نفسي لبحوث الرياضيات والفيزياء والفلك إضافة إلى واجباتي التعليمية ومسؤولياتي اليومية العملية والعادية الأخرى وفي إدارة المرصد أيضا.

نيوتن: هل لك أن تحدثنا عن تلك الميداليات التي حصلت عليها بعد ذلك؟

هاملتون: في عام 1834 كوفئت على اكتشاف الدوال المخروطية من قبل الأكاديمية الملكية الايرلندية التي منحتني ميدالية كونينغهام Cunningham، كما منحتني الجمعية الملكية الميدالية الملكية.

نيوتن: ما الذي حدث معك بعد هذا ؟ لم أعد أجد أسئلة في الحقيقة.

هاملتون: بعد هذا بثلاث سنوات أصبحت رئيسا للأكاديمية الملكية الايرلندية، وبقيت في هذا المنصب ثماني سنوات. وفي أثناء هذه الفترة حققت أهم أعمالي في الفيزياء الرياضية والذي نشرت نتائجها في عام 1835 في نشرة شهيرة بعنوان “طرائق عامة في الديناميكا”.

نيوتن: هل لك أن تحدثنا قليلا عن اكتشاف الرباعيات أو الأعداد فوق العقدية؟

هاملتون: الرباعيات هي كيانات رياضية تساعد على إجراء حسابات جديدة وهذا لأنها تسلك سلوك الأعداد ولكنها ليست أعدادا بالمعنى الدقيق للكلمة؛ لأنها تشذ عن قانون التبديل (axb=bxa) والذي يصح في الأعداد العادية .

نيوتن: وبهذا تم تحرير الجبر من مسلمة التبديل في الضرب.

هاملتون: نعم وبهذا أيضا قدمت الأداة القادرة على دراسة “الكميات التي لها مقدار واتجاه في الفضاء الثلاثي الأبعاد”. وبهذا الاكتشاف ختمت عام 1843 خمسة عشر عاما من الجهد الذي بذلته لكي أجد طريقة لضرب المتجهات.

نيوتن: لقد أتتك ومضات هذا الإلهام وأنت في طريقك إلى أحد الاجتماعات أليس كذلك؟

هاملتون: كنت وقتها أسير مع زوجتي بالقرب من القنال الملكي في طريقي إلى أحد اجتماعات الأكاديمية في دبلن فاعترتني رغبة عارمة في نقش بعض الصيغ الرياضية بسكيني على حجر جسر بروغام وكنا مارين عليه، فنقشت الصيغة الأساسية i^2=j^2=k^2=ijk=-1 وهي دلالة الرباعيات التي أعطت حل المسألة.

نيوتن: حياة حافلة بكل معنى الكلمة، هل تحدثنا ضيفنا الكريم قليلا عن كفاحك مع العلم في العقدين الأخيرين من حياتك؟

هاملتون: أمضيت هذين العقدين في كتابة أعمال في الرياضيات توجهت نحو مسائل الجبر وحساب الاحتمالات ونظرية المعادلات ونظرية الدوال. فتميزت أعمالي بالحدس العميق كما كانت نشراتي مفصلة في عرضها الرياضي و كان تفكيري منطقيا واضحا ودقيقا.

نيوتن: لم نخطأ أبدا عندما اخترناك لتكون ضيفنا الأول في برنامجنا الجديد .. فقد كانت حياتك حافلة بالكثير حقا أحب أن أضيف أخيرا أن حضرتك كنت رجل علم ورجلا شديد التدين في الوقت ذاته. كما كنت حسن الإطلاع على أعمال جورج بيركلي وايمانويل كنت، وكان منهجك الفيزيائي نحو العلم شديد التأثر بديكارت ونيوتن.

هاملتون: هذا صحيح تماما فقد كنت كنيوتن متدينا وورعا ورفعت من مكانة الحياة الروحية فوق مكانة كل من العلم والرياضيات.

وقد كنت أرى في الرياضيات الأداة الوحيدة القادرة على إظهار جمال الديناميكا الرائع في هذا العالم الذي هو بالتأكيد من صنع إله مبدع.

نيوتن: اسمح لي أخيرا ضيفنا الكريم أن أسألك السؤال المحرج الذي ادخرته للنهاية لكن بعد أن نرى بعض الصور المتعلقة بحلقتنا لهذا اليوم.

نيوتن: وصلنا إلى نهاية حلقتنا فعلا، وأشكرك جزيل الشكر على هذه المقابلة الممتعة والمذهلة جدا ، لكن سؤالي الأخير لك سير وليم هاملتون حتى نكمل رسالة برنامجنا هذا بالإحاطة بكل ما يتعلق بك .. هل لك أن تذكر لنا سنة وفاتك إن لم يكن هذا يسبب لك أي ضيق؟

هاملتون: هاهاها ..لا عليك ..سؤال طريف حقا ..لقد كانت وفاتي عام 1865، وهكذا ستعلم إني قد توفيت وأنا في الستين من عمري.

لكن الصور أبهجتني جدا، إنهم يقدرون جهودي كثيرا على ما يبدو.

نيوتن: شكرا لصراحتك، والآن أعزائي أعضاء المنتدى الكرام نصل معكم لختام حلقتنا لهذا اليوم أشكر باسمكم جميعا ضيفنا المميز جدا لهذا اليوم .. السير وليم روان هاملتون، آملين أن تكون حلقات برنامجنا القادمة جميعها بهذا المستوى من المتعة والتشويق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى