ضيف العددمواضيع العدد ٤

حوار مع العالم جيمس كليرك ماكسويل

نيوتن: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مرحبا بكم أعزائي مجددا في الحلقة الثانية من حلقات برنامجنا “حوار مع علماء الفيزياء” .. ضيفنا لهذه الحلقة مميز جدا جدا .. وعيب على أي واحد يهتم ولو قليلا بالفيزيـــاء أن لا يكون قد سمع به. دعوني أرحب نيابة عنكم جميعا بعالم الفيزياء المتألق جيمس كليرك ماكسويل..أهلا بك ضيفنا الكريم.ماكسويل : وبك أيضا.

نيوتن: لكن استميحك عذرا قبل أن نبدأ حديثنا معك بأن نعرض بعض الصور المتعلقة بحضرتك.. فهذه لمسات لابد منها في كل حلقة.

اعلانات جوجل

ماكسويل :هذا من دواعي سروري.

نيوتن: قرأت في احد الكتب أن تصنيف العلماء ولا سيما الفيزيائيين منهم ليس سهلا لأن أعمالهم التي تشمل عادة مجالات متعددة لا نجد بينها عملا ثوريا أو تحليليا متميزا لاكتشافات سابقة، غير أن البارزين منهم قلة سرعان ما يظهر تفوقهم ويعرف .. وكنت انت من بين هذه القلة المتميزة.

ماكسويل : أشكر لك هذا المديح ، ربما كان توحيدي للحقلين الكهربائي والمغناطيسي في حقل كهرطيسي واحد في وقتها عملا استثناءيا مميزا كما تقول.

نيوتن: ليس في ذلك الوقت فحسب بل في وقتنا الحاضر وفي كل وقت فأنت من أمثال نيوتن وآينشتاين تعد من موحدي المبادئ العلمية.

اعلانات جوجل

هل تسمح بأن نبدأ رحلتنا في مراحل حياتك منذ البداية؟

ماكسويل : بكل تأكيد تفضل.

نيوتن : (الله يزيد فضلك !!) نستهل حديثنا المفصل بالسؤال عن ولادتك ونشأتك فهل تخبرنا عن ذلك قليلا ؟

ماكسويل: طبعا ، ولدت عام 1831، في ملكية عائدة لأسرتي في دمفريشر.باسكتلندا.

كان والدي محاميا يوزع وقته بين عمله في إدنبره وهوايته في اصلاح الأجهزة الميكانيكية والمخترعات.

اعلانات جوجل

نيوتن: إذن فقد ورثت عن أبيك فضوله ؟

ماكسويل : أجل، يمكنك قول ذلك فقد كنت أريد أن اعرف دوما ماذا يصنع هذا الجهاز أو كيف يعمل هذا الأختراع.

نيوتن: كان نمط حياتك ريفيا فإلى متى استمر هذا ؟

حوار مع العالم جيمس كليرك ماكسويل ماكسويل: انتهت هذه الفترة من حياتي عندما توفيت والدتي وكنت وقتها في الثامنة من عمري. حاول والدي ان يحتفظ بالأسرة كلها معا، ولكني كنت بحاجة لأن أبدأ تعليمي النظامي . فأرسلني إلى إدنبره للعيش مع عمتي هناك.

اعلانات جوجل

نيوتن: وكم من الوقت مكثت في إدنبره ؟

ماكسويل : كنت أقضي الشتاء أدرس في أكادميتها وأعود في أشهر الصيف إلى مسقط رأسي في دمفريشر. وبقيت على هذا الحال عشر سنوات.

نيوتن: وكيف كان تحصيلك الأكاديمي وقتها ؟

ماكسويل: لم يكن تحصيلي متميزا في بادئ الأمر، لكن كان لدي موهبة خاصة في الهندسة سرعان ما لوحظت، كنت ماهرا في هندسة الأشكال الفراغية بوجه خاص، وفي الرياضيات بوجه عام .وقد منحتني الأكاديمية الميدالية السنوية للرياضيات وأنا في الثالثة عشرة من عمري لتفوقي في هذه المادة.

نيوتن : كان لهذا التفوق انعكاسه على والدك أيضا كما عرفت.

ماكسويل:هذا صحيح ،فقد بدأ يصحبني في العام التالي إلى لقاءات جمعية أدنبره الملكية ، وقد استفدت من هذه الاجتماعات لأنها شجعتني على الاهتمام بالأشكال البيضوية وحثتني على كتابة نشرة علمية عن موضوع قرئ في الجمعية في آذار/مارس 1846.

نيوتن: جميل جدا، ننتقل إلى مرحلة ما بعد الأكاديمية والتي تخرجت منها في عام 1847 واحرزت فيها المرتبة الأولى في مادتي اللغة الانجليزية والرياضيات.

ماكسويل: صحيح.

نيوتن: لقد انتقلت في السنة التالية إلى جامعة إدنبره وأمضيت فيها ثلاث سنوات حدثنا عن هذه الفترة؟

ماكسويل: أمضيت هذه السنوات الثلاث في شحذ مهاراتي في الرياضيات والفيزياء، وكنت أقوم في أثناء أشهر الصيف ببعض التجارب في مختبر منزلي أعدته بنفسي في الملكية العائدة لاسرتي.

نيوتن: هل كان هذا هو نشاطك الوحيد في هذه الفترة؟

ماكسويل: كلا ، كان لدي من الوقت ما يكفي لكي أقوم بتأليف المزيد من النشرات العلمية أيضا والمتعلقة بالمنحنيات وتوازن الأجسام المرنة وقد قُرئت هذه النشرات في الجمعية بين عامي 1849 و1950 على التوالي.

نيوتن: ما زلنا ضيفي العزيز ننتقل في مراحل دراستك المختلفة، فقد التحقت في عام 1850 بكلية بيتَر هوْس في كمبردج، ولكنك آثرت الانتقال إلى كلية ترينيتي، هل تفسر لنا سبب إقدامك على هذه الخطوة؟

ماكسويل في أثناء دراسته في كلية ترينيتي

ماكسويل: كنت أعتقد وقتها أن حظي في اكتساب عضوية جامعية سيكون أوفرا في هذه الكلية.

نيوتن: وهل تحقق لك ذلك؟

ماكسويل: نعم لأنني انتخبت باحثا في الكلية في نهاية سنتي الثانية فيها بسبب ألمعيتي في العمل الجامعي والتي تعرفها موجه في كامبردج وهو الاستاذ البارز هوبكنز ، والذي كان يعتقد أنني سأصبح أعظم رجل قابله في حياته.

نيوتن: لقد كان على حق تماما في حدسه هذا . لكن هل نسبب لك أي ضيق إن أخبرتنا عن حالة الانهيار العصبي التي عانيت منها وكيف كان تأثيرها عليك؟

ماكسويل: مطلقا، كان هذا في حزيران /يونيو 1853 في الفترة التي كنت أحضر فيها لفحص التريبوس Tripos المجهد (وهو امتحان خاص لنيل أعلى درجة شرف في الرياضيات في كامبردج).  وحين تقدمت للفحص في كانون الثاني / يناير 1854 كنت لا أزال أعاني من آثار المرض فنجحت ولكن بالمرتبة الثانية بعد إ.روث والذي أصبح رياضيا متميزا كذلك.

نيوتن: لكنكما تعادلتما في النهاية.

ماكسويل: نعم تعادلنا نحن الاثنين في المركز الأول في المسابقة الأكثر تقدما لنيل جائزة سميث.

نيوتن: في أثناء بحثي في حياتك علمت أن المحيط الجامعي يتلاءم بصورة مناسبة مع مزاجك الشخصي الخاص إلى حد ما .. فما هو برأيك أكثر ما يدعم هذا الانطباع عنك؟

ماكسويل: متابعتي للدراسة في كامبردج بعد أن نلت درجتي الدراسية في الجامعة من أهم ما يثبت ذلك . ونتيجة لهذا أيضا انتخبت عضوا في هيئة التدريس في كلية ترنيتي وعمري 24 سنة. فبدأت ألقي محاضرات وأشرف على تجارب الكهرباء والمغناطيسية لكونها جزءاً من عملي.

نيوتن: أود أن اضيف نيابة عنك أنك لم تمكث طويلا في عملك هذا بل سرعان ما غادرت كامبردج لتتسلم كرسي الفلسفة الطبيعية في كلية ماريشال في أبرْدين.

ماكسويل: هذا صحيح.

نيوتن: نلج الآن إلى الموضوع الذي أثار انتباهي جدا وهو ورقتك العلمية عن بنية حلقات زحل وكيف كانت سببا لشهرتك؟

ماكسويل: كانت هذه النشرة من أهم نشراتي العلمية بحق فقد فازت بجائزة آدامز لبرهانها على أن بنية هذه الحلقات لا يمكن أن تكون مستقرة إلا إذا كانت مؤلفة من جسيمات دقيقة. ثم أن هذه النشرة لم تؤد إلى توطيد شهرتي فحسب بل زادت من اهتمامي بحركات المجموعات الضخمة من الجسيمات الذي كان أساس عنايتي بالنظرية الحركية للغازات.

نيوتن: وسرعان ما أدى اهتمامك هذا إلى استنتاجك الرائع لتوزيع سرع جزيئات الغاز في حالة توازن عند أي درجة حرارة. وكان هذا الاستنتاج من الخطوط الرئيسية لتقدم النظرية الذرية في المادة.متى نشرت نتائج بحثك المهم هذا؟

ماكسويل: قمت بنشر هذه النتائج في عام 1860. وحصل في هذا العام أيضا أن ضُمت فيه كلية ماريشال إلى جامعة أبردين، فألغى هذا الاندماج مركزي الوظيفي.

نيوتن: وما الذي حصل بعدها ؟

ماكسويل: التحقت بكلية الملك في لندن وأمضيت الخمس سنوات التي تلت ذلك في صياغة نظرية في الحقل الكهرومغناطيسي كما أنجزت في الوقت نفسه العديد من التجارب في منزلي بمساعدة زوجتي كاثرين والتي كانت بالنسبة لي بمثابة المساعد القدير حقا، وألقيت عددا من المحاضرات العلمية وعملت على تحسين كتبي في الكهرباء والمغناطيسية والحرارة.

نيوتن: اسمح لي بفاصل قصير نشاهد فيه صورة لك ولزوجتك إن لم تعتبر هذا من خصوصياتك.

ماكسويل: لا مانع أبدا.

نيوتن: عدنا إليك ضيفي العزيزأود أن أسأل الآن، هل استمر عملك في كلية الملك؟ أم انك انتقلت منها كما هي العادة على ما يبدو؟

ماكسويل: بالفعل انتقلت من هناك، وكان ذلك في عام 1865 حيث تخليت عن مركزي فيها والتحقت بهيئة التدريس في كامبردج حيثت عملت فاحصا في امتحانات التريبوس في الرياضيات.

نيوتن: ننتقل الآن إلى إسهاماتك في تعديل المناهج الدراسية فهل لك أن توضح لنا كيف كانت علاقتك بهذا الأمر؟

ماكسويل: حسنا ، كانت أسئلتي في الترموديناميك والكهرباء والمغناطيسية هي الحافز لتأليف لجنة جامعية توصي باعادة النظر في المنهاج الدراسي؛ فخلصت الجمعية إلى ضرورة اعطاء مقررات في هذه المواضيع وتأسيس مختبر للفيزياء لإجراء التجارب فيه.

نيوتن: وهل تم هذا فعليا ؟

ماكسويل: نعم لحسن الحظ وكان هذا بفضل الاسهامات المالية السخية لرئيس الجامعة الدوق ديفنشر والذي كان ثريا جدا وله مؤهلات أكاديمية بارزة كونه قد منح لقب المجادل الماهر Wrangler وهو لقب يمنح لمن يفوز بأعلى درجات الشرف في فحص التريبوس للرياضيات في كامبردج. وفوزه بالمركز الأول في مسابقة جائزة سميث.

لقد قدم هذا الانسان الرائع الرصيد المطلوب لبناء المختبر وتجهيزه والذي اطلق عليه اسم مختبر هنري كافندش.

نيوتن: عمل يستحق التقدير بلا شك ؛ فلا زال هذا المختبر موطن الكثير من الأعمال القيمة في ميدان الفيزياء الذرية في بريطانيا.كان لهذا المختبر أثره في حياتك.

ماكسويل: نعم لأن بناءه احتاج لتوجيهات أستاذ حسن الاطلاع على موضوعات الكهرباء والمغناطيسية فعرض علي هذا المنصب بعد أن رفضه اللورد كلفن.

نيوتن: ومتى استلمت مسؤولياتك به؟

حوار مع العالم جيمس كليرك ماكسويلماكسويل: كان ذلك في خريف عام 1871 ولكني للأسف قبلت أيضا مهمة شاقة وهي تدقيق المخطوطات غير المنشورة التي خلفها كافندش والتي كانت له صلة قرابة بعيدة مع الدوق، وأقوم بنشرها وتوزيعها.

نيوتن: لابد أنها كانت مهمة شاقة بالفعل.

ماكسويل: جدا؛ لأنها شغلتني معظم السنوات الخمس التالية وكانت تستهلك فيما عدا واجباتي الرسمية معظم ساعات عملي إضافة الى انشغالي بمرض زوجتي الذي دام عدة أشهر والذي خصصت له معظم وقتي الفائض للاهتمام به.

نيوتن : وصلنا تقريبا إلى نهاية حلقتنا لهذا اليوم معك ضيفي الكريم، فهل سيكون حديثنا معك عن فترة مرضك ووفاتك مما يثير لديك أي شجون؟

ماكسويل : تحدث عما شئت فتلك فترة عصيبة قد مرت وانتهى الأمر.

نيوتن: أشكر لك تجاوبك..أعتقد أن البداية كانت في التوتر الشديد الذي أصابك في الفترة الأخيرة من حياتك والتي تحدثنا عنها قبل قليل.فمتى بدأت أعراض مرضك بالظهور..؟

ماكسويل: بدأت في عام 1877 أشكو من ألم في معدتي، وبقيت أتألم بصمت مدة سنتين إلى أن استشرت في النهاية طبيبا في بداية عام 1879، ورحت اذبل تدريجيا طيلة الصيف حتى استسلمت أخيرا للموت ضحية سرطان المعدة، يوم 5 تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 1879، وكنت ما ازال شابا نسبيا فقد كنت في الثامنة والأربعين من عمري.

نيوتن: كانت وفاتك المبكرة هذه خسارة للعلم بلا شك. على كل حال اشكرك ضيفنا العزيزعلى هذه الحلقة المميزة التي صحبتنا خلالها في ربوع سيرة حياتك التي قد تكون قصيرة بعض الشيء لكنها مليئة بالانجازات العظيمة التي قلما تجتمع في حياة شخص واحد، لقد كنت بحق كما قيل عنك من القلة المميزة في عالم الفيزياء الرحب.

أعزائي الأعضاء الذين تابعوا معنا هذا اللقاء المثير، وكما هي العادة ..أشكر باسمكم جميعا عالم الفيزيـــاء الشهير جيمس كليرك ماكسويل في ختام حلقتنا لهذا اليوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى