مقالاتمواضيع العدد ١٣

ثورة الكوانتم

ثورة الكوانتم

ثورة الكوانتم

E =hv

اعلانات جوجل

في السابع عشر من ديسمبر 1900

أعلن ماكس بلانك فرضية الكوانتم بأكاديمية العلوم ببرلين مستهل طريق جديد في البحث العلمي منحت جائزة نوبل 11 مرة في الكوانتم ومرة في الكيمياء

من قبل كنا نتعامل مع ميكانيكا نيوتن ولكن بقيت عديد من القضايا العلمية النظرية والتجريبية دون تفسير مقنع وقد تمت محاولات استخدام قوانين الفيزياء الكلاسيكية لشرح سلوك المادة على مستوي التدريج الذري وقد فشلت ولم تنجح على الاطلاق في تفسير ظواهر متعددة منها: اشعاع الجسم الأسود والظاهرة الكهروضوئية وانبعاث الخطوط الطيفية من ذرات الغاز.

ان أي شخص لم تصـدمـه نظرية الكوانتم (الكـم)، لا بـد أنـه لـم يـفهمـهـا. رغما من احساسه بها من خلال المحمول ومكوناته وغيره من الأجهزة الالكترونية المتقدمة بأنواعها المختلفة.

فيزياء الكوانتم هي المسؤولة عن إطلاق ثورة DNA والثورة البيوجزئية و(تكنولوجيا النانو) وثورة الأجهزة الميكرو الكترونية وإدخال ماسحات الأشعة المقطعية والبوزيترون وغيرها، وقد ساعدت فيزياء الكوانتم على تغيير طريقة اجراء البحث الطبي وطبيعة التجارة العالمية والمعاملات البنكية حيث أعطتنا أيضا الترانزستور والليزر والميزر الهيدروجين الذري وطنًانُ السيزيوم ذو الحُزمة الذريًة والرنين المغنطيسي بأنواعه.

وفيزياء الكوانتم ضاعفت قدرة الكومبيوتر ليصبح فائق السرعة وأجهزة لقياس الوقت متناهية الدقة من خلال المراقبة المباشرة لجزئيات الكوانتم الفردية والتحكم ورصد حركتها دون تدميرها (نوبل 2012) مع تطوير مصائد لصيد جزئيات صغيرة مشحونة (أيونات) وجزيئات ضوئية (فوتونات) استنادا الي فيزياء الكوانتم كما ستسهل امكانية تطوير تقنية الساعات الحديثة التي تعطي التوقيت المناسب لبرامج الفضاء والستاليت وصولا الي توقيت المعاملات المصرفية في البنوك.

منذ زمن سحيق تساءل الناس عن طبيعة المادة التي صنع منها الكون وقد اعتقد اليونان أن الكون صنع من عناصر أربعة هي: الماء والهواء والتراب والنار بالإضافة الي الأثير.

واعتقد الفليسوف ديموقريطس أنه من الممكن تحطيم هذه العناصر الأربعة الي الذرات أي أجزاء صغيرة وأمدًتنا الآن ثورة الكوانتم بوصف كامل تقريبا للمادة. لقد أرجعت ثورة الكوانتم التي توصل لها فيزيائيون مثل شرودنجر، دي بروجلي، هيزنبرج، بورن، ديراك، بوهر، آينشتاين سر المادة إلى أن الطاقة ليست مستمرة ولكنها تحدث في حزم متقطعة تدعي الكوانتم (الفوتون) هو كم المجال المغنطيسي أو حزمة من الضوء والفونون هو كم ارتجاج الشبيكة البلورية وللجسيمات تحت الذرية لها صفات الجسيمات والموجات في آن واحد وتخضع لمعادلة محددة معادلة شرودنجر الموجية الشهيرة التي تحدد امكان وقوع أحداث معينة وبهذه المعادلة أمكن التنبؤ بخواص مواد متنوعة قبل تصنيعها في المعمل، وكان النموذج القياسي الذي يمكن التنبؤ بمواصفات كل شيء من الكواركQuarks  الي النجوم الضخمة في الفضاء الخارجي وهي ذروة ما أنجـزتـه نظرية الكوانتم.

وللجسيمات تحت الذرية لها صفات الجسيمات والموجات في آن واحد وتخضع لمعادلة محددة وهي معادلة شرودنجر الموجية الشهيرة التي تحدد امكان وقوع أحداث معينة وبهذه المعادلة أمكن التنبؤ بخواص مواد متنوعة قبل تصنيعها في المعمل. بالإضافة الي النموذج القياسي الذي يُمكن التنبؤ بمواصفات كل شيء من الكوارك بداخل نواة الذرة إلى النجوم الضخمة في الفضاء الخارجي وهي ذروة ما أنجزته ثورة الكوانتم.

وفي القرن العشرين مكنتنا نظرية الكوانتم من فهم المادة التي نراها حولنا واستحداث مواد جديدة ومتطورة وبالتالي صنفت المواد الي ثلاث: هي: مواد انشائية – مواد وظيفية – ومواد ذكية وهذا جاء من خلال تعمقنا في نظرية الكوانتم وأبعادها العلمية فاستطعنا أن نتحكم في الروابط الذرية والجزيئية وفجوة الطاقة والبناء البلًوري وألأمورفي وما بينهما ومفهوم تكنولوجيا التصغير (النانو) وهي حقل واعد ويعد بأصغر الآلات المحتملة وهي الآلات الجزيئية حيث تمنح تكنولوجيا النانو حقبة جديدة من عصر البيولوجيا والبيوتكنولوجيا وعلم الكيمياء الناعمة وكل منهم متعلق بفيزياء وكيمياء الكوانتم وفي مجال التحكم في الذرات المفردة لصنع الأدوات النانوية وأن المثير هو الاعتقاد بأن هذه الآلات قد تستطيع التقاط الجزئيات من البيئة وجعلها تعيد انتاج ذاتها أي القدرة على صنع نسخ منها.

ولولا امتلاك مفهوم الالكترون بفضل الكوانتم بمعني عملية الابتعاث أو امتصاص الطاقة من قبل الذرات أو الجزيئات لا تتم بنحو متواصل ولكن على مراحل (كمات-Quanta) والكوانتم هو أصغر مقدار من الطاقة أن يوجد مستقلا، فعندما تطورت فيزياء الموصلات وأنجبت الكومبيوتر العملاق ومنه كومبيوتر الكوانتم “نوبل 2012 ” ولولاها لما استطاع العقل البشري أن يتعامل مع عشرات الألاف من المورثات ”عصر الهندسة الوراثية“ ومشروع الجينوم البشري. والتمكن من السيطرة على الجين المسبب لبعض الأمراض السرطانية.

تكنولوجيا أشباه الموصلات في تصنيع الالكترونات الدقيقة والدوائر المتكاملة التي تحتوي على عدد كبير من الترانزستورات والثنائيات الكهربية والمكثفات والملفات مما ساهم في تطوير الصناعات الالكترونية المسموعة والمرئية واختراق الفضاء والأقمار الصناعية والكاميرات الإلكترونية فنحن نعيش في حضارة انسانية من التوقد الفيزيائي لثورة الكوانتم أو للثورة الكمومية.

امتدت ثورة الكوانتم العقود الثلاثة الأولى من القرن العشرين ثلاثين عاما من أروع وأخصب الحقب في ملحمة العلم والعقل البشري امكن تفسير خصائص التبلور في المواد الصلبة استنادا الي قواعد ميكانيكا الكوانتم والميكانيكا الموجية”شرودنجر – دي بروجلي ” الاتحاد بين ميكانيكا الكوانتم والميكانيكا الموجية أدت الي تثبيت مفهوم التوحيد بين المجال الكهربي والمجال المغنطيسي ”المجال الكهرومغنطيسي أصبح واضح لدينا الآن“

وتقوم فيزياء القرن العشرين على أربع قوي أساسية في الطبيعة ”Quantum Field هي القوة الكهرومغنطيسية والقوة النووية الشديدة والقوة النووية الضعيفة وقوة الجاذبية أو التثاقل النيوتوني وفي العام 1971 تمكن العلماء عبد السلام وواينبرج وجلاشو من توحيد المجال الكهرومغنطيسي والمجال النووي الضعيف في اطار الكوانتم فحصلوا على جائزة نوبل عام 1979 تم قطع شوط  جزئي محدود في التوحيد  يبن هذا المجال ومجال القوة النووية الضعيفة (القوة الكهروضعيفة) كما حاول العلماء التوحيد بين القوي الأربع بما فيها الجاذبية في اطار نظرية الكوانتم.

في عام 1999 منحت جائزة نوبل لكل من هووفت وفيلتمان بما قاموا بأجراء عملية توضيح بناء الكم ”بنية الكوانتم“ لتفاعلات الكهروضعيفة في الفيزياء.

عام 2004 منحت جائزة نوبل فيزياء لدافيد جروس ودافيد بوليتسر وفرانك ويلكوسزيك لاكتشاف القوة التي تربط الجسيمات داخل نواة الذرة والقوة الشديدة ”تفاعلات قوية“ وهي تعتبر القوة السائدة بداخل النواة التي تعمل بين الكوارك “القوة اللونية“ بداخل البروتون والنيوترون ، وأوضحت مفهومQuantum Chromodynamics  كما أوضحت مفهوم علمي هام أن العلم أخذ خطوة جادة لتحقيق الحلم الفيزيائي لصياغة نظرية التوحيد في الفيزياء المتضمنة القوة الجاذبية ”توحيد القوي“.

اعلانات جوجل

The theory of how quarks interact with each other “color Charge” because it is similar in its structure to quantum electrodynamics “between Electric Charges”

في عام 2005 منح روي جلايوبر جائزة نوبل لمساهمته المثمرة في نظرية الكوانتم للترابط الضوئي. وأصبح هناك مسميات علمية لمفاهيم علمية هامة لمفهوم ثورة الكوانتم ما يلي:

Quantum Mechanical operator ،-Quantum State،- Quantum theory of Valence،-Quantum Theory of Radiation،-Quantum Theory of Spectra،- Quantum Yield (electrochemical interaction، “Phonon “Quantum lattice vibration”+Photon “Quantum electromagnetic field”) ،-Quantum Detector، -Quantum Wave Equation (”Schordinger equation، Klein-Gordon-Dirac Equations، Rarita-Schwinger Proca Equations). –Quantum Theory of Heat Capacity-Quantum Hydrodynamics –Quantum Electronics-Quantum of Action،،

والغريب هنا أنه يتردد على ألسنة الكثير من الناس النظرية النسبية لأينشتين ويتجاهلون ماكس بلانك مؤسس نظرية الكوانتم الرائعة لما كان لها من الفضل فيما نحن نعيش فيه من تقدم ورفاهية ساهمت في تقارب الشعوب من سهولة وسرعة

اعلانات جوجل

وسائل الاتصال والمعلومات فلا بد من توضيح أهمية دوره وفضله للعامة حيث أننا نعيش في وسط مُكمَي (ماكسي بلانكي).

أدت ثورة الكوانتم الي توضيح أكثر عمقا منها: ”قوالب البناء“”Building Blocks  في علم البلورات: وحدة الخلية. في مجال الميكرو الكترونيك: الدائرة المتكاملة. في مجال البوليميرات: المونومير. في مجال الأنظمة الحية أو المادة الحيوية: Amino acids –Sugars-Fatty Acids Glycerol – Mononucleotides. الفوتون هو الوحدة الأساسية للضوء. الأيون هو الوحدة الأساسية للمادة. الكوانتم يعبر عن قالب البناء للعلوم الحديثة والمعاصرة.

تم تفسير كثير من الحقائق التجريبية مثل ثبات الرابطة الكيميائية والخواص الكهربية –ميكانيكية – مغنطيسية- ضوئية وغيرها للمواد وتفسير نظرية التكافؤ الكُمومية والتي تسمح بربط الكثير من الخواص المختلفة للجزيئات والتنبؤ بها. وأمكن اشتقاق معادلة تفاضلية جزئية (معادلة الموجة الكمومية) تربط العلاقة بالزمان والمكان لدالة موجية من أمثلتها معادلة شرودنجر – معادلات كلاين – جوردون وديراك – راريتا – شوينجر وبروكا.

معايير الطاقة في القرن الحالي هي: الرخص –الوفرة- وعدم النضوب هناك ثلاث احتمالات: طاقة الاندماج النووي –مفاعلات التوليد والطاقة الشمسية وترتبط كل هذه الأنواع بقوانين فيزياء الكوانتم والأمل المعقود علي طاقة الاندماج النووي أن تنير المدن بالقوة الكونية ذاتها التي تمنح الطاقة لشمسنا والنجوم في مجرتنا.

هناك محاولات جادة لبناء مصائد مضاد المادة ويحفظ مضاد المادة بواسطة مزيج من مجالات كهربائية ومغنطيسية وحاليا يجري الفيزيائيين بمعهد ماكس بلانك للبصريات الكمومية بألمانيا استخدام ليزر ثاني أكسيد الكربون لإجبار مضاد الالكترون ومضاد البروتون للقاء بعضهما في المصائد ليشكلا مضاد الهيدروجين، بهدف تحقيق تكنولوجيا محركات من مضاد المادة.

ونستخلص مما سبق أن ثورة الكوانتم نظرية شاملة تحكم قبضتها على الاشعاع والذرة والعالم المتناهي في الصغر، والذي تعجز العلوم الكلاسيكية عن التعامل معه. وفي كل ظاهرة علمية في القرن العشرين والحالي يثبت فرض الكوانتم منذ أولي تطبيقاته كل ما يؤيده ويعززه يظهر فيها ثابت بلانكh  (كوانتم الفعل). وهو أعظم انجاز في ميدان الذرة والأكثر أصالة وعبقرية. وهناك انجاز آخر للكوانتم في الظاهرة الكهروضوئية، وبما أنه لم يعد ثمة تعارض بين المادة والطاقة مع بقائها دائما يمكن أن تنتقل من حالة المادة الي حالة الضوء ونعلم اليوم أن هذا الواقع بالفعل وأصبح الضوء أنقي أشكال المادة وأكثرها تحررا من القصور والشحنة ولقد سقط الحاجز الفاصل بين الضوء والمادة (نوبل2012 تفاعل الضوء والاشعاع مع المادة في العالم الكمي) في حين أنهما معا ليسا الا مظهرين مختلفين للطاقة يمكن أن يأخذ أحدهما مظهر الآخر.

بالإضافة الي ما سبق تم ما يلي :1- اكتشاف  ظاهرة فائقية التوصيل والتوصل الي مواد فائقية التوصيل في الدرجات العالية،2-اكتشاف تأثير شتارك وانفصال الخطوط الطيفية في المجالات الكهربية، 3- وصف التغيرات الحرارية في التفاعلات الكيميائية ،4- اكتشاف النظائر المشعة، 5- تعميق نظرية بوهر“ النموذج الذري واشعاعاته“، 6- والمجهر الالكتروني وبالأخص المجهر الالكتروني النفقي –“ظاهرة النفق“، 7-دراسة الحركة البراونيانية وتوثيق مفهوم البنية المادية الغير مستقرة،8-اذدواجية الطبيعة الموجية \ الجسيمية للمادة، 9 -كمية التحرك الزاوي للإلكترون المربوط في الذرة او الجزيئي ما هي الآ مكًمي،10-دراسة السلوك الماكروسكوبي عند درجات حرارية العالية والمنخفضة أي عند درجات تبريد“”Cryogenic temperature.

وأكتفي بهذا القدر المتواضع لثورة الكوانتم وقبل أنهي هذه المحاضرة أحب أن أنوه عن ثورة العلم الكلاسيكي بأنه كان مجرد انجاز عبقري ونظرية ناجحة بكل المقاييس في مجال محدود وسطحي من الظواهر، أما ثورة الكوانتم هي مرحلة مختلفة تماما من مراحل التفكير العلمي – مرحلة جديدة وابداع علمي جديد تسارعت معها معدلات التقدم العلمي بصورة غير مسبوقة فاقت كل توقع وتخيل. فلنا أن نتخيل إذا اندمجت معها النسبية فبإمكاننا أن نتوقع كل شيء.

أ.د./ مصطفى كمال محمد يوسف

أستاذ فيزياء المعادن –قسم الفيزياء – كلية العلوم – جامعة المنصورة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى