كتب فيزياء حازم سكيك

الفيزياء العامة (1) الميكانيكا

منذ نشأة الخليقة على سطح الأرض شرع الإنسان يتساءل عن كيفية وجود الأشياء وعن سبب وجودها.  هذا التساؤل كان دافعه الطبيعة الفضولية لدى البشر الذين متعهم الله بنعمة العقل والتفكير.  ولكن بسبب جهل الإنسان القديم وخوفه فإنه كان يعزو ظواهر الطبيعة إلى وجود قوى خارقة مجهولة، فعبدها ظاناً أنها المسئولة عن بقائه.  ولكن مع مزيد من الملاحظات والاكتشافات ودافع الحاجة إلى الاختراع والابتكار أدرك أن الطبيعة تحكمها قوانين مترابطة تربط بين نشاطاته كإنسان وعلاقته بالعالم الجامد والعالم الحي على حد سواء.

مقدمة الكتاب

اعلانات جوجل

إن العلم الذي يدرس الطبيعة التي خلقها الله سبحانه وتعالى في تكامل وتناسق إبداعي رائع هو “علم الفيزياء” الذي سمى قديما “علم الطبيعة”.  ولقد استطاع الإنسان البدائي التوصل إلى بعض مفاهيم هذا العلم نتيجة لحاجته للحصول على الطعام فبابتكاره لعملية الصيد بالرمح كان عليه أن يكون مدركاً لكميتين فيزيائيتين أساسيتين هما المسافة والزمن ومن ثم كان عليه معرفة سرعة الجسم النسبية ليتمكن من إصابة هدفه.

في الحقيقة يمكن أن نقول أن علم الفيزياء هو العلم الذي يهتم بالإجابة عن أي سؤال يبدأ بـ “لماذا” فعلى سبيل المثال تساءل العالم نيوتن “لماذا سقطت التفاحة إلى أسفل؟”  وبالإجابة عن هذا السؤال توصل نيوتن إلى وضع القانون العام للجاذبية الذي يربط القوى التجاذبية بين الكواكب والأقمار.  وبعد فهم طبيعة هذه القوى تمكن الإنسان من وضع أقمار صناعية تدور حول الأرض في مدارات ثابتة أفادت البشرية في مجالات عديدة وعلى رأسها مجال الاتصالات.

أهمية علم الفيزياء

إن تطور علم الفيزياء هو نتيجة طبيعية لحاجة الإنسان إلى إيجاد تفسير للظواهر الطبيعية وفهم سلوكها والقوى المؤثرة عليها من خلال استنباط قوانين ترتبط  ببعضها.  إن التطور التكنولوجي الملحوظ في جميع المجالات سواء في الطب أو الهندسة أو الفضاء أو الاتصالات أو الكمبيوتر وغيرها ما هو إلا تطبيقات لنتائج أبحاث واكتشافات فيزيائية.  فعلى سبيل المثال علم الفيزياء هو علم أساسي في مجال الطب يستخدم في تشخيص المرض سواء كان باستخدام أشعة اكس أو النظائر المشعة أو الرنين المغناطيسي أو الأمواج فوق الصوتية حيث تعتبر جميعها تطبيقات لأبحاث واكتشافات فيزيائية ولا يمكن أن يكون هناك علاج بدون تشخيص فكلما تطورت وسائل التشخيص أمكن القضاء على أمراض كانت فتاكة،  أما الهندسة بجميع فروعها ومجالاتها فهي تطبيق عملي لعلم الفيزياء فمثلا تحويل الطاقة الحرارية إلى طاقة حركية أساسها قوانين فيزيائية استخدمها المهندسون الميكانيكيون في تصميم وسيلة النقل والمحرك منذ زمن بعيد. أما بالنسبة لمجال الاتصالات فقد شهد تطورا ملحوظا مع تطور الاكتشافات الفيزيائية فقد أدى اكتشاف الكهرباء وفهم قوانينها إلى استخدامها كوسيلة للاتصالات عن طريق إرسال المعلومات على شكل نبضات كهربائية خلال الأسلاك النحاسية.  وبعد اكتشاف الفيزيائيين لأشعة الليزر والألياف الضوئية تحولت تكنولوجيا الاتصالات من استخدام الكهرباء إلى استخدام الضوء لما في ذلك من ميزات تفوق سابقتها بكثير.  أما بالنسبة إلى علم الكمبيوتر فهو مثال واضح للتطبيقات الفيزيائية فبعد فهم طبيعة المواد وخواصها الكهربية ومن ثم اكتشاف أشباه الموصلات أصبحت هذه المواد البنية الأساسية للدوائر الإلكترونية للكمبيوتر، ولا شك أن التقدم الملحوظ في تكنولوجيا صناعة الكمبيوتر هو نتيجة للتقدم في الأبحاث والاكتشافات الفيزيائية فمثلا احتلت الشاشات التي تستخدم البلورات السائلة محل الشاشات التقليدية فأصبح الكمبيوتر بكل إمكاناته بحجم كتاب صغير.

اعلانات جوجل

من هذه الأمثلة ندرك أن علم الفيزياء هو علم أساسي لفهم باقي العلوم وتطويرها وقد أدركت الدول المتقدمة أهمية علم الفيزياء فشجعت على دراسته وأولته اهتماما كبيرا من حيث دعم الأبحاث العلمية وتشجيعها في مختلف المجالات الفيزيائية.

الشكوى من صعوبة دراسة الفيزياء

من الشائع بين الناس عامة والطلبة خاصة أن مادة الفيزياء صعبة ومعقدة جداً وهذا في حد ذاته غير صحيح فإن دراسة علوم الفيزياء تحتاج من الدارس إلى استخدام مهارته في إمعان الفكر وربط المعلومات السابقة والحديثة مع بعضها ببعض والخروج باستنتاج منطقي مقنع، ولأن علم الفيزياء هو علم تجريبي يعتمد على القياس وبالتالي يحتاج إلى معادلات وقوانين رياضية تربط الكميات الفيزيائية، وغالبا ما يتحول تركيز الدارس لموضوع الفيزياء من الفهم الفيزيائي إلى التعامل مع أرقام مجردة فلا يستطيع فهم معناها ومن هنا يصبح التعامل مع كل مسألة على أنها موضوع درس جديد وقوانين جديدة بالرغم من أن تلك المسألة ما هي إلا تطبيق آخر للقانون نفسه ولكن الشيء الجديد ما هو إلا مجهول آخر فيصاب الدارس بالإحباط لفشله في حل السؤال.  ولكن إذا ما اتبع الأسلوب الصحيح في دراسة هذا العلم فستكون دراسته ميسرة وشيقة جدا.

الفيزياء ليست رياضيات فهناك فرق شاسع بين الاثنتين.  الفيزياء تستعين بالمعادلات الرياضية فقط بعد تحديد الكميات الأساسية التي تؤثر في النموذج الفيزيائي تحت الدراسة وباستخدام المفاهيم الفيزيائية يمكن إهمال تأثير بعض تلك الكميات وبعدها يأتي دور الرياضيات لتحويل العلاقة الفيزيائية إلى معادلة رياضية تحل وتبسط صورتها.

ومن هنا جاءت فكرة تأليف هذه السلسلة من كتب “محاضرات في الفيزياء العامة” التي تتناول دراسة أجزاء أساسية من علم الفيزياء التي يدرسها الطالب في المرحلة الجامعية.  يتناول الجزء الأول من كتاب محاضرات في الفيزياء العامة شرح مبادئ علم الميكانيكا وتطبيقاتها.  وقد راعيت في عرض الموضوعات سهولة العبارة ووضوح المعنى.  وتم التركيز على حل العديد من الأمثلة بعد كل موضوع لمزيد من التوضيح على ذلك الموضوع، وفي نهاية كل فصل تم حل العديد من المسائل المتنوعة التي تغطي ذلك الفصل، هذا بالإضافة إلى المسائل في نهاية كل فصل للطالب ليحلها خلال دراسته.  تم الاعتماد على اللغة العربية في توضيح وشرح بعض المواضيع وكذلك في التعليق على حلول الأمثلة وللاستفادة من هذا الكتاب ينصح باتباع الخطوات التالية:

اعلانات جوجل
  • حاول حل الأمثلة المحلولة في الكتاب دون الاستعانة بالنظر إلى الحل الموجود.
  • اقرأ صيغة السؤال للمثال المحلول عدة مرات حتى تستطيع فهم السؤال جيداً.
  • حدد المعطيات ومن ثم المطلوب من السؤال.
  • حدد الطريقة التي ستوصلك إلى إيجاد ذلك المطلوب على ضوء المعطيات والقوانين.
  • قارن حلك مع الحل الموجود في الكتاب مستفيداً من أخطائك.

يحتوي الكتاب على عشرة فصول، يركز الفصل الأول على الوحدات الفيزيائية وعلم المتجهات والتعامل معها لأنها تشكل الأساس الرياضي للعديد من المفاهيم الفيزيائية،  والفصل الثاني والثالث يتناولان علم ميكانيكا الحركة الخطية من ناحية علم وصف الحركة “الكينماتيكا” ومن ناحية مؤثرات الحركة “الديناميكا”، كما يدرس الفصلان الرابع والخامس الطاقة الميكانيكية والشغل وعلاقتهما ببعض.  يتناول الفصل السادس دراسة قانون الحفاظ على كمية الحركة والتصادمات بأنواعها المختلفة كتطبيق على علم الميكانيكا الخطية، أما الفصل السابع فيركز على مفهوم الحركة الدورانية وأساسياتها مع توضيح التشابه بينها وبين الحركة الخطية.  أما الفصل الثامن فيدرس مفهوم عجلة الجاذبية وقانون الجذب العام لنيوتن وتطبيقاته.  والفصل التاسع يدرس نوعاً آخراً من الحركة هو الحركة الاهتزازية وتطبيقاتها. والفصل العاشر يدرس ميكانيكا الموائع وأساسياتها الفيزيائية وتطبيقاتها العملية.  كما تم في نهاية كل فصل الإجابة على بعض الأسئلة التي تدور حول موضوع الفصل وكذلك تم اختيار عدد من الأسئلة والتمارين للطالب ليتدرب على حلها، كما تم وضع ما يزيد عن مائة مسألة اختيار متعدد في نهاية هذا الكتاب لتغطي فصول الكتاب.

آمل أن أكون قد قدمت لأبنائنا الدارسين من خلال هذا العمل المتواضع ما يعينهم على فهم واستيعاب هذا الفرع من فروع المعرفة. كما أتقدم بالشكر لكل من يقدم نصيحة حول هذا الكتاب وموضوعاته.

والله من وراء القصد

د./ حازم فلاح سكيك

اعلانات جوجل

جامعـة الأزهـر – غـزة

2001

 

الدكتور حازم فلاح سكيك

د. حازم فلاح سكيك استاذ الفيزياء المشارك في قسم الفيزياء في جامعة الازهر – غزة | مؤسس شبكة الفيزياء التعليمية | واكاديمية الفيزياء للتعليم الالكتروني | ومنتدى الفيزياء التعليمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى