ما هي المفاعلات النووية؟
المفاعلات النووية عبارة عن منشآت ضخمة يتم فيها السيطرة على عملية الأنشطار النووي حيث يتم الأحتفاظ بالأجواء المناسبة لأستمرار عملية الأنشطار النووي دون وقوع انفجارات اثناء الأنشطارات المتسلسلة. يسخدم المفاعلات النووية لأغراض خلق الطاقة الكهربائية و تصنيع الأسلحة النووية و ازالة الأملاح والمعادن الأخرى من الماء للحصول على الماء النقي و تحويل عناصر كيميائية معينة الى عناصر اخرى وتصنيع نظائر عناصر كيميائية ذات فعالية اشعاعية واغراض اخرى.
يعتبر أنريكو فيرمي عالم في الفيزياء من ايطاليا والذي حاز على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1938 و غادر ايطاليا بعد صعود الفاشية على سدة الحكم واستقر في نيويورك في الولايات المتحدة من اوائل من اقترحوا بناء مفاعل نووي حيث اشرف مع زميله ليو زيلارد الذي كان يهوديا من مواليد هنغاريا على بناء اول مفاعل نووي في العالم عام 1942 وكان الغرض الرئيسي من هذا المفاعل هو تصنيع الأسلحة النووية. في عام 1951 تم وللمرة الأولى انتاج الطاقة الكهربائية من مفاعل أيداهو في الولايات المتحدة.
يتوقع بعض الخبراء نقصا في الطاقة الكهربائية في المستقبل البعيد نتيجة ظاهرة انحباس حراري سببتها أنشطة بشرية مثل تكرير النفط ومحطات الطاقة وعادم السيارات وغيرها من الأسباب وهناك اعتقاد سائد ان الطاقة النووية هو السبيل الأمثل لسد هذا النقص في المستقبل.
يتكون اي مفاعل نووي من الأجزاء التالية:
- مركز المفاعل وهو الجزء الذي يتم فيه سلسلة عمليات الأنشطار النووي.
- السائل المتحكم في حرارة المركز ويستعمل الماء عادة للتحكم في سرعة عمليات الأنشطار النووي وكواقي من الأشعاع المنبعث من العملية.
- حاويات تحيط بمركز المفاعل و السائل المتحكم في حرارة المركز لمنع تسرب الأشعاعات الناتجة من الأنشطار النووي.
- محولات حرارية للتحكم في حرارة السائل المتحكم في حرارة المركز.
مولدة كهربائية عملاقة
لغرض تحفيز سلسلة عمليات الأنشطار النووي في مركز المفاعل النووي يستعمل ما يسمى بالوقود النووي والتي هي في الغالب اليورانيوم-235 او البلوتونيوم-239 والفكرة تكمن في تحفيز انشطار في انوية ذرات اليورانيوم-235 او البلوتونيوم-239 لايصالهما الى مرحلة ما يسمى الكتلة الحرجة.
لتوضيح مفهوم الكتلة الحرجة تصور ان هناك كرة بحجم قبضة اليد مصنوع من مادة اليورانيوم-235 , بعد تحفيز اولي لعملية الأنشطار النووي بواسطة تسليط حزمة من النيوترون على الكرة سيتولد 2.5 نيترون جراء هذا الأنشطار الأول لنواة ذرة اليورانيوم-235 وهذا يكون كافيا لبدأ انشطار ثاني في كل الأجزاء المتكونة من الأنشطار الأول واثناء هذه السلسلة المتعاقبة من الأنشطارات في نواة الذرات يفقد الكثير من النيوترونات المتكونة الى سطح الشكل الكروي ولكن كمية النيوترونات المتكونة في الداخل كافية لادامة عمليات الأنشطار وهنا يأتي دور الكتلة الحرجة التي يمكن تعريفها بالحد الأدنى من كتلة مادة معينة كافية لتحمل سلسلات متعاقبة من الأنشطارات .
اذا كان العنصر المستخدم في عملية الأنشطار النووي ذو كتلة يتطلب تسليطا مستمرا بالنيوترونات لتحفيز الأنشطار الأولي للنواة فان هذه الكتلة تسمى الكتلة دون الحرجة.
اذا كان العنصر المستخدم في عملية الأنشطار النووي ذو كتلة قادرة على تحمل سلسلات متعاقبة من الأنشطار النووي حتى بدون اي تحفيز خارجي بواسطة تسليط نيوترونات خارجية فيطلق على هذه الحالة الكتلة الفوق حرجة وهي المرحلة المطلوبة لتصنيع القنبلة النووية.
تعتبر أستراليا، وكازاخستان، وكندا، وجنوب أفريقيا، والبرازيل، وناميبيا من اكبر الدول المصدرة لليورانيوم وتباع عادة بسعر يتراوح من 80 – 100 دولار للكيلوغرام الواحد وبعد الحصول عليه يتم طحنه وتحويله الى مايسمي بالكعكة الصفراء التي يتم تحويلها فيما بعد الى يورانيوم هيكسافلوريد uranium hexafluoride ويتم بعد ذلك عملية اخصاب اليورانيوم.
تخصيب اليورانيوم
عملية التخصيب عبارة عن عزل نظائر عناصر كيميائية محددة Isotope separation من عنصر ما لغرض زيادة تركيز نظائر اخرى للحصول على مادة تعتبر مشبعة بالنظير المطلوب على سبيل المثال عزل نظائر معينة من اليورانيوم الطبيعي للحصول على اليورانيوم المخصب و اليورانيوم المنضب. وتتم عملية التخصيب على مراحل حيث يتم في كل مرحلة عزل كميات اكبر من النظائر الغير مرغوبة حيث يزداد العنصر تخصيبا بعد كل مرحلة لحد الوصول الى نسبة النقاء المطلوبة.
على سبيل المثال اليورانيوم المخصب عبارة عن يورانيوم تمت زيادة نسبة نظائر اليورانيوم-235 فيه وازالة النظائر الأخرى. وعملية التخصيب هذه صعبة و مكلفة وتكمن الصعوبة ان النظائر الذي يراد ازالتها من اليورانيوم شبيهة جدا من ناحية الوزن للنظائر الذي يرغب بالابقاء عليها و تخصيبها ويتم عملية التخصيب باستخدام الحرارة عبر سائل او غاز لتساهم في عملية عزل النظائر الغير المرغوبة وهناك طرق اخرى اكثر تعقيدا كاستعمال الليزر او الأشعة الكهرومغناطيسية.
وتبلغ نسبة اليورانيوم-235 الذي يراد تخصيبه من اجمالي ذرة اليورانيوم الطبيعي نسبة 0.7% فقط ولكن هذا الجزء هو المرغوب فيه لكونه اخف من ناحية الكتلة من الأجزاء الأخرى من اليورانيوم الطبيعي . الجزء المتبقي من اليورانيوم الطبيعي بعد استخلاص جزء اليورانيوم-235 يسمى اليورانيوم-238 . تم تخصيب اليورانيوم لأول مرة في الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية حيث تم بناء 3 من المفاعلات النووية في ولايات تينيسي و أوهايو و كنتاكي وكانت الطريقة المستعملة عبارة عن ضخ كميات كبيرة من اليورانيوم على شكل غاز يورانيوم هيكسافلوريد uranium hexafluoride الى حواجز ضخمة تحوي على ملايين الثقوب الصغيرة جدا وبهذه الطريقة يتم انتشار اليورانيوم-235 (وهو الجزء المطلوب) بسرعة اكبر نسبة الى اليورانيوم-238 (وهو الجزء الغير مرغوب فيه لكونه اثقل) وتم استغلال الفرق في سرعة الأنتشار وجمع كميات هائلة من اليورانيوم-235 وتمتلك الولايات المتحدة يورانيوم مخصب من النوع العالي الخصوبة بنسبة 90%.
المشاكل
المشكلة الكبرى تكمن في كيفية التخلص من المخلفات النووية في المفاعلات النووية وعادة ما يوضع المخلفات في احواض مائية كبيرة لمدة عشرات السنين لغرض ابطاء عمليات التحلل الأشعاعي ويتم بعد ذلك صب الفولاذ و الكونكريت على هذه الأحواض.