سؤال وجواب

ماذا لو تمكنا من السير بسرعة اكبر من سرعة الضوء؟

ماذا لو تمكنا من السير بسرعة اكبر من سرعة الضوء؟

اذكر عندما كنا صغارا كنا نندهش من رجل السوبرمان وكيف ينطلق بسرعة اكبر من سرعة رصاصة، وكيف كان يلحق قذيفة مدفعية ليتمكن من التقاطها وتغير مسارها. بالرغم من غرابة هذا الامر الا ان رجل السوبرمان يخضع لقوانين نيوتن حيث ان موضعه وحركته في الفراغ يجب ان تقاس بالنسبة لمحور اسناد ساكن. فاذا كانت سرعته اكبر من سرعة الرصاصة لتمكن من تجاوزها واذا كانت سرعته نصف سرعة الرصاصة فان معدل ابتعاد الرصاصة عنه ستكون بمعدل نصف سرعتها وهكذا.

في مطلق القرن العشرين كان العلماء مقتنعين تماما بصحة قوانين نيوتن وشموليتها، إلى ان تقدم العالم البرت اينشتين بتغير كل شيء. في العام 1905 نشر اينشتين نظريته للنسبية الخاصة، والتي وضعت فرضية تنص على انه لا يوجد محور اسناد مرجعي مفضل أو مطلق. كل شيء حتى الزمن هو نسبي. من نتائج النظرية النسبية الخاصة ان قوانين الفيزياء تطبق بشكل متساوي على كل محاور الاسناد المتحركة بسرعة ثابتة. وايضا سرعة الضوء 300,000 كيلومتر في الثانية هي ثابتة ولا تعتمد على حركة المراقب او حركة المصدر الضوئي. طبقا لاينشتين، اذا كان رجل السوبرمان يلحق بشعاع ضوئي بسرعة تصل لنصف سرة الضوء فان الشعاع الضوئي سوف يستمر بالابتعاد عن سوبرمان بنفس سرعته 300,000 كيلومتر في الثانية.

قد تبدو لنا هاتين الفرضيتين او النتيجتين انها بسيطة بشكل مخادع الا ان لها تداعيات تدهش العقل والمنطق. من احد اهم النتائج التي توصلت لها النظرية النسبية الخاصة مبدآ تكافؤ الكتلة مع الطاقة من خلال المعادلة المشهورة E = mc² حيث ان E هي مقدار الطاقة وm هي كتلة المادة وc هي سرعة الضوء. طبقا لهذه المعادلة فان الكتلة والطاقة لها نفس الكينونة الفيزيائية سوف  ويمكن ان تتحول الطاقة إلى كتلة او ان تتحول الكتلة إلى طاقة. بسبب هذا التكافؤ فان طاقة اي جسم بسبب حركته سوف تزداد كتلته. بمعنى ان الاجسام التي تتحرك بسرعة اكبر تمتلك كتلة اكبر. هذا فقط يمكن ملاحظته عندما تتحرك الاجسام بسرعات هائلة جدا. اذا تحرك جسم بسرعة تصل إلى 10% من سرعة الضوء فان كتلته سوف تتضاعف.

اذا اقترب جسم من سرعة الضوء فان كتلته تزداد بشكل كبير. اذا حاول الجسم ان ينطلق بسرعة 300,000 كيلومتر في الثانية فانه كتلته تصبح لا نهائية، وبالتالي الطاقة التي تلزمه ليتحرك بها. لهذا السبب فانه لا يوجد جسم عادي يمكن ان يتحرك بسرعة تساوي سرعة الضوء او اكبر منها.

اما الاجابة على السؤال موضوع هذا المقال فهي على النحو التالي:

لقد قمنا تقريبا بالاجابة على السؤال فيما ورد اعلاه لكن ماذا لو افترضنا ان جسم يتحرك بسرعة تصل تقريبا لسرعة الضوء؟ في هذه الحالة فاننا نتوقع ان تحدث بعض الظواهر العجيبة. من احد هذه الظواهر هو ما يعرف بالتأخير الزمني time dilation، والذي يصف كيف ان الزمن يتحرك ببطأ للاجسام المتحركة بسرعة كبيرة. اذا قمت برحلة بواسطة مكوك فضائي يتحرك بسرعة تصل إلى 90% من سرعة الضوء فان مرور الوقت بالنسبة لك سوف يكون بمعدل النصف. سوف تقدم ساعتك 10 دقائق بينما تقدم ساعة الاشخاص على الارض بمقدار 20 دقيقة.

اعلانات جوجل

كما انك سوف تتعرض لبعض الشواهد المرئية الغريبة مثل ظاهرة الزيغ البصري aberration والتي تعكس ان مجال الرؤية امامك سوف ينحصر إلى نفق طويل. علاوة على انك سوف تلاحظ ظاهرة دبلر القصوى التي تجعل الامواج الضوئية القادمة من النجوم امامك تتجمع فوق بعضها البعض مما تجعل الجسم يبدو ازرق اللون. والامواج الضوئية القادمة من النجوم خلفك سوف تتمدد وتبدو باللون الاحمر. وكما كانت حركتك اسرع كلما ازداد البعد في اتجاه الازرق وفي اتجاه الاحمر حتى ننتقل من الطيف المرئي إلى الغير مرئي. وبالتالي تختفي الاجسام تماما وتضمحل في الخلفية.

 

الدكتور حازم فلاح سكيك

د. حازم فلاح سكيك استاذ الفيزياء المشارك في قسم الفيزياء في جامعة الازهر – غزة | مؤسس شبكة الفيزياء التعليمية | واكاديمية الفيزياء للتعليم الالكتروني | ومنتدى الفيزياء التعليمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى