كيف تكون عالم في الفيزياء؟
لا شك أن علم الفيزياء علم ممتع وشيق وفيه من الإثارة والغرابة الشيء الكثير، كما أنه علم يجذب الأذكياء والعباقرة والمفكرين والعلماء لأهميته الحياتية وتفسيره لكثير من الظواهر الطبيعية والكونية التي تعود الإنسان سؤال عنها. وأن ما يميز هذا العلم اعتماد التطور التكنولوجي الذي نراه اليوم عليه، بالإضافة أنه علم رحب وواسع حتى أنه يعد من أكثر العلوم فروعاُ. يحظى الفيزيائي خصوصاً في الدول المتقدمة بمكانة مرموقة في المجتمع فهو يعمل كأستاذ جامعي، أو باحث في مراكز البحث العلمية التي لا تكاد تخلو من فيزيائي، أو عامل في المصانع الحكومية والتجارية، أو موظف في المستشفيات خصوصاُ في قسم الطب النووي والإشعاعي، أو موظف في شركات الكهرباء، أو موظف في شركات الكمبيوتر.
إذا كنت طالب علم في الفيزياء أو سوف تصبح كذلك، أو كنت أستاذ في الفيزياء، فالخطوات التالية سوف ترشدك عملياً لتصبح عالم في الفيزياء:
أولاً: عليك بتقوى الله، والاستقامة على منهجه القويم. قال تعالى: “وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ” الآية توضح متى ما عبدت الله حق عبادته، فتح الله عليك أبواب العلم من حيث لا تحتسب. لا يخفى عليك كمسلم بأن الله هو عالم الغيب والشهادة، العليم، الحكيم، الخبير، وهو الذي آتنا العلم وعلمنا ما لم نكن نعلم. فالمسلم الفطن هو من يكون قريب من الله عز وجل في قوله وعمله، ويدعو ربه أن يعلمه ويزيده من العلم. قال الشافعي:
شَكَوْتُ إلَى وَكِيعٍ سُوءَ حِفْظِي فَأرْشَدَنِي إلَى تَرْكِ المعَاصي
وَأخْبَرَنِي بأَنَّ العِلـْمَ نُورٌ ونورُ الله لا يهدى لعاصي
ثانياً: عليك بالجد والاجتهاد في طلب العلم. فإنه بمقدار ما تزرع من إطلاع في العلم بمقدار ما تحصد وتجني من ثماره. أن تصبح عالم في الفيزياء فإن هذا الهدف كبير من نوعه فبالتالي يتطلب من مجهود وطاقة كبيران لتحقيقه. ليس هناك شيء مكتسب بدون بذل مجهود أو شغل كما نسميه في الفيزياء.
ثالثاً: حتى تكون عالم في الفيزياء، فإن هذا يتطلب منك وقت يتراوح من 10-15 سنه.
رابعاً: حتى تكون عالم في الفيزياء، أولاً عليك بدراسة كتب الفيزياء التي تدرس في المرحلة الثانوية. وبعد التمكن منها تبدأ بالدراسة النظامية في إحدى الجامعات أو تقوم بالدراسة بمفردك مع مساعدة المتخصصين في العلم. خلال هذه الدارسة التي قد تمتد لأربع أو خمس سنوات ابدأ في دراسة أمهات الكتب المؤلفة في علم الفيزياء. تبدأ أولاً بدراسة ميكانيكا نيوتن، ثم النظرية الكهرومغناطيسية، ثم البصريات، ثم الفيزياء الذرية والنووية، ثم الفيزياء الإشعاعية، ثم النسبية الخاصة والعامة والكونيات، منتهياً بعلم ميكانيكا الكم. ثم تنتقل لمرحلة الماجستير حيث تدرس المواضيع السابقة بشيء من التوسع، وبعدها مرحلة الدكتوراه التي سوف تدرس فيها مواضيع متقدمة في علم الفيزياء مع كتابة بحث مطول في إحدى هذه المواضيع.
خامساً: التمكن من اللغة الإنجليزية. تعتبر اللغة الإنجليزية لغة العلم في العصر الحالي، فأغلب البحوث العلمية الموجودة في الساحة هي باللغة الإنجليزية. ليس هناك الكثير من الكتب والبحوث العلمية الفيزيائية المترجمة إلى اللغة العربية.
سادساً: لابد وأن تكون على دراية كبيرة بلغة الفيزياء التي هي الرياضيات. حتى تكون عالم في الفيزياء، خصص وقت وجهد كبير لفهم هذه اللغة التي تفسر بها الفيزياء.
سابعاً: حتى تكون عالم في الفيزياء فيجب أولاً أن تكون محب لهذا العلم ليتاح لك أن تبدع وتصل إلى درجات متقدمة من العلم فيه.
ثامناً: حتى تكون عالم في الفيزياء، حاول أن تنمي حب الاستطلاع والاكتشاف لديك، واحصل على درجة كبيرة من الفضول لمعرفة الكون والظواهر الطبيعية من حولك.
تاسعاً: حتى تكون عالم في الفيزياء، هناك مهارات من الأفضل اكتسابها مثل مهارة البحث العلمي، مهارة حل المشكلات من الأفضل لك أن تتدرب على حل المشاكل الفيزيائية المدرجة في الكتب أو غيرها بشكل متكرر، بالإضافة إلى مهارة المنطق والشك العلمي.
عاشراً: اختلط بأساتذة الفيزياء في الجامعات واستفد من علمهم وتجاربهم، ناقش النظريات العلمية والأشياء التي تصعب عليك معهم. في نفس الوقت اقرأ سير علماء الفيزياء الكبار والمخترعين منهم.
الحادي عشر: بعد التمكن من دراسة فروع علم الفيزياء المختلفة، عليك التخصص في فرع واحد تحبه، لتقوم بتجاربك وبحثك عليه وفي النهاية تبرع فيه وتعرف به.
الثاني عشر: تعرف أن علم الفيزياء علم تجريبي، أي يقوم على التجربة العلمية و لا تقوم للنظريات الفيزيائية قائمة حتى تثبت تجريبياً. لذلك يتطلب منك تعلم إقامة التجارب العلمية الفيزيائية فهي بجانب أهميتها ممتعة.
أخيراً: اجعل مسيرتك العلمية ممتعة، يصحبها طموح وهمه وعزيمة، ولا تنسى أن تتوكل على الله في جميع أمورك. وقبل أن أودعك، أذكرك ببعض الأحاديث النبوية في العلم والحث عليه:
عن أبي هُريرةَ رَضيَ الله ُ عنهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى اللهُ عليْه وسَلـَّمَ قال: “مَنْ سَلَكَ طَرِيْـقـَاً يَلْتَمِسُ فيْهِ عِلْمَاً سَهَّلَ اللهُ لهُ طَرِيْقاً بِهِ إلى الجَنَّةِ “
عن أبي هُريرةَ رَضيَ الله ُ عنهُ قالَ سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ صَلى اللهُ عليْه وسَلـَّمَ يَقُول: “مَنْ خَرَجَ في طَلَبِ العِلْمِ فهو في سَبِيْلِ اللهِ حتى يَرْجِعَ “
عَن أبي أُمَامَةَ رضيَ اللهُ عنهَ أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليْه وسلمَ قالَ: ” فَضْلُ العَالِمِ على العَابِدِ كَفَضْلِي على أدْنَاكًمْ “
قالَ رسول اللهِ صلى اللهُ عليْهِ وسلَمَ: ” لا حَسَدَ إلاَّ في اثنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاه اللهُ مَالاً فسَلَّطَهُ عَلى هَلَكتِهِ في الحَقَّ ورَجُلٌ آتَاهُ اللهُ الحِكْمَةَ فَهُوَ يَقضِي بِها وَ يُعَلِمُّها” عَن أبي الدَّرداءِ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليْه وسلَّمَ يَقُولُ: “مَن سَلَكَ طَرِيْقَاَ يَبْتَغِي فِيْهِ عِلْمَاً سَهَّلَ اللهُ لهُ طَرِيْقَاً إلى الجَنَّة وإنَّ المَلائِكَةَ لَتَضَعُ أجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ العِلْمِ رِضَاً بِما يَصْنَعُ وَ إنَّ العَالِمَ لَيَسْتَغفِرُ لهُ مَن في السَّمواتِ ومَن في الأرضِ حَتَّى الحِيْتَانُ في المَاءِ وفَضْلُ العَالِمِ عَلى العَابِدِ كَفَضلِ القَمَرِ على سَائِرِ الكَوَاكِبِ وإنَّ العُلَماءِ وَرَثَةُ الأنبِيْاءِ وإنَّ الأنبِيْاءَ لمْ يُوَرَثُوا دِيْناراً ولا دِرْهَمَاً وَ إنَّما وَرَّثُوا العِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أخَذَ بِحَظٍ وَافِرٍ”