علماءمواضيع العدد ٢٣

حوار بور وآينشتاين

حوار بور وآينشتاين

هنا أقدم لكم في هذا المقال نوع جديد من سرد وفهم آراء العلماء وأفكارهم حول ميكانيكا الكم ولنتخيل سوياً أن رجلين عظيمين يجلسان على طاولة واحدة ونحن جمهورهم. لنبدأ ونستمع هذا الحوار بين العظيمين بور وآينشتاين، حيث يفتتح بور هذا الحوار عن طريق السؤال التالي:

بور: إذا أردنا أن نحدد موقع إلكترون في ذرة ما في مداره فماذا نفعل؟

آينشتاين: نسلط عليه ضوء بطول موجي معين.

بور: هل سيكون الطول الموجي طويل أم قصير؟

آينشتاين: أعلم بم تفكر، وليكن طويلاً.

بور: إذن تريد التضحية بمعرفة موقع الإلكترون.

اعلانات جوجل

آينشتاين: هذا متوقع منك، فلنستخدم طول موجي قصير.

بور: ستعرف الموقع ولكن ستضحي بالزخم.

آينشتاين: بقليل من الابتسامة إذن فأنت تستند على مبدأ صديقك هايزنبرج ولكن يا صديقي هذا لا يروق لي كثيراً، اعتقد أن فيه نقص ما؟، ألا تعتقد بأن هناك طريقة ما تستطيع فيها تحديد كل من موقع وزخم الالكترون في آن واحد؟

بور: واثقاً، لا اعتقد ذلك، فعندما تسلط طول موجي طويل على الإلكترون تنتظم موجة الالكترون من جديد في بعد الطول الموجي للضوء المسلط، وعندما نستخدم طول موجي قصير أي ان الزخم للالكترون كبير وبالتالي نفقد معلومية زخمه.
يصمت بور ليأخذ نفساً ثم يتابع، ربما تكون الطبيعة بهذا الشكل سخيفة ولا معقولة ابداً لكن ماذا نفعل؟، إنها ذات وجهين موجي جسيمي، حيث يظهر احد الوجهؤن إذا توفرت الظروف اللازمة لذلك، انهما وجهان لعملة واحدة تظهر إحداهما في غياب الأخرى.

حوار بور وآينشتاينآينشتاين: ومن يحدد تلك الشروط صديقي.

بور: الراصد.

آينشتاين: إنك كمن يقول بأن الالكترون ليس له موقع محدد قبل عملية القياس.

بور: تماماً

آينشتاين: وهل تعتقد أن ذلك يوافق الحس العام والجمهور الذي يستمع إلينا؟

بور: ومن قال لك بأنني أهتم بالحس العام وما سيقوله العلماء والجمهور، كل ما يهمني إيجاد معادلات رياضية تعطي نتائج تتفق بالأخير مع التجارب، ولا أعتقد بأن معادلاتنا هي شيء مقدس وثابت كوني، إنها قابلة للتغيير على مر الأزمنة، إن جميع الخصائص المتغيرة للنظام في العالم الذري ليست على حالة محددة قبل عملية الرصد، وحتى لو افترضنا جدلا بأنها توجد على حالة محددة قبل عميلة الرصد، فإنك لن تستطيع وبأي طريقة كانت بأن تعرف تلك الحتلة دون أن تغيرها.

آينشتاين: وماذ عن الخصائص الثابتة كالكتلة والشحنة وكمية الدوران المغزلي؟

بور: كما قلت لك، إنني لا اهتم بما نقول نحن عن الطبيعة، فكما نطلق عليها نحن خصائص ثابتة، نستطيع تصورها ثابتة، قبل عملية الرصد، إنه تصورنا نحن وهذا ما يهمني.

آينشتاين: إذن كيف تعيش في عالم لا تؤمن به بوجود قوانين السببية والحتمية؟ وأننا كمراقبين فيه نؤثر فيه.

بور: إن ما أقوله ينطبق على عالم الكم فقط، لكن بالنسبة لعالمنا المرئي فإن الطبيعة تعلم كيف تتدبر أمرها جيداً، حتى نؤمن بالسببية والحتمية وعدم تأثيرنا فيهما.

آينشتاين: وفي عالم الكم؟

بور: عندها لن يكون إلا قانون واحد!، وهو عدم وجود أي قانون!

آينشتاين: لا تدعنا نسبق الأحداث كثيراً، إن أهم ركيزة بالنسبة لكم والتي تبنون فلسفتكم عليها هو مبدأ الشك، أود أن اقول لك أنا وبودولسكي وروزن قد كتبنا نشرة تبرهن أن الخصائص المتغيرة للجسيمات الذرية لها كميات متغيرة محددة قبل عملية الرصد، وهذا يبرهن أن مبدأ عدم اليقين فيه نقص ما، إننا نصر على أن أي تجربة من شأنها أن تتناقض مع مبدأي الحتمية والسببية، إنما يكون جهلاً في حقيقة الأمور من ناحيتنا!، إنني أؤمن بوجود عوامل خفية ليست موجودة في معادلات ميكانيكا الكم، وإذا ما أحطنا بشكل كامل بسير هذه العوامل، سنحصل بالتأكيد على للصورة الكاملة للعالم القائم على الحتمية والسببية.

بور: ستكون أول اعمالي القادمة رؤية عملكم.

يقف الإثنان ويمسكا أيدي بعضهما وبحرارة، ونصفق لهما نحن كإثنين نقشا إسمهما بالذهب في علم الفيزياء.

أ./ أحمد خشان

بكالوريوس فيزياء - جامعة الأزهر

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. ‏مقال جميل يصير فيه الكاتب عدم رضا أينشتاين لي نتائج ميكانيكا الكم ومن وقانون عدم اليقين لهايزنبرغ. ‏وقد عبارة عن رفضه بالجملة الشهيرة إن الله لا يلعب بالنرد. ‏

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى