المعجلات النووية
ان الهدف من المعجل هو توجيه الاجسام المشحونة في شكل شعاع باكسابه طاقة حركة باتجاه الهدف من خلال تطبيق مجالات كهربية ومغناطيسية وهناك عدة انواع من هذه المعجلات يتكون المعجل بصفة عامة من مصدر للجسيمات المشحونة مثل الكترونات منبعثه من فتيلة ساخنة او من ذرات متأينة حيث تنطلق هذه الجسيمات المشحونة تحت تأثير فرق جهد كهربي يتراوح من إلى 10 مليون فولت. يتم تحديد مسار هذه الجسيمات المعجلة لتكون شعاع ينطلق باتجاه الهدف, ويكون داخل المعجل مفرغ من الهواء (تحت ضغط منخفض) لتفادي تشتت الجسيمات المعجلة عند تصادمها مع ذرات الهواء.
تصنف المعجلات إلى ثلاثة اقسام بناء على الطاقة المستخدمة للتعجيل وهي على النحو التالي:
(1) المعجلات المنخفضة الطاقة: حيث تنتج جسيمات معجلة بطاقة تصل تتراوح بين 10 إلى 100 مليون الكترون فولت وفي اغلب الاحيان تستخدم هذه المعجلات لدراسة تشتت الجسيمات المعجلة بتفاعلها مع مادة الهدف
(2) المعجلات ذات الطاقة المتوسطة: حيث تنتج شعاع من الجسيمات المعجلة بطاقة تفوق 100 مليون الكترون فولت لتصل 1000 مليون الكترون فولت. وعند هذه الطاقة يتم دراسة تصادم النيوكليونات مع أنوية العناصر وقد سنتج عن هذه التصادمات توليد جسيمات اخرى مثل الميونز وفي هذا المعجلات يتم دراسة القوى النووية والتحقق تركيب النواة.
(3) المعجلات ذات الطاقة العالية: وهي تنتد شعاع من الجسيمات المعجلة بطاقة تفوق 1000 مليون الكترون فولت. ويكون الغرض من هذه المعجلات هو انتاجح جسيمات جديدة من خلال اصطدام هذه الجسيمات المعجلة بأنوية العناصر ومن ثم دراسة خصائص الجسيمات الناتجة. وقد تم تصميم معجلات نووية تصل طاقة التعجيل فيها إلى 10000000 الكترون فولت.
الاجزاء الرئيسية للمفاعل
(1) مصدر الجسيمات المشحونة Ion source: وهو المصدر الرئيسي للجسيمات المعجلة ويتكون من غاز متأين بواسطة التفريغ الكهربائي ويتم استخلاص الجسيمات ذات الشحنة الموجبة من خلال الكترود سالب ذو جهد 10000 فولت.
(2) ناقل الشعاع beam optics: وهو عبارة عن عدد من الموجهات المكونة من اجهزة كهربية ومغناطيسية لتوجيه الجسيمات المعجلة في المسار المحدد لها داخل المعجل وهي بمثل العدسات في الضوء وتعتمد على قوة لورنز Lorentz force
F = q(vxB)
(3) الهدف Target: وهو المادة التي توضع في نهاية المعجل بهدف التجربة تحت الدراسة فمثلاً تجربة nuclear spectroscopy حيث يتم دراسة مستويات الطاقة ومساحة المقطع فإن الهدف في هذه الحالة يكون شريحة سمكها 10ميكرون، اما في حالة دراسة انتاج جسيمات ثانوية من تصادم الانوية المعجلة مع الهدف فإن الهدف يكون سميك يصل سمكه إلى 10 سنتميتر بحيث يمتص طاقة الجسيمات المعجلة. وفي كلا الحالتين يتم تبريد الهدف حتي لاتتغير درجة حرارته مع تصادم الجسيمات المعجلة معه.
(4) الكاشف Detector: وهي الجزء الأساسي الذي تعتمد عليه القياسات المراد الحصول عليها من التجربة مثل تحديد نوعية الجسيمات الناتجة من التصادم وطاقتها وزمن بقاءها وتوزيعها الزاوي وهذه الكواشف علم قائم بحد ذاته وسنخصص مقالاً منفصلا للحديث عنها.
أنواع المعجلات
(1) المعجل الكهروستاتيكي Electrostatic accelerator
(2) معجل السكلترون Cyclotron accelerator
(3) المعجل الخطي Linear accelerator
(4) معجل السنكتورن Synchrotrons
(5) المعجل التصادمي Colliding-Beam accelerator
المعجل الكهروستاتيكي Electrostatic accelerator
ابسط انواع المعجلات التي تستخدم لتعجيل الجسيمات المشحونة خلال فرق جهد ثابت من خلال العلاقة E = qV حيث V فرق جهد التعجيل ويصل إلى 10 مليون فولت وq شحنة الجسيمات المعجلة وE طاقة الحركة للجسيمات. وهذا يعني ان الطاقة التي يمكن ان يكتسبها الجسيم المعجل تصل إلى 10 مليون الكترون فولت لكل وحدة شحنة وهذه الطاقة كافية لدراسة التركيب النووي للنواة.
اول معجل تم تصميمه على هذا الاساس كان في 1932 بواسطة العالمان Cockcroft and Walton حيث وصل فرق جهد التعجيل إلى 800 الف فولت واعتمد مبدأ عمله على شحن مكثفات على التوازي ومن ثم تحويلها إلى توصيل على التوالي من خلال الدائرة الموضحة في الشكل.
وتسمى هذه الطريقة بمضاعفة فرق الجهد voltage multiplication ةاستخدم في اول تجربة نووية في التفاعل التالي:
P + 7Li → 4He+4He
وفي الوقت الحالي فإن هذا النوع من المعجلات يعتمج على مولد فانديجراف الذي طوره العالم Van de Graaff في عام 1932.
وتعتمد فكرة عمل مولد فانديجراف على مبادئ الكهربية الساكنة حيث نعلم ان الشحنة الكهربية تستقر على سطح الموصل في الحالة الكهروستاتيكية وتنقل الشحنة الكهربية من خلال حزام من مادة عازلة وفي اغلب الاحيان من الحرير ويحصل الحزام على الشحنة الكهربية من جهاز corona discharge وهو رأس مدبب من مادة موصلة مطبق عليه فرق جهد عالي يصل الى 20 الف فولت وعند الرأس المدببة حيث تزداد كثافة الشحنة علية يحدث تفريغ كهربي يعمل على تأيين الهواء فتندفع الايونات الموجبة بقوة التنافر في اتجاه الحزام المتحرك حاملاً شحنة موجبة إلى القشرة الكروية التي تشكل مكثف كهربي من مع الأرض. وهذه فكرة عمل هذا المولد فعندما يتم شحن الموصل الداخلي تنتقل الشحنة إلى القشرة الكروية المتصلة مع الموصل الداخلي كما في الشكل وتستقر الشحنة على السطح الخارجي للقشرة وتعتمد قيمة الشحنة على العلاقة
V = Q/C
حيث C سعة المكثف وQ الشحنةو V فرق الجهد الناتج ومن الناحية النظرية فإنه يمكن ان يزداد الجهد الكهربي إلى مالانهاية لان سعة المكثف لانهائية وكلما ازادادت قيمة الشحنة ازدادت قيمة الجهد ولكن من الناحية العملية فإن قيمة عالة للجهد الكهربي يوئدي إلى تأيين الهواء ويصبح موصل مما يؤدي إلى وضع حد لزيادة فرق الجهد الكهربي الممكن الحصول عليه. وللتغلب على هذه المشكلة يتم وضع مولد الفانديجراف في حاوية تحتوي على غاز عازل كهربيا مثل غاز SF6 عند ضغط 10 إلى 20 ضغط جوي
يمتاز مولد فانديجراف عن مولد والتن كوكفورت باثبات قيمة فرق الجهد وهذه مهمة جداً في دراسة مساحة مقطع التصادمات النووية لدراسة مستويات الطاقة النووية.
تمتلك العديد من الجامعات الامريكية والمراكز البحثية مولد الفانديجراف وفي الصورة التالية نلاحظ مختبر مجهز بمولد فاندجراف.
حيث نلاحظ على اليمين من الصورة مولد الفاندجراف داخل مستودع يحتوي على غاز عازل والجسيمات المعجلة تنطلق داخل الانبوب وفي الوسط مغناطيس يعمل على دوران الجسيمات المعدلة باتجاه الهدف على يسار الصورة.
من المولدات المتطورة المعتمدة على مولد فانديجراف مولد تاندم فانديجراف Tandem Van de Graaff والموضح في الشكل التخطيطي التالي:
ويمكن الحصول على فرق جهد 20 مليون فولت ويستخدم هذا المعجل في دراسة تفاعل الأيونات الثقيلة. ونلاحظ على يسار الصورة المغناطيس الذي يعمل على حرف الجسيمات المعجلة وكذلك المغناطيس الذي يعمل على توجيه الجسيمات إلى عدة مسارات مختلفة لكل مسار يخصص تجربة محددة.
معجل السكلترون Cyclotron accelerator
جهاز السنكلترون يعد جهاز حديث تم تصميمه في 1934 ويستخدم في تعجيل الجسيمات المشحونة إلى سرعات هائلة تستخدم في تجارب التصادمات النووية. وهنا ايضا يستخدم كلا من المجال الكهربي والمجال المغناطيسي لهذا الغرض.
فكرة العمل
يتكون السنكلترون من وعائين منفصلين على شكل الحرف الانجليزي D مفرغين من الهواء لتقليل احتكاك الجسيمات المعجلة مع جزيئات الهواء. يطبق فرق جهد متردد على طرفي الوعائين ويطبق مجال مغناطيسي عمودي على الوعائين كما هو موضح في الشكل.
يتم اطلاق الجسيمات المراد تعجيلها في وسط المنطقة الفاصلة بين الوعائين لتأخذ مسار دائري وتعود إلى الوسط الفاصل في فترة زمنية قدرها T/2 حيث T هو الزمن الدوي.
وبضبط تردد فرق الجهد المطبق بين الوعائين لقلب قطبيتهما ليتوافق مع وصول الجسم المشحون للمنطقة الفاصلة حيث يكون مجالا كهربياً يكسب الشحنة دفعة لتزيد من سرعته وبالتالي يزداد نصف قطر الدوران للجسم المشحون تدريجياً حتى يصل إلى نصف قطر الوعاء وعندها يخرج الجسيم المشحون من المعجل (السنكلترون) بسرعة كبيرة تعتمد على المعادلة
v = qBr/m
وهذا يعني ان سرعة الجسيمات المعجلة تتناسب طرديا مع المجال المغناطيسي المطبق وعلى نصف القطر.
اول معجل تم تصنيعه على هذا الاساس بواسطة Lawrence and Livingston في بيركلي بالولايات المتحدة في 1931 وكان نصف قطره 12.5 سم والمجال المغناطيسي 1.3 تسلا وهذا انتج بروتونات معجلة بطاقة 1.2 مليون الكترون فولت. وبعد عدة سنوات تم تطوير معجل السنكلترون ليصل نصف قطره إلى 35 سم وطاقة تعجيل البروتونات تصل إلى 10 مليون الكترون فولت. وفي نهاية 1930 تم بناء معجل سنكلترون نصف قطره 75 سم وطاقة تعجيل البروتونات تصل إلى 20 مليون الكترون فولت.
في الصورة التالية معجل سنكلترون في مختبر Argonne National Laboratory حيث يتضح المغناطيس العلوي والسفلي كذلك تظهر الصورة شعاع الجسيمات التي تنطلق من المعجل نتيجة تأينها للهواء.
المعجل الخطي Linear accelerator
يدعى هذا المعجل باسم ليناك Linac وفيه يتم تعجيل الجسيمات المشحونة على مراحل بواسطة فرق جهد متردد كما في السينكلترون ولكن الفرق ان مسار الجسيمات المشحونة يكون في خط مستقيم حيث لا نحتاج الى المغناطيس الباهظ التكلفة. يتكون المعجل الخطي كما في الشكل التوضيحي التالي من عدة سلسلة من الالكترود ذات الشكل الاسطواني والتي ترتبط ببعضها البعض من خلال مصدر فرق جهد متردد.
تكتسب الجسيمات المعجلة طاقتها من الفجوة بين الاسطوانات نتيجة لفرق الجهد المطبق عليها وفي داخل الاسطوانة حيث لا يوجد مجال تندفع الجسيمات تحت تأثير قوة اندفاعها لفترة من الزمن تساوي نصف الزمن الدوري لفرق الجهد المتردد لحين تغير قطبية فرق الحهد المطبق على الاسطوانة التي تليها.
وتعتمد فكرة عمل المعجل الخطي على التزامن بين الطاقة التي يكتسبها الجسيم المشحون بين الاسطوانات مع المجال الكهربي المتردد المطبق على الاسطوانات ولضبط هذا التزامن فإن طول الاسطوانة يصمم بناء على سرعة الجسيمات المعجلة بعد كل مرحلة، فإذا كان نصف الزمن الدوري للجهد المطبق هو t/2 فإن طول الاسطوانة رقم n يعكى بالمعادلة
Ln = vnt/2
وطاقة الحركة المكتسبة بعد مرورها من الاسطوانة رقم n يعطى بالعلاقة
1/2 mvn2 = neVo
ومن المعادلتين السابقتين يكون طول الاسطوانة n
عند خروج الجسيمات المعجلة من الاسطوانة تتعرض إلى مجال كهربي كما في الشكل التوضيحي التالي:
مثال على المعجل الخطي هو المعجل الموجود في جامعة ستانفورد في الولايات المتحدة والذي انتج في 1967 ضمن برنامج ابحاث فيزياء الطاقة العالية وهذا المعجل يعطي الالكترونات المعجلة طاقة تصل إلى 1.2 جيجا الكترون فولت 1.2×109 eV والتجارب التي عملت بواسطة هذا المعجل على تشتت الالكترونات المعجلة لتحديد نصف قطر النواة.
معجل خطي في Los Alamos Meson Physics Laboratory يبلغ طوله نصف ميل
المعجل التصادمي Colliding-Beam accelerator
يستخدم المعجل التصادمي في مجال الفيزياء النووية ذات الطاقة العالية لانتاج جسيمات جديدة من خلال تحويل اكبر قدر ممكن من طاقة حركة الجسيمات المعحلة إلى طاقة تكوبن (كتلة) لجسيمات جديدة. افترض شعاع من جسيمات مثل البروتونات تم تعجيلها لتصطدم بهدف من ذرات الهيدروجين لتنتح جسيمات جديدة X كما في المعادلة التالية:
P + P → P + P + X
يجب ان تكون طاقة الحركة اكبر من طاقة تكوين الجسيمات المنتجة ولحساب طاقة الحركة المطلوية