المؤشرات الليزرية
بقلم الاستاذة سارة سالم القماطي: مؤشر الليزر أداة شبيهة بالقلم، يصدر منها شعاع ليزر ويمسكها المحاضر بيده أثناء الشرح للتأشير على النقاط التي يريد توضيحها للمحاضَرين، وحزمة الليزر الصادرة من المؤشر تنتج نقطة ضوئية صغيرة وبراقة تلفت نظر المشاهدين إلى النقطة المراد شرحها. هذه المؤشرات التي تعمل بأشعة الليزر مفيدة، لكنها قد تشكل خطرا كبيرا على الصحة إذا أسيئ استخدامها، وقد حذرت منظمة الصحة العالمية من إساءة استخدام تلك الادوات التي حلت محل المؤشرات المصنوعة من الخشب.
أكد البروفسور جون هايوود وهو أحد علماء الفيزياء المتخصصين في “الليزر في الصحة العامة” في تقرير له أن المسألة في غاية الخطورة على الصحة العامة، إذ أن تلك الأقلام تباع بوصفها أدوات وألعابا في آن واحد، ولكنها في أيدي الأطفال أخطر من السكين، فالاطفال هم أطفال، لا يدركون خطورة الأشياء وسوء استخدامهم لبعض الأدوات التي تقع بين أيديهم، والتي يمكن أن تسبب الضرر لهم ولمن حولهم. في الماضي كان تلاميذ المدارس وطلبة الثانويات يتخذون قطعا معدنية صغيرة ومرايا صغيرة يستخدمونها لعكس ضوء الشمس على السبورة وعلى زملائهم وعلى المدرس أحيانا… شقاوة!
أمّا هذه الأيام، وبتوفر الأدوات المصنوعة من الليزر، مثل سلسلة المفاتيح وبعض اللعب والأقلام، وبأثمان ليست باهضة، فقد انتشرت في أيدي الأطفال (التلاميذ والطلبة) وبدأوا يستخدمونها. وهناك فرق بين أشعة الشمس وأشعة الليزر، فبينما أشعة الشمس المنعكسة هي عبارة عن ضوء متشعب ينتشر في جميع الاتجاهات فان مؤشر الليزر تنبعث منه أشعة ليزر لها الطبيعة التالية:
- اتجاهيتها العالية: أي بإمكانها ان تسير مسافات طويلة جدا (قد تصل الى الاف الكيلو مترات) كحزمة ضوئية دون أن تتفرق.
- شدتها المركزة في مساحة صغيرة جدا: إن الليزرات التي يعبث بها الصبية يزيد تركيزها بمليون مرة عن شدة تركيز أشعة الشمس.
- نقاوتها الطيفية: أي ببساطة نقاوة لونها، حيث أنها لا تبعث أشعة بلونين أو خليطا أو بلون غير ثابت، بل هي اشعة أحادية اللون. لذلك فإن شبكية العين تلتقطه بتركيز أكبر، ومن ثم فإن أشعة الليزر الشديدة يمكن أن تضر العين حتى إذا كانت تنبعث من مسافة بعيدة.
المؤشرات الليزرية ليست بلعبة! وهذه قصة حصلت لفتاة في السادسة عشر من عمرها. كان لديها مؤشر ليزري تلهو به وتستعمله بطريقة عشوائية، فحدث أن عرضت عينيها لشعاع الليزر مرتين (لحظتين)، وأخبرت والديها بما حصل لها؛ فبعد التعرض الأول لأشعة الليزر، صارت ترى الأشياء كلها خضراء اللون، وبعد التعرض الثاني لأشعة الليزر لم تستطع الفتاة الرؤية بعينها اليمنى وحصل لها عمى مؤقت. لقد اشارت الأبحاث إلى أن الشكوى الأولى من تلك الأدوات ترجع إلى عام 1995، حين قدم أحد الأطباء الممارسين في إحدى الهيئات الحكومية الفرنسية تقريرا بذلك إلى
المعهد القومي للأبحاث والأمن، وأوضح فيه هذه الخطورة. وتوالت بعد ذلك عدة تقارير. فقد نشرت صحيفة (لوباريزيان) مؤخرا دراسة أوضحت أن فرنسا ليست البلد الوحيد الذي يجابه تلك المشكلة التي لم يصدر تشريع بصددها، وأنه في بريطانيا أيضا ارتفعت أصوات عديدة تطالب بمراقبة بيع الأقلام وسلاسل المفاتيح التي تصدر أشعة ليزرية، فهناك عدد من المدرسين والطيارين ورجال الشرطة أبلغوا عن تعرضهم لحالات عمى مؤقت وعدم التركيز والصداع، وطبقا لذلك فإن اللجنة الدولية لتحديد المستويات الفنية لأشعة الليزر وضعت خمسة تقسيمات للمؤشرات التي تستخدم الليزر، وهي كالتالي:
- الفئة الاولى: وهي آمنة بحيث لا تتجاوز طاقتها الحد الأقصى من مستوى الإشعاع المسموح به على العين.
- الفئة الثانية: وهي تبعث أشعة مرئية (أي أحد ألوان الطيف) بقدرة منخفضة لا تصل إلى مللي وات واحد، وهي آمنة، ومصدر الأمان هنا هو حساسية العين بالإغماض اللاإرادي عند تعرضها لهذه الأشعة مباشرة، أي بعد ربع ثانية.
- الفئة الثالثة: وهي تبعث أشعة مرئية ولكن بقدرة تصل الى خمسة مللي وات وتنتمي هذه إلى فئة الليزرات التي يعبث بها الصبية.
- الفئة الرابعة: وهي التي تبعث أشعة بألوان مرئية وغير مرئية (سواءا أشعة تحت الحمراء أو أشعة فوق البنفسجية) وبقدرة تصل إلى 500 مللي وات، ويحبذ تجنب انعكاس هذه الأشعة على العين فضلا عن التحديق بها، وهذه الفئة مؤذية للجلد أيضا.
- الفئة الخامسة: وهي ليزرات القدرة العالية وتبعث أشعة مرئية وغير مرئية، وهنا يجب الحذر من انعكاس الأشعة ولو من أسطح خشنة أو معتمة، وهذه الفئة قد تؤدي الى حريق في الممتلكات.
كما سبق وأن ذكرنا، فإن الليزرات التي يعبث بها الصبية تنتمي الى الفئة الثانية والثالثة في الغالب، مما يعني الخطورة شبه المؤكدة على العين، و تزداد خطورتها كلما ضاق عرض الشعاع بحيث يساوي أو يقل عن بؤبؤ العين، لا سيما إذا وجه مباشرة إلى العين، وخطورته تكون على الشبكية أكثر من غيرها، فالشعاع يمكن أن يسبب في الفترة الأولى انبهارا بسيطا (عمى مؤقتا )، وهذا ناتج من حدوث تفاعل كيميائي شديد للمواد الصبغية الموجودة في خلايا الشبكية المركزية، أما إذا تعرضت العين لحزمة ليزرية قوية ومتواصلة، فيمكن أن يؤدي هذا الى إتلاف الرؤية و ربما انفصال الشبكية وفقدان البصر في أسوء الاحوال.
نصائح لتجنب أضرار المؤشرات الليزرية:
- لا تؤشر بمؤشر الليزر على أي شخص، فهذه المؤشرات قد صممت للمساعدة على توضيح المواضيع والأجسام غير الحية.
- لا يسمح للأطفال وطلبة المدارس استخدام مؤشرات الليزر بدون رقابة.
- لا تسلط الليزر على مرآة او أي سطح عاكس لانه في بعض الاحيان يكون الشعاع المنعكس له تأثير تماما كالشعاع المباشر.
- قبل استعمال مؤشرات الليزر يجب أن يكون لدى الشخص خلفية عن الضرر الذي يسببه سوء استخدام هذه المؤشرات، ومدى الخطورة الناتجة عن ذلك.
لا تشتري مؤشر الليزر ما لم يكن عليه ملصق فيه بيانات عن نوعية الليزر المستخدم: لونه، شدته، قدرته الخارجية، والمعلومات التي تهمك لاتخاذ احتياط الأمان.
الاستاذة: سارة سالم القماطي
موظفة بمركز البحوث النووية… قسم الليزر