مقالات في الفيزياء

اللون

اللون

اللون يملأ عالمنا بالجمال. فنحن نبتهج بألوان غروب الشمس البهيّ وباللون الأحمر اللامع واللون الأصفر الذهبي لأوراق الخريف، ونُسْحَر ونُفتن بالنباتات الزهرية الجميلة وألوان قوس قزح المتلألئة.كما تؤدي الألوان دورًا مهمًا في إضافة البهجة والأهمية لحياتنا. فمثلا يختار كثير من الناس ألوان ملابسهم بعناية تامة، ويزينون منازلهم بألوان تحدث آثارا جميلة أو مسرة أو متعةً للناظرين. يحاول الفنانون جعل رسوماتهم أكثر واقعية وتعبيرًا باختيارهم وترتيبهم للألوان بتمعن.

تصلح الألوان وسيلة للاتصال والإخبار. ففي الرياضة توضِّح الألوان المختلفة لأزياء اللاعبين الفرق التي ينتمون إليها. في الطرق، تفيد إشارات المرور الحمراء السائقين الأمر بالوقوف، والخضراء السماح بالمرور. في الخريطة الملونة، يمكن أن يرمز اللون الأزرق للأنهار ومصادر مياه أخرى، واللون الأخضر للغابات والحدائق، واللون الأحمر للطرق.. إلخ .

تُستخدم أسماء الألوان في عدة تعبيرات شائعة لوصف الأمزجة والأحاسيس. تؤدي الألوان أيضًا دورًا مهما في الطبيعة. فالألوان البراقة لعدد كبير من أكمام الأزهار تجذب نحوها الحشرات. ويمكن أن تساهم هذه الحشرات في تلقيح الأزهار، وبالتالي، تجعل النباتات تنتج بذورًا وثمارًا. وتجذب الفواكه الزاهية الألوان، العديد من أنواع الحيوانات آكلة الفواكه والتي تلفظ بذور الفواكه عبر الرَّوث، فتنبُت هذه البذور أينما وقع روثها. وبهذه الكيفية يمكن أن تنتشر النباتات المنتجة للفواكه انتشارًا طبيعيًا إلى مساحات جديدة.

الاتصال بوساطة الألوان

تستخدم الألوان عادة لتعبر عن الأمزجة ولتوصيل المعلومات. فاستخدام الألوان الزرقاء في لوحة الفنان بابلو بيكاسو المسماة عازف الجيتار العجوز ـ الشكل الأيمن أعلاه ـ يحدث شعورًا بالحزن والوحدة. تلفت الألوان المثيرة لإشارات النيون ـ الشكل العلوي الأيسر ـ انتباه الناس. وتساعد ألوان زي لاعبي كرة الرجبي ـ الشكل السفلي الأيسر ـ المشاهدين في معرفة الفرق التي ينتمي لها اللاعبون.

وتساعد الألوان بعض الحيوانات في جلب قرائن لها. فمثلا، ينشر الطاووس ريشه ذا الألوان الساطعة الزاهية عندما يغازل أنثاه. وتساعد ألوان عدد كبير من الحيوانات في الهروب وتفادي الأعداء. فمثلا، أرانب القطب الشمالي لها فراء ذات ألوان سمراء داكنة في الصيف. ويتحول لون فرائها في الشتاء إلى اللون الأبيض مما يجعل من الصعب رؤية الأعداء لهذه الأرانب في الثلج.

اعلانات جوجل

وبالرغم من أننا نتحدث عن رؤية الألوان أو الأشياء إلا أننا لا نراها حقيقة، بل نرى الجانب من الضوء الذي تعكسه أو تصدره هذه الأشياء.

تستقبل أعيننا هذا الضوء، وتحوله إلى إشارات كهروكيميائية. وتنتقل هذه الإشارات خلال أعصاب العين إلى الدماغ؛ الذي يترجمها صورًا ملونة. ومع ذلك مازال هناك الكثير الذي يجهله العلماء عن الكيفية التي تمكننا بها أعيننا وأدمغتنا من الإحساس بالألوان.

نبذة تاريخية

في عام 1864م توقع العالم الفيزيائي البريطاني كلارك ماكسويل وجود الموجات الكهرومغنطيسية. افترض ماكسويل أن المجالين المغنطيسي والكهربائي يعملان سويًا على إنتاج طاقة إشعاعية. وعرف الضوء على أنه أحد أنواع الموجات الكهرومغنطيسية كما توقع وجود موجات غير مرئية.

 وفي عام 1887م أكد عالم الفيزياء الألماني هينريتش هرتز ما توقعه ماكسويل. فقد بيّن أن تذبذب شحنة كهربائية تنتج عنه موجات كهرومغنطيسية أطول بكثير من موجات الضوء المرئي. وقد قاد اكتشاف هرتز هذا إلى تطوير المذياع والتلفاز.

وتبدو بعض الأشياء كإشارات المرور وإشارات النيون ملونة نظرًا لأن الضوء الذي تبعثه يحتوي على مدى محدود من الأطوال الموجية. ومع ذلك، تبدو معظم الأشياء ملونة؛ بسبب تركيبها الكيميائي. وتمتص الأشياء أطوالاً موجية معينة من الضوء، وتعكس الأطوال الموجية المتبقية. فعندما تسقط أشعة الشمس على جسم نباتي كالجزر، مثلا، فإن مكونات الجزر، تمتص معظم الضوء ذي الطول الموجي القصير، وتعكس معظم الضوء ذي الطول الموجي الأطول. وعندما يصل هذا الضوء، ذو الطول الموجي الأطول، إلى أعيننا فإن نبات الجزر يبدو لنا برتقاليًا.

ويبدو الجسم الذي يعكس معظم الضوء الذي يحتوي على كل الأطوال الموجية بكميات متساوية، بالتقريب، أبيض، بينما يبدو الجسم الذي يمتص معظم الضوء الذي يحتوي على كل الأطوال الموجية بكميات متساوية، بالتقريب أسود.

الدكتور حازم فلاح سكيك

د. حازم فلاح سكيك استاذ الفيزياء المشارك في قسم الفيزياء في جامعة الازهر – غزة | مؤسس شبكة الفيزياء التعليمية | واكاديمية الفيزياء للتعليم الالكتروني | ومنتدى الفيزياء التعليمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى