تكنولوجيا الحرب

كيف تعمل الطائرة العمودية “الهليكوبتر”

Indian_air_force_dhruv_helicopter_j4042_arpتعتبر طائرات الهليوكبتر من اكثر الطائرات مرونة بالمقارنة مع الطائرات الاخرى ولها قدرة كبيرة على المناورة في الجو. وهذه المرونة توفر لقائد طائرة الهليكوبتر التحرك بحرية في الابعاد الثالثة وهي ميزة لا توجد في غيرها من انواع الطائرات الاخرى.

ونقصد بالمرونة هنا هي إمكانية الطيران في أي مكان، ولكن يجب أن نعلم أن قيادة هذا النوع من الطائرات يتطلب مهارات عالية من القائد الذي يجب أن يفكر في الابعاد الثلاثة ويستخدم يديه وقدميه في نفس الوقت للحفاظ على الطائرة محلقة في الجو، فيخضع قائد طائرة الهيليوكبتر إلى برنامج تدريب مكثف وانتباه متواصل خلال فترة الطيران.

في هذه المقالة من تفسيرات فيزيائية سوف نقوم بالتعرف على طائرة الهيليوكبتر وقدراتها الغير عادية بالمقارنة بالطائرات الأخرى. وللعلم إن كلمة هيليكوبتر Helicopter ترجع إلى الأصل اليوناني بمعنى الجناح اللولبي.

اعلانات جوجل

مقارنة بين وسائل النقل المعروفة

لفهم كيف تعمل طائرة الهليوكبتر ولماذا فكرتها معقدة بعض الشيء، سنقوم بمقارنتها بوسائل النقل المختلفة مثل القطار والسيارة والطائرة.  وسوف نعرف في النهاية لماذا تميزت الهليوكبتر بمرونتها.

لنبدأ بوصف حركة القطار، فالقطار وسيلة نقل سهلة القيادة وذلك لانه يوجد فقط اتجاهين للحركة الاتجاه الامامي او الخلفي، يحتوي القطار على نظام ايقاف “فرامل” لايقاف القطار في الاتجاهين ولكن لا يحتوي على عجلة قيادة حيث ان حركة القطار محكومة بالقضبان الحديدية التي تغير اتجاه القطار تبعاً لتصميمها.

ولأن القطار يتحرك في اتجاهين فإن قائد القطار يمكنه السيطره عليه باستخدام يد واحدة فقط. أما في حالة السيارة فإنه تتحرك للأمام والخلف مع امكانية ان تغير مسارها لليمين واليسار في كلا الاتجاهين.

اعلانات جوجل

وتحتوي السيارة على عجلة قيادة تدور في اتجاه عقارب الساعة او عكسه لحركة لليمين أو اليسار، ويمكن للشخص ان يقود السيارة بيد واحدة وقدم واحدة.

بالطبع حركة الطائرة في الجو تختلف عن حركة السيارة على الطريق وذلك لان حرية الحركة في الجو تسمح للطائرة بالحركة في اكثر من اتجاه فبالاضافة الى حركة الطائرة للأمام ولليمين واليسار فإنها تتحرك للأعلى وللاسفل ايضاً.

ولكن الطائرة لا تحتاج ان تتحرك للخلف ولهذا فإن الطائرة تتحرك في خمس اتجاهات في حين ان السيارة تتحرك في اربعة اتجاهات.  إن المقدرة على الحركة للأعلى والاسفل يضيف بعد جديد للحركة يجعل الطائرة مختلفة تماماً عن السيارة. وللتحكم في الحركة للأعلى وللاسفل فإن الطائرة تزود بمقوض على شكل عصا الالعاب joystick تتحرك للامام والخلف ولليمين واليسار بدلا من عجلة القيادة الدائرية الثابتة التي تتحرك لليمين واليسار فقط.  كما يوجد دواستين للتحكم في حركة ذيل الطائرة والعجلات.  لذلك يستطيع قائد الطائرة التحليق بالطائرة والسيطرة عليها باستخدام يداً واحدة وقدمين.

اعلانات جوجل

ولكن في طائرة الهيليوكبتر فإنها تستطيع القيام بثلاثة اشياء اضافية لا توجد في الطائرة العادية وهذه هي:

  1.  الهليوكبتر تستطيع الرجوع للخلف
  2.  الهليوكبتر تستطيع الدوران حول محورها في الجو
  3.  الهليوكبتر تستطيع البقاء مكانها محلقة في الجو

في السيارة أو الطائرة لا يمكنها ان تدور لليمين او اليسار الا اذا كانت متحركة ولكن الهليوكبتر تتحرك في اي اتجاه وتدور 360 درجة وهي محلقة في مكانها في الجو.  وهذه المزايا اضافت للهيليوكبتر الكثير من الحرية والمناورة في الطيران مما يتطلب من قائدها الكثير من المهارات، وللتحكم في الهيليوكبتر وقيادتها تحتاج الى استخدام احد اليدين للمقود الخاص بالحركة الانتقالية للامام والخلف ولليمين واليسار والذي يسمى cyclicوتحتاج اليد الثانية في التحكم بالحركة لاعلى والاسفل والتحكم بالسرعة باستخدام مقود خاص يسمى collective. كما ان قدمي قائد الهيليوكبتر تضغط على دواسة التحكم محرك ذيل الهيليوكبتر المسئول على الحركة الدورانية في الاتجاهين. هذا يعني ان التحكم في قيادة الهيليوكبتر يتطلب استخدام كلتا اليدين والقدمين في نفس الوقت.

أجزاء الهليوكبتر

تتكون الهليكبتر من عدة أجزاء وهي موضحة في الشكل التخطيطي التالي:

اعلانات جوجل

أجزاء طائرة الهيليكوبتر

سوف نركز على أهم الاجزاء فيها بالشرح والتفصيل.

(1) المروحة الرئيسية

تزود الطائرة الهيليكوبتر عادة، بمروحة رئيسية تتكون من ثلاث أو أربع شفرات، تعمل بوساطة محرك ذي احتراق داخلي، تدورفي مستوى أفقي فوق جسم الهيليكوبتر، وهي بحركاتها اللولبية في الهواء،تولد قوة شد، كما تفعل أية مروحة أخرى.

في حين إن مروحة الطائرة العادية، تدور في مستوى رأسي أمام جسم الطائرةفتجذبها إلى الأمام . أما مروحة الهيليكوبتر، فتدور في مستوى أفقي، فوقها، وتجذبها إلى أعلى أو تحافظ على ثباتها في الهواء، وبهذا فإن المروحة الرئيسية تعمل على رفع الهيليوكبتر عن الأرض، والصعودرأسيا دون الحاجة إلى ممر الطويل للاقلاع أو الهبوط كما في الطائرةالعادية.

 شكل تخطيطي يوضح المروحة الرئيسية ومروحة الذيل

(2) المروحة المضادة للازدواج

إن الهيليكوبتر جهاز دقيق ومعقدفعند دوران المروحة الرئيسية تضغط على الهواء، وبتأثير رد الفعل تعملعلى تحريك جسم الهيليوكبتر بأكمله في اتجاه مضاد لاتجاه دورانها . ولتجنب هذهالنتيجة المعاكسة وهي التي يسميها الفيزيائيون ” بالازدواج ” توجد ثلاث وسائل. فيمكن مثلا تركيب مروحتين في اتجاهين متضادين سواء على محور واحد( المراوح المتحدة في المحور ) أو كلا منهما عند أحد طرفي الجهاز . وهذهالطريقة الأخيرة، وهي الأكثر استخداما في الهيليكوبتر ذات الحجم الصغيروالحجم المتوسط، تتلخص في استخدام مروحة صغيرة مضادة للازدواج تثبت في وضعرأسي على ذيل الجهاز . وعندما تدور هذه المروحة فإن قوة الشد التي تولدها،توازن الازدواج الذي تحدثه المروحة الرئيسية.

والمروحة المضادة للازدواج يجرى تشغيلها بوساطة موجه يسمح بإجراء تغييرفي معدل حركة المروحة الصغيرة ( مروحة الذيل )، التي يمكن زيادة أو تقليلقوة شدها . وفي هذه الحالات فإن ذيل الهيليكوبتر يتحرك في اتجاه جانبي وبذلك يمكن إدارة الجهاز حول نفسه.

الحركة الانتقالية

لكي تتحرك الهيليكوبتر إلى الأمام فإنها تتحول نوعا ما إلى طائرة عادية، أي أنها تحدث ميلا إلى الأمام في المستوى الذي تدور فيه المروحة. وعندئذ، فإن المروحة الرئيسية تولد قوة شد إلى الإمام، مع استمرارها في المساعدة على توازن الهيليكوبتر. وواضح أنه إذا مال مستوى الدوران إلى الخلف أو إلى أحد الجانبين فإن الهليكوبتر تتحرك إلى الخلف أو إلى أحد الجانبين. كما أنه يمكن تحريك الهيليكوبتر إلى الأمام، بتغيير معدل حركة شفرات المروحة الرئيسية ويتم هذا التغيير عن طريق رافعة تسمى ” جهاز التحكم في الحركة الدوارة”.

مخطط توضيحي لتركيب أجزاء المروحة الرئيسية

  1. يتكون جهاز التحكم في الحركة الدوارة من طبقتين وحدة ثابتة والثانية متحركة كما تظهر في الشكل باللون الازرق والأحمر. يفصل بين الطبقتين طبقة من كرات معدنية bearingsتسمح بحركة الطبقة العلوية المتحركة فوق الطبقة الثابتة.
  2. طبقة الدوران الحمراء تدور مع عمود ناقل الحركة الدائرية والذي يظهر في الشكل باللون الأخضر وتدور معه المروحة نفسها.
  3. اما قضبان التحكم التي تظهر باللون البرتقالي تسمح بتغير مستوى الدوران للمروحة.
  4. يتم التحكم في زاوية الطبقة الثابتة من خلال قضبان التحكم الخاصة به والتي تظهر باللون الأصفر.

 

صورة للمروحة الرئيسية توضح الأذرع الختلفة التي تتحكم في تغير مستو دوران المروحة بالنسبة للمستوى الأفقي، كما تظهر في الصورة الطبقتين الثابتة والمتحركة

 الهبوط

ما الذي يجب على قائد الهليكوبتر أن يفعله ليهبط بها بعد أن تصل فوق هدفها؟ إن الأمر بسيط. كل ما عليه أن يفعله، هو تقليل قوة الحمل في المروحة الرئيسية. ولكي يفعل ذلك، فإنه يعمل على تغيير معدل حركة شفرات المروحة. ومن الناحية العملية، فإنه يعدل بذلك زاوية اصطدام الشفرات بالهواء . وبهذه الطريقة تقل قوة الحمل، وإذا صارت هذه الأخيرة أقل من وزن الهيليكوبتر، هبطت هذه من تلقاء نفسها . فإن الهيليكوبتر تصعد إذا زادت قوة الحمل على وزنها، وتهبط إذا زاد وزنها على قوة الحمل وتظل ثابتة في الهواء إذا تساوت قوة الحمل مع وزنها . وتعود فنكرر أن قوة الحمل تتوقف على معدل حركة شفرات المروحة الرئيسية.

التحليق

يمكن ان يقوم الطيار بتثبيت الهيليوكبتر في الجو وذلك بالتحكم في سرعة دوران المروحة الرئيسية للوصول الى السرعة المطلوبة للحفاظ على توازنها في الجو وهذا يتطلب مهارة كبيرة من القائد.

 استخدامات الهليكوبتر

الهيليكوبتر جهاز عمل لأقصى درجة فهي تستطيع الانتقال إلى أي مكانتقريبا : على الجبال وفي البحار ومناطق الفيضانات والزلازل وعلى الجزرالكبيرة والصغيرة وأعمدة المصابيح الكشافة وأبراج الأسلاك الكهربائيةالضخمة وجبال الجليد والغابات الكثيفة والأنهار ذات الفيضانات العالية،وأسطح المباني، وفي قلب المدن الكبيرة، وفي كثير من الأماكن الأخرى التيتستطيع الطائرة العادية التحليق فوقها، ولكنها تعجز عن التوقف.

ويمكن اعتبار الهيليكوبتر قاعدة للعمليات، يمكن نقلها وإبقاؤها ثابتةفوق المكان المطلوب العمل به . ولذلك فإنها تستخدم الآن في مئات من الأوجهالمختلفة . هذا علاوة على استخدامها في نقل الركاب والبضائع وفي أعمالالمسح الطوبوغرافي وإنقاذ الغرقى، ونقل الجرحى ومد الكابلات ورش المبيداتالحشرية، كما تستخدم في أعمال الرقابة على الغابات، وقطعان الماشية،وإطفاء الحرائق، وأعمال النجدة في حالات الانهيارات، وفي التفتيش علىالخطوط الكهربية الجبلية.

 مزايا الهليكوبتر وعيوبها

إلى جانب ما للهيليكوبتر من مزايا رائعة فإن لها أيضا بعض العيوب، في الوقت الحاضر على الأقل . فهي أولا جهاز دقيق معقد في تشغيله وصعب التوجيه . وعلاوة على ذلك، فهي جهاز يتطلب محركا أقوى كثيرا مما يلزم لطائرة عادية تماثلها في الوزن والقدرة.

الدكتور حازم فلاح سكيك

د. حازم فلاح سكيك استاذ الفيزياء المشارك في قسم الفيزياء في جامعة الازهر – غزة | مؤسس شبكة الفيزياء التعليمية | واكاديمية الفيزياء للتعليم الالكتروني | ومنتدى الفيزياء التعليمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى