تكنولوجيا الحربصدر عن المركز العلمي للترجمة

كيف تعمل القنبلة النووية

كيف تعمل القنبلة النووية

سبق وأن تحدثنا في مواضيع منفصلة عن الإشعاعات النووية وكيفية صدورها، وتطبيقاتها المفيدة في المجال الطبي وفي توليد الطاقة الكهربية، وهنا سوف نتحدث عن الجانب الآخر لاستخدامات الفيزياء النووية وهو القنبلة النووية ذات الأثر المدوي على مسامعنا لما لها من آثار تدميرية تستمر على مدى عقود من الزمن.

من المحتمل بل من المؤكد عزيزي القارئ أنك قرأت أو سمعت عن القنبلة النووية التي استخدمت في الحرب العالمية الثانية، كما انك قد شاهدت في أفلام الخيال العلمي العديد من الأسلحة النووية التي دارت حولها أحداث الفيلم مثل فيلم Fail Safe, Dr. Strangelove, The Day After, Testament, Fat Man and Little Boy  The Peacemaker وهذا جزء بسيط من الأفلام العديدة التي دارت أحداثها حول الأسلحة النووية.  كما نسمع في الأخبار السياسية اليومية عن محاولات عديدة لنزع أو فك الأسلحة النووية أو التخلي عنها والتي تسمى أسلحة الدمار الشامل.

اعلانات جوجل

تجربة عملية لقنبلة نووية أطلقت من دبابة أجريت في عام 1953

تمتلك القنبلة النووية قوة تدميرية مذهلة فمن أين لها هذا؟وهل هناك تعقيدات في تصنيع هذه القنبلة؟ وكيف يتم تفجيرها؟ وما هي أنواع القنابل النووية؟ وكيف تطورت؟ وما هي الآثار المدمرة الناتجة عن استخدامها؟ وماذا يتوقع العلماء أن يحدث لو انفجرت مجموعة من هذه القنابل في مناطق معينة على سطح الأرض؟ كل هذا والمزيد سوف نستعرضه في هذا المقال من كيف تعمل الأشياء(ينصح بالاطلاع على موضوع كيف تصدر الإشعاعات النووية لمتابعة الأسس الفيزيائية الواردة في هذا الموضوع.

 

اعلانات جوجل

تستخدم القنبلة النووية القوة الضعيفة والقوة النووية القوية وهاتان القوتان المسئولتان عن تماسك مكونات النواة المستقرة والغير المستقرة.  لقد سبق وان تحدثنا في مقال سابق عن كيف تصدر الإشعاعات النووية، فهناك طريقتان أساسيتان تنطلق فيهما الطاقة النووية من الذرة وهما: 

  

(1) الانشطار النووي nuclear fission

حيث تنفصل نواة الذرة إلى نواتين متماثلتين مع انبعاث نيوترونات، وهذا كما يحدث في نظائر اليورانيوم مثل يورانيوم 235 أو يورانيوم أو البلوتونيوم 239.

(2) الاندماج النووي nuclear fusion

اعلانات جوجل

حيث يتم في هذه الطريقة دمج ذرتين متشابهتين مثل الهيدروجين أو نظير الهيدروجين (الديتيريوم أو التريتيوم) معاً ليكونا ذرة أكبر مثل الهيليوم أو نظير الهيليوم. وهذه الطريقة التي تنتج فيها الشمس الطاقة الحرارية التي تصلنا.

شكل يوضح نواتين ديتيريوم تندمجان مع بعضهما البعض وتعطي نواة هيليوم 3 وينطلق نيوترون

اعلانات جوجل

شكل يوضح اندماج نواة ديتيريوم مع نواة تريتيوم لتكون نواة هيليوم 4 وينطلق نيوترون

وفي كلا الطريقتين فإن كمية هائلة من الطاقة والإشعاع سوف تتحرر كنتيجة للانشطار النووي أو الاندماج النووي.  ولبناء قنبلة نووية فإن هذا يتطلب الحصول على:

  1. الوقود النووي الذي سيكون مصدراً لعملية الانشطار أو الاندماج النووي.
  2. أداة التفجير
  3. طريقة لجعل كل مادة الوقود تنشطر أو تندمج قبل أن يحدث الانفجار.

  

ملاحظة:القنبلة النووية الأولى كانت من النوع الانشطاري وذلك لأن القنبلة الاندماجية تحتاج إلى قنبلة انشطارية لتوفر لها الطاقة الكافية وسوف نناقش فيما يلي المواضيع التالية: 

 

(1) القنبلة الانشطارية

  • القنبلة الانشطارية Gun-triggered والتي أطلقت على هيروشيما في اليابان عام 1945.
  • القنبلة الانشطارية Implosion-triggered والتي اطلقت على نجازاكي في اليابان في العام 1945.

 (2) القنبلة الاندماجية

  • القنبلة الهيدروجينية الاندماجية Teller-Ulam design والتي تم تجربتها في جزيرة Elugelap عام 1952.

خصائص اليورانيوم 235

القنبلة الانشطارية تستخدم عنصر اليورانيوم  uranium-235 للحصول على الانفجار النووي.  فكما نعلم من خصائص عنصر اليورانيوم أنه عنصر غير مستقر مما يجعله عنصراً مفيداً جداً في الحصول على الطاقة النووية أو في الحصول على القنبلة النووية.  فهو يمتلك خاصية مميزة وهي أنه إذا أطلقت عليه نيوترونات فإنه يمتصها بشراهة فتحدث لنواته الانقسام مباشرة.

التفاعل النووي

في الشكل ادناه نشاهد (1) نيوترون يتجه إلى نواة يورانيوم 235، فتقتنصه نواة اليورانيوم و (2) تنشطر إلى نواتين أصغر كما وينطلق نيوترونين أو ثلاث نيوترونات. تطلق النواتان الناتجتان عن الانشطار أشعة جاما.

ومن الجدير بالذكر أن هناك ثلاث حقائق مهمة تحدث مع الانشطار النووي وهي:

(1) احتمالية اقتناص نواة اليورانيوم 235 نيوترون فيحدث انشطار للنواة وتنطلق 3 نيوترونات تعمل على إحداث المزيد من الانشطارات في أنوية اليورانيوم 235 المتوفر وهذا يؤدي إلى حدوث supercriticality.

(2) تحدث عملية الاقتناص وعملية الانشطار بسرعة كبيرة جداً فهاتان العمليتان تحدثان في زمن قدره بيكوثانية أي 1×10-12 ثانية وهذا زمن قصير جداً.

(3) الطاقة الهائلة المتحررة من الانشطار في صورة حرارة وأشعة جاما سببه أن كتلة نواتج الانشطار (الأنوية المنشطرة والنيوترونات المتحررة) اقل من كتلة اليورانيوم 235.

 

الفرق بين أوزان الكتل قبل الانشطار وبعده تتحول إلى طاقة، حسب معادلة اينشتين لتكافؤ الكتلة والطاقة E=mc2.  أي أن وزن ربع كيلو جرام من اليورانيوم المستخدم في قنبلة نووية ينتج طاقة حرارية تعادل ما يطلقه اشتعال مليون جالون من وقود الجازولين.

وحتى نحصل على هذه الخصائص في اليورانيوم 235 فإن عملية تعزيز enriched لعينة اليورانيوم لتحتوي العينة على 90% على الأقل من يورانيوم 235 يجب أن تتم لتجهيز اليورانيوم ليكون الوقود للقنبلة النووية.

 

الكتلة الحرجة critical mass

في القنبلة النووية الانشطارية فإن الوقود يجب أن يحفظ بحالة كتل منفصلة، تكون كل كتلة أقل من الكتلة الحرجة critical mass حتى لا تحدث عملية الانشطار والانفجار للقنبلة تلقائياً.  والكتلة الحرجة هي أقل كتلة للمادة الانشطارية مطلوبة للوصول إلى حالة التفاعل النووي الانشطاري.  وهذا الفصل يؤدي إلى العديد من المشاكل في تصميم القنبلة والتي يجب أن تحل. ومن هذه المشاكل:

(1) الكتلة المفصولة الأقل من الكتل الحرجة يجب أن تجمع مع بعضها البعض لتكون كتلة أكبر بكثير من الكتلة الحرجة supercritical mass لتوفير العدد الكافي من النيوترونات اللازمة لاستمرار عملية التفاعلات النووية الانشطارية في زمن الانفجار.

(2) النيوترونات الحرة يجب أن توجه إلى الكتلة المجمعة supercritical mass لبدء عملية الانشطار النووي.

(3) يجب توفير الظروف المناسبة لتحدث عملية الانشطار لأكبر قدر ممكن من مادة الوقود (يورانيوم 235) قبل حدوث الانفجار حتى لا تنفجر القنبلة على مراحل.

ولتجميع الكتل الحرجة مع بعضها البعض تستخدم أحد الطريقتين التاليتين:

   (1) Gun-triggered

   (2) Implosion

توفر النيوترونات اللازمة للانشطار النووي في صورة مولد نيوتروني مكون من قطعة صغيرة تسمى الرصاصة من البولونيوم polonium والبريليوم beryllium مفصولة بواسطة شرائح معدنية رقيقة في قلب مادة الوقود.  وفي هذا المولد النيوتروني يحدث التسلسل التالي:

(1) تتمزق الشرائح المعدنية عندما تتجمع الكتل الحرجة لمادة الوقود النووي ويبدأ البولونيوم تلقائيا بإطلاق جسميات الفا.

(2) تتصادم جسيمات ألفا بمادة البريليوم 9 لتتحول إلى بريليوم 8 وعدد من النيوترونات الحرة.

(3) تعمل هذه النيوترونات على بدء عملية الانشطار النووي.

يحدث التفاعل النووي الانشطاري في حيز صغير جداً بالمقارنة مع حجم القنبلة النووية نفسها، حيث يحتوي على مادة الوقود النووي (يورانيوم 235) مركزة جداً تسمى tamper.  ترتفع درجة حرارة tamper ومن ثم يتمدد ويولد ضغطاً كبيراً يسبب في تبطئه عملية التمدد ويعمل tamper على توجيه النيوترونات إلى قلب المادة الانشطارية لزيادة كفاءة الانشطار النووي.

لتوضيح ما سبق سوف نقوم بشرح فكرة عمل أنواع القنبلة النووية الانشطارية في الجزء التالي من الموضوع.

 (1)  القنبلة الانشطارية  Gun-triggered Fission Bomb 

أبسط طريقة لتجميع الكتلة الحركة مع بعضها البعض هي عن طريق إطلاق هذه الكتل واحدة في اتجاه الأخرى كأن يتم إطلاق رصاصة من اليورانيوم 235 على كتلة حرجة من اليورانيوم 235 فتتحول الكتلة المطلوبة للانشطار النووي.  ولذلك فإن هذه القنبلة تحتوي على أنبوبة توضع رصاصة اليورانيوم 235 في أحد طرفيها وخلف هذه الرصاصة مادة منفجرة لتعطي الرصاصة الطاقة الكافية لتنطلق في اتجاه الهدف والذي هو كرة من اليورانيوم 235 موضوعة في الطرف المقابل ومحاطة بالمولد النيوتروني.  باستخدام مجس ضغط ليحدد الارتفاع المناسب لبدء الانفجار فإن عملية التفجير تحدث حسب التسلسل التالي:

 (1) تنفجر المادة المتفجرة الموضوعة خلف رصاصة اليورانيوم فتندفع رصاصة اليورانيوم في اتجاه الهدف وهي كرة من اليورانيوم عبر الأنبوبة الوسطية التي تربط بين طرفي القنبلة (ماسورة التوجيه في الشكل أعلاه).

(2) تصطدم الرصاصة بكرة اليورانيوم ومولد النيوترونات.

(3) تبدأ عملية الانشطار النووي.

(4) تنفجر القنبلة.

تسمى هذه القنبلة بالولد الصغير Little Boy وهي قنبلة ذات مدى تدميري يصل إلى 14.5 كيلومتر أي ما يعادل القوة التدميرية لقنبلة TNTوزنها 14,500 طن.

 

(2) القنبلة الانشطارية  Implosion-Triggered Fission Bomb

في بدايات مشروع مانهاتن Manhattan Project لتطوير القنبلة النووية لاحظ العلماء العاملون في المشروع أن ضغط الكتل الحرجة مع بعضها البعض في شكل كرة تتكون من يورانيوم 235 وبلوتونيوم 239 في الوسط محاط بمادة شديدة الانفجار. فعندما يحدث التفجير فإن الأحداث التالية تتعاقب على النحو التالي:

(1) المادة المنفجرة تحدث موجة صدمية shock wave.

(2) تعمل الموجة الصدمية على زيادة الضغط على قلب المادة النووية (اليورانيوم والبلوتونيوم).

(3) تبدأ عملية التفاعل النووي.

(4) تنفجر القنبلة.

تسمى هذه القنبلة بقنبلة الرجل السمين Fat Man ويبلغ المدى التدميري لها 23 كيلومتر وتنفجر في جزء من الثانية.

  

(3) القنبلة الانشطارية  Modern Implosion-Triggered Design

يعتبر هذا النوع أكثر تطوراً من النوع السابق حيث تم إجراء المزيد من التعديلات ليحدث التسلسل التالي:

(1) المادة المنفجرة تحدث موجة صدمية shock wave.

(2) تعمل الموجة الصدمية على دفع قطع البلوتونيوم بقوة في اتجاه مركز مادة القنبلة.

(3) تصطدم قطع البلوتونيوم خليط من البريليوم والبولونيوم في مركز القنبلة.

(4) تبدأ عملية التفاعل النووي.

(5) تنفجر القنبلة.

صورة للقنبلتين Fat Man على اليمين وLittle Boy على اليسار

في الجزء التالي من هذا المقال سوف نتحدث عن القنابل الاندماجية fusion bombs وتركيبها الداخلي.

القنابل الاندماجية Fusion Bombs

من الجدير ذكره أن القنبلة النووية الانشطارية تعمل وتعطي طاقة هائلة ولكن ليست بكفاءة عالية حيث أن ليس كل مادة اليورانيوم المستخدمة تدخل في الانفجار فعلى سبيل المثال القنبلة النووية الصغيرة little boy  تصل كفاءتها إلى 1.5% فقط في حين أن القنبلة الكبيرة Fat Man تصل كفاءتها 4.5% فقط ولكن القنبلة الاندماجية والتي تعرف أيضا بالقنبلة النووية الحرارية thermonuclear bomb لها مدى تدميري أوسع وكفاءة أعلى من القنابل الانشطارية. وللحصول على قنبلة اندماجية يجب التغلب على المصاعب التالية:

(1) من الصعب الاحتفاظ بمادة الوقود النووي والذي هو غاز الديتيريوم أو غاز التريتيوم (نظائر الهيدروجين).

(2) التريتيوم غاز غير مستقر وله عمر نصف صغير جدا لذلك يجب أن يتم تعبئة القنبلة به باستمرار.

(3) غاز التريتيوم أو الديتيريوم يجب أن يضغط بشدة عند درجة حرارة عالية لبدء التفاعل النووي الاندماجي.

وبداية فان تخزين الديتيريوم يجب أن يتم عن طريق خلطه كيميائياً مع الليثيوم، أما بالنسبة لمشكلة الاحتفاظ بغاز التريتيوم فان ذلك يتم عن طريق استخدام النيوترونات الناتجة عن التفاعل الانشطاري حيث ينتج تريتيوم من الليثيوم أي أن

ليثيوم 6 + نيوترون  ———-<  تريتيوم + هيليوم 4

ليثيوم 7 + نيوترون  ———<  تريتيوم + هيليوم 4 + نيوترون

وعلى هذا الأساس فإنه ليس من الضروري تخزين غاز التريتيوم في القنبلة.

لقد لوحظ أن اغلب الأشعة المنبعثة من الانفجار النووي الانشطاري هي أشعة أكس، وهذه الأشعة يمكن أن توفر الحرارة اللازمة والضغط الكافي لبدء الانفجار الاندماجي لذلك فإن وضع قنبلة نووية انشطارية داخل القنبلة النووية الاندماجية سوف يساهم في التغلب على المشاكل والصعوبات السابقة الذكر.

القنبلة الاندماجية Teller-Ulam

في الشكل أدناه موضح تصميم هذا النوع من القنابل الاندماجية حيث يوجد في داخلها قنبلة انشطارية محاطة بقشرة اسطوانية من tamper يتكون من يورانيوم 238، وفي داخل الـ tamper يوجد الوقود والذي هو عبارة عن الليثيوم وعمود من البلوتونيوم 239 في مركز القشرة الاسطوانية.  يفصل القشرة الاسطوانية عن القنبلة الانشطارية حاجز من اليورانيوم 238 مع رغوة بلاستيكية لملء الجزء الفارغ المتبقي داخل التجويف الاسطواني.  عند تفجير القنبلة تحدث العمليات المتعاقبة التالية:  (استعن بالشكل أدناه لتتبع هذه الأحداث).

مراحل انفجار القنبلة Teller-Ulam

(1) يوضح الرأس النووية للقنبلة النووية الاندماجية Teller-Ulam قبل التفجير.  وفي أعلى القنبلة نلاحظ القنبلة النووية الانشطارية، وأسفلها مكونات القنبلة الاندماجية ومحاطة بالرغوة البلاستيكية.

(2) تنفجر القنبلة الانشطارية أولا وتعطي كمية كبيرة من أشعة اكس التي تعمل على تأيين الرغوة البلاستيكية وتحولها إلى بلازما.

 (3) تعمل أشعة اكس المنبعثة على تسخين المحتويات الداخلية للقنبلة ومادة الوقود tamper ويعمل الحاجز الفاصل على منع انفجار أولي للقنبلة.  فيتسبب ذلك في زيادة درجة حرارة الـ tamper لان يتمدد ويشتعل ليبذل ضغط هائل على الليثيوم.

 (4) يقل حجم الليثيوم نتيجة لضغطه في اتجاه عمود البلوتونيوم.  تتولد موجة صدمية shock wave تعمل على بدء التفاعل الانشطاري في البلوتونيوم.  ينتج عن هذا التفاعل الانشطاري إشعاع وحرارة ونيوترونات.  تنطلق النيوترونات في اتجاه الليثيوم وتتحد معه وتكون التريتيوم.

(5) كمية الحرارة المتولدة والضغط الهائل الناتج كافيان لبدء التفاعل النووي الاندماجي بين التريتيوم والديتيريوم وبين الديتيريوم والديتيريوم لتنطلق المزيد من الحرارة والإشعاع والنيوترونات.  هذه النيوترونات الناتجة تسبب في تفاعل انشطاري في اليورانيوم 238 المكون للـ tamper وللجدار الحاجز.

(6) هذا التفاعل الانشطاري يسبب في إصدار المزيد من الإشعاع وانطلاق المزيد من الحرارة. وتنفجر القنبلة في هذه المرحلة.

كل هذه الخطوات السابقة تحدث في جزء بسيط من الثانية حيث تقدر زمن الأحداث السابقة بـ 600×10-9 من الثانية (حيث يتطلب 550×10-9 ثانية لعملية الانفجار الانشطاري و50×10-9 ثانية للانفجار الاندماجي).  تكون النتيجة انفجار ضخم أكبر بـ 700 مرة من الانفجار الناتج عن القنبلة التي سقطت على هيروشيما.  ويبلغ المدى التدميري لها 10,000 كيلو متر.

 

العواقب والمخاطر الصحية

تفجير قنبلة نووية على هدف مدني مثل مدينة سكنية يحدث دماراً هائلاً.  وتكون درجة الدمار معتمدة على البعد من مركز انفجار القنبلة الذي يعرف باسم hypocenter أو  ground zero. ويحدث الدمار نتيجة لعدة عوامل هي:

(1) موجة الحرارة الشديدة المنطلقة من الانفجار.

(2) الضغط الهائل الناتج عن موجة الصدمة.

(3) الإشعاع الخطير.

(4) الأجسام المشعة التي تعود وتسقط على الأرض بعد الانفجار.

أما عند مركز الانفجار فإن كل شيء سوف يتبخر تماماً بواسطة الحرارة العالية والتي تقدر بـ 300 مليون درجة مئوية.  أما بعيدا عن المركز فإن معظم الضحايا يكونون بسبب الحريق الناتج عن الحرارة المرتفعة ومن الشظايا المتطايرة من المباني المدمرة بفعل موجة الصدمة، كذلك التعرض الشديد للإشعاع.  وأبعد أكثر فإن الضحايا سيكون سببها الإشعاع والحرائق المشتعلة.  وعلى المدى البعيد فإن الأجسام المشعة التي انتشرت في المنطقة على مساحة أرض كبيرة بسبب تطايرها في السماء وبفعل الرياح فإنها من المحتمل أن تلوث مصادر المياه الجوفية وتصيب كل الكائنات الحية في المنطقة بالأمراض حيث تنتهي بالوفاة.

قام العلماء والمختصون بإجراء الدراسات والبحوث على الناجين من تفجيرات هيروشيما ونجزاكي لفهم التأثير على المدى القريب والبعيد الناتج عن الانفجار النووي على الكائنات الحية وعلى صحة الإنسان.  حيث أن المخاطر التي قد تصيب الكائنات الحية ناتجة عن المواد المشعة والإشعاع الذي يؤثر على الخلية الحية ويسبب في تدميرها أو التأثير عليها بشكل يسبب أمراضاً خطيرة جدا مثل اللوكيميا والسرطان والإجهاض وتشويه الأجنة في أرحام أمهاتهم.

هذا ومازالت الدراسات تجرى على آثار تلك القنابل التي أسقطت على اليابان ويتوقع أن يجد الباحثون والفيزيائيون المزيد من العواقب الوخيمة التي لازالت مخفية عنا.

لقد قام مجموعة من العلماء بتوقع ما سيحدث إذا ما تم تفجير مجموعة من القنابل النووية في أنحاء محددة في العالم وصدرت عن هذه التوقعات نظرية أطلق عليها اسم الشتاء النووي nuclear winter والتي تنبأت بسلسلة من الأحداث المدمرة تبدأ بانتشار سحابة هائلة من المواد المشعة تفسد الغلاف الجوي وتحجب الشمس عن الأرض وتمطر الأرض بالغبار الذري المشع مما ينتج عنه تدمير كامل للحياة على الكرة الأرضية، وتقول هذه النظرية أن ما سيحدث هو تماماً أمر مشابه لما حدث للعصر الذي تواجدت فيه الديناصورات والتي أبيدت بالكامل. إن هذه التوقعات يجب أن تأخذ على محمل الجد لأن الطاقة التدميرية الناتجة عن هذه القنابل لا يستهان بها أبداً.

الأسلحة النووية لها قوة كبيرة غير متوقعة وتأثير مدمر على المدى الطويل ينتشر على مسافات كبيرة.  حمانا الله من هذه الأسلحة ومن كل مكروه.

لمزيد من المعلومات يرجى زيارة المواقع على الروابط التالية:

 http://en.wikipedia.org/wiki/Nuclear_weapon_design#Implosion_method

http://www.atomicarchive.com/index.shtml

http://www.pbs.org/wgbh/amex/bomb/sfeature/blastmap.html

 كما يمكنكم الاطلاع على أفلام وثائقية لتجارب تفجيرات نووية على موقع يوتيوب على الروابط التالية:

 

مع خالص تحياتي

د. حازم فلاح سكيك 

 

الدكتور حازم فلاح سكيك

د. حازم فلاح سكيك استاذ الفيزياء المشارك في قسم الفيزياء في جامعة الازهر – غزة | مؤسس شبكة الفيزياء التعليمية | واكاديمية الفيزياء للتعليم الالكتروني | ومنتدى الفيزياء التعليمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى